اتهمت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) دولة الاحتلال ومؤسسة غزة الإنسانية المدعوم من الولايات المتحدة بشن “حملة تشويه” تهدف إلى صرف الأنظار عن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، حيث يواجه أكثر من مليوني فلسطيني خطر المجاعة.
وكانت “وكالة الدعاية الحكومية” في دولة الاحتلال قد بثت فيديو مصور زعمت فيه أن تل أبيب “سمحت بعبور مئات الشاحنات إلى داخل غزة، بينما ترفض الأمم المتحدة توزيع المساعدات”، وُوصفت الأونروا في الفيديو بأنها “تخرب عمداً” جهود الإغاثة، وظهرت في الفيديو عشرات الشاحنات وهي متوقفة دون حراك.
لكن جولييت توما، مديرة الاتصال في الأونروا، نفت تلك الادعاءات جملة وتفصيلاً، مؤكدة أن الشاحنات ليست “خامدة” داخل غزة، وأن المساعدات لم تُسلّم بسبب القيود المفروضة على الدخول.
وقالت توما في تصريحات لموقع ميدل إيست آي: “لدينا 6,000 شاحنة محمّلة بالغذاء والدواء عالقة في الأردن ومصر، لم يُسمح لها بدخول غزة، حيث يعاني الناس من الجوع الحاد”.
وفي تطور منفصل، بعث رئيس مؤسسة غزة الإنسانية، القس الإنجيلي جونّي مور، برسالتين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ونائب الأمين العام للشؤون الإنسانية توم فليتشر، دعا فيهما إلى “تصحيح المسار”، متّهماً الأمم المتحدة بـ”الفشل البنيوي” في توزيع المساعدات وتركها مكدسة داخل القطاع.
وكتب مور: “حان الوقت لمواجهة الفشل الهيكلي في إيصال المساعدات إلى غزة، دون تجميل أو تأخير”، مبيناً أن “اعتماد الأمم المتحدة على البنية التحتية الحالية يساهم في عرقلة المساعدات بدلًا من تسهيلها”.
واتّهم مور من سمّاهم بـ “الجهات السيئة” بالتلاعب في تدفّق المساعدات، دون تسميتهم، ودعا الأمم المتحدة للعمل مباشرة مع صندوقه لتوزيع الغذاء “بشكل واسع النطاق”.
في الأثناء، اتّهم سفير دولة الاحتلال لدى الأمم المتحدة، داني دانون، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأنه “آلة دعائية” ضد تل أبيب، متهماً إياه بـ”التقليل عمداً من أعداد الشاحنات التي تدخل غزة”.
“تشتيت عن الجريمة الكبرى”
لكن جولييت توما رأت في تلك الاتهامات محاولة لصرف النظر عن الكارثة الحقيقية المتمثّلة في المجاعة التي تجتاح القطاع، وقالت: “هذه الحملات ليست جديدة، لكنها تشتّت الانتباه عن الأطفال والكبار الذين يموتون جوعًا”.
وأضافت: “منذ 2 آذار/مارس والمساعدات بانتظار الدخول، وفي 18 آذار/مارس، أنهت إسرائيل وقف إطلاق النار الذي كان قائمًا منذ كانون الثاني/يناير، وأبقت على الحصار، نحن بحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية لدخول فرق الأمم المتحدة إلى غزة”.
وأشارت توما إلى أن أكثر من 1,000 فلسطيني استشهدوا جوعًا جراء ما وصفته بـ”الاحتيال في نظام توزيع المساعدات الذي تتبناه مؤسسة غزة الإنسانية”، وأكدت على ضرورة رفع الحصار فورًا، والسماح بدخول المساعدات وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، قائلة: “إذا لم يُتخذ إجراء سريع، ستكون العواقب لا رجعة فيها”.
واتّهمت توما وسائل إعلام بتبنّي روايات طرف واحد في النزاع، دون التحقق من صحتها، ودعت إلى التحقّق من مصادر الفيديوهات المتداولة وتحديد مواقعها وتواريخ تصويرها.
وقالت: “هناك تلاعب واسع بالمعلومات، الإعلام يركّز على رواية طرف واحد بينما يتجاهل جرائم التجويع المتعمّد للشعب الفلسطيني”.
من جهته، وصف المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، ما يحدث في غزة بأنه “تجويع ممنهج ومقصود”، وقال إن آلية التوزيع التي تعتمدها مؤسسة غزة الإنسانية “فاشلة وغير مصممة لمعالجة الأزمة الإنسانية”.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال “تتحكم في جميع مفاصل العمل الإنساني داخل غزة وخارجها”، معتبرًا أن إسقاط المساعدات جوًا هو “الطريقة الأضعف والأكثر كلفة والأقل كفاءة”.
وقال لازاريني: “هذه الألاعيب الإعلامية ليست إلا ذريعة للتقاعس”، مؤكدًا أن الوقت قد حان “لتمكين الأونروا من أداء مهامها”، رغم حظر الاحتلال المفروض عليها منذ تشرين الأول/أكتوبر.
تحذيرات من مجاعة شاملة
وحذّرت أكثر من 100 منظمة إنسانية من تفاقم المجاعة في غزة، وسط استمرار حصار الاحتلال وتوزيع المساعدات بشكل محدود عبر مؤسسة غزة الإنسانية المثيرة للجدل.
من جانبه، وصف أستاذ المجاعات العالمي، أليكس دي وال، الوضع في غزة بأنه “تجويع إبادي”، وقال: “الاحتلال يمنع وصول الخبراء الإنسانيين لتقييم المجاعة، ما يجعل من المستحيل إعلانها رسميًا”.
وأضاف دي وال: “إخفاء المجاعة أصبح أداة بأيدي من يرتكبونها”، مؤكدًا أن ما يحدث في غزة “كان متوقعًا بالكامل”.