الأنظمة العربية أدارت ظهرها لغزة… ألم يحن الوقت لتغيير المسار؟!

الأنظمة العربية خانت غزة وحان الوقت لتغيير المسار

بقلم مهند عياش

ترجمة وتحرير مريم الحمد

في ظل الوضع القائم، الكلمات لا تكفي بكل تأكيد، فقرارات الأمم المتحدة والإدانات الرسمية ليست كافية، كما أن القليل من المساعدات لا يكفي، فكلها كلمات فارغة وأفعال لا قيمة لها في وقت يواجه فيه الشعب الفلسطيني إبادة جماعية، حيث تقتلهم إسرائيل بشكل عشوائي، بهدف تهجيرهم وتدمير بلداتهم ومدنهم.

يتعين على الدول العربية اليوم أن تتحرك نحو خطوة مجدية، فقد حان الوقت للحكومات العربية، بما فيها السلطة الفلسطينية، قطع علاقاته الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل بشكل واضح، ولكن الواقع أن كل الدول لا تستجيب إلا لمصالحها الذاتية، وليس للنداءات الأخلاقية.

إذا أرادوا دخول التاريخ، فيجب عليهم تغيير تفكيرهم جذريًا واتخاذ موقف أكثر جرأة ضد إسرائيل والقوة الإمبريالية الأمريكية، وهذا لا يعني بالضرورة حرباً مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، فمن الممكن أن تعمل الضغوط الاقتصادية والسياسية بفعالية كبيرة، وربما أكثر من أي وقت مضى

ترى الأنظمة العربية حاليًا أن مصلحتها الذاتية مرتبطة بالوضع الراهن، فهي تخشى القوة العسكرية الإسرائيلية، خاصة حقيقة كونها قوة نووية، فإذا ما واجهت إسرائيل، فإنها ستكون في مواجهة القوى الغربية الحليفة لها، وهي لا تريد ذلك، رغم إدراك الدول العربية إلى أن إسرائيل موقع استيطاني استيطاني للغرب، وبما أنهم لا يريدون المواجهة مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة، فقد قرروا العمل ضمن هذه الحدود.

من ناحية ثانية، فإن النخبة السياسية والاقتصادية الحاكمة في العالم العربي تريد الحفاظ على مصالحها الاقتصادية، والتي لا يستفيد منها أغلبية شعوب المنطقة بطبيعة الحال.

روح ثورية

رغم تمكن الأنظمة العربية من قمع الربيع العربي والحفاظ على قوتها من خلال عنف الدولة، المتمثل في السجن والتعذيب والقتل والرقابة والمراقبة الشاملة، فإن الروح الثورية لم تُهزم، ولابد أنها سوف تنهض من جديد وتطالب بإسقاط هذه الأنظمة.

وفي الوقت الذي تنظر فيه النخب السياسية والاقتصادية إلى تلك الروح باعتبارها مشكلة يمكن التحكم فيها والتعامل معها من خلال “التدابير الأمنية”، فإنني أحذر من الخلط بين النتائج القصيرة الأجل والاستقرار طويل الأمد، والأهم من ذلك، الخلط بين الثروة والكرامة والحرية الحقيقية والسيادة.

اليوم، كل الناس في المنطقة العربية يدعمون فلسطين وذلك يعود لأسباب مختلفة، فمن جهة يعد النضال الفلسطيني انعكاسًا لمحنتهم ورغبتهم في الكرامة والحرية، فوقوف الشعب الفلسطيني، بموارد قليلة وبدون دولة رسمية، في وجه كل القوة العسكرية للولايات المتحدة وإسرائيل أمر ملهم.

سرعان ما يتردد صدى ذلك الإلهام ليبدأ الناس بمساءلة أنظمتهم، لماذا فشل النظامان المصري والأردني في التحرك لتخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة؟ أو لماذا لم تستخدم السعودية نفوذ إمداداتها من النفط للضغط على الولايات المتحدة لحملها على وقف دعمها للحرب التي تخوضها إسرائيل؟ ورغم منع الشعوب من التعبير بشكل جماعي عن مثل هذه الأسئلة، إلا أنها تظل في قلوب الناس وعقولهم وتتخلل مناقشاتهم الاجتماعية.

السؤال هنا، هل حكام العالم العربي مستعدون للتحرك والوفاء بوعد إنهاء الاستعمار الحقيقي؟ الشعب جاهز ولا ينقصه إلا  قادته المنتخبون، أولئك الذين لن يقفوا في طريقهم، بل سوف يساعدون في نضال الشعب الفلسطيني من أجل التحرير

إذن، ما هي المصلحة الذاتية لهذه الأنظمة في تغيير المسار الآن؟ الجواب باختصار هو البحث عن الشرعية، فالأنظمة الشمولية لا تتمتع بارتباط مع الأشخاص الذين تحكمه إلا بالخوف، ولكنها إن أرادت رباطاً حقيقياً مع شعوبها، فأسرع طريقة لذلك هي اتخاذ إجراءات ملموسة في وجه إسرائيل والولايات المتحدة، عندها فقط يصبحون أصحاب سيادة حقاً.

متى يظهر قادة حقيقيون يحملون شعلة التحرير الفلسطيني؟ ما زال التاريخ ينتظر ليملأ ذلك السطر، ولكن الواقع هو أن النهج الحالي الذي تتبعه الدول العربية سيجعلها مجرد هوامش في التاريخ، لأن كلماتهم وأفعالهم لا تتعدى كونها مجرد تعبير عن عدم قدرتهم على معارضة المطالب الإمبريالية الأمريكية.

إذا أرادوا دخول التاريخ، فيجب عليهم تغيير تفكيرهم جذريًا واتخاذ موقف أكثر جرأة ضد إسرائيل والقوة الإمبريالية الأمريكية، وهذا لا يعني بالضرورة حرباً مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، فمن الممكن أن تعمل الضغوط الاقتصادية والسياسية بفعالية كبيرة، وربما أكثر من أي وقت مضى.

تتمتع الدول العربية بنفوذ اقتصادي كبير، فقد قطعت البحرين وبوليفيا علاقاتهما الرسمية مع إسرائيل، في حين سحبت تشيلي وكولومبيا سفيريهما، ولابد أن تنضم دول أخرى إلى هذا النهج المتمثل في تكثيف الضغوط السياسية والاقتصادية على الولايات المتحدة وإسرائيل، ليتشكل تحالف عالمي يمكن أن يكون قوة جبارة إذا ما واجهوا القوة الأمريكية بشكل مباشر وصريح بهدف طردها من المنطقة، وبنفس الطريقة، دفع إسرائيل للتخلي عن مشروعها الاستعماري الاستيطاني.

هذا الإجراء من شأنه نقل الحكومات العربية من هوامش التاريخ إلى كتابة فصل جديد فيه، فالظروف مواتية بالفعل، حيث تزداد أعداد الضجرين من  الإمبريالية الأوروبية الأميركية يوماً بعد يوم.

السؤال هنا، هل حكام العالم العربي مستعدون للتحرك والوفاء بوعد إنهاء الاستعمار الحقيقي؟ الشعب جاهز ولا ينقصه إلا  قادته المنتخبون، أولئك الذين لن يقفوا في طريقهم، بل سوف يساعدون في نضال الشعب الفلسطيني من أجل التحرير، لقد حان الوقت الآن ويمكن أن تبدأ بقطع جميع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة