أكد تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن سكان قطاع غزة جميعاً يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء، محذراً من خطر المجاعة إذا استمر العدوان الإسرائيلي حتى شهر شباط/ فبراير.
وبينت الأرقام الواردة في التقرير الذي نشره التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC) الخميس أن نسبة الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي الحاد والشديد في غزة هي الأعلى على الإطلاق في جميع أنحاء العالم، متجاوزة أفغانستان والسودان.
وذكرت هيئة مراقبة الجوع التابعة للأمم المتحدة أن “جميع” الأسر في قطاع غزة تقريبًا تفوّت وجباتها يوميًا، حيث تقضي أربع من كل خمس أسر في الشمال ونصف الأسر النازحة في الجنوب أيامًا كاملة دون تناول الطعام.
وتشير التقديرات إلى أن 90% من أهالي القطاع يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، المصنف على مستوى “الأزمة أو ما هو أسوأ”، وهو في المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل المكون من خمس مراحل، والذي يُعرف بأنه “أعلى من مستوى سوء التغذية الحاد المعتاد”.
وحذر التقرير من أن ” جميع السكان في قطاع غزة سيصلون إلى مستويات الجوع “الأزمة أو ما هو أسوأ” بحلول 7 شباط / فبراير” إذا تواصل العدوان الإسرائيلي على القطاع.
وتواقع التقرير أن يصل 53% من الفلسطينيين في غزة إلى مرحلة “الطوارئ” من الجوع، والتي تُعرف بأنها “حالة من سوء التغذية الحاد الشديد والوفيات الزائدة” خلال الفترة الواقعة من 7 كانون الأول / ديسمبر إلى 7 شباط / فبراير.
كما رجح وقوع أسرة واحدة على الأقل من كل أربع أسر (26%) في “كارثة الجوع”، وهي المرحلة الأشد خطورة، مما يشير إلى المجاعة والموت.
وتتصدر غزة الآن قائمة التصنيف الدولي للدول التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي الحاد، تليها أفغانستان حيث يواجه 29% من السكان مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، والسودان الذي دفع الصراع حوالي 37% من سكانه إلى مستويات “الأزمة” من انعدام الأمن الغذائي الحاد، المصنفة أيضًا على أنها المرحلة الثالثة من التصنيف الدولي.
وتزامن نشر التقرير مع التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي لتعزيز تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة يوم الجمعة بعدما تأجل التصويت مراراً وتكراراً عليه تحت ضغوط الولايات المتحدة التي عملت على تخفيف لغة مشروع القرار التي كانت تدعو إلى “وقف عاجل ومستدام للقتال”.
وخلص تقرير لجنة السلام الفلسطينية إلى أن كميات “غير كافية للغاية” من المساعدات تصل إلى القطاع منذ فرض إسرائيل “الحصار الشامل” على غزة في 9 تشرين الأول / أكتوبر.
وكانت التقديرات السابقة للعدوان الإسرائيلي تشير إلى أن 1.2 مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، حيث يعيش 80% منهم على المساعدات الإنسانية.
ويخضع معبر رفح بين غزة ومصر لقيود مشددة وقد تعرض لغارات جوية إسرائيلية متعددة منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر، مما أدى إلى تكدس شاحنات المساعدات على الحدود.
وسُمح بتدفق مساعدات إنسانية محدودة عبر المعبر منذ 21 تشرين الأول / أكتوبر، لكن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أعلن أن 100 شاحنة فقط تعبر معبر رفح إلى غزة يومياً، وهو نصف العدد الذي أوصت به الأمم المتحدة.
وقبل بدء العدوان الحالي، كانت نحو 500 شاحنة مساعدات إنسانية تدخل القطاع يوميًا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
وخلص تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش في 18 كانون الأول / ديسمبر إلى أن القوات الإسرائيلية تستخدم التجويع كسلاح في العدوان على غزة، معتبرةً ذلك جريمة حرب.
وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد اعتمد في العام 2018 وبالإجماع قرارًا يعترف بالصلة بين النزاع والجوع و”يدين بشدة” استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب.
ووفقا لمنظمة أوكسفام، فإن أشهر القصف الإسرائيلي المتواصل، إلى جانب نقص الوقود والمياه، جعلت الزراعة في القطاع شبه مستحيلة، ودفعت المخابز ومطاحن الحبوب ومرافق الصرف الصحي إلى نقطة الانهيار.
وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن نقص المياه وضع الماشية على شفا المجاعة وأدى إلى تضرر المحاصيل، في حين أفاد قطاع الأمن الغذائي الفلسطيني أن أكثر من ثلث الأراضي الزراعية في شمال غزة قد تضررت جراء العدوان الإسرائيلي.
وأدانت عليمة شيفجي، الرئيس التنفيذي بالإنابة لمنظمة أوكسفام، دفع غزة إلى المجاعة ووصفت ذلك بأنه أمر “متوقع للغاية ومتعمد”.
وقالت في بيان: ” هذا دليل دامغ على أن العدوان الإسرائيلي دمر النظام الغذائي الهش من الأساس في غزة بشكل كارثي لدرجة أن معظم الناس لم يعودوا قادرين على إطعام أنفسهم وأسرهم”.