كشف موقع ميدل إيست آي النقاب عن تعرض ما لا يقل عن 357 موقعاً وقافلة مساعدات تديرها المنظمات الإنسانية في غزة للقصف من قبل الاحتلال قبل الهجوم الأخير على طاقم المطبخ المركزي العالمي (WCK) هذا الشهر، رغم مشاركة إحداثياتها مسبقاً مع الأطراف المتحاربة.
وأوضح مسؤولون في الأمم المتحدة وعمال إغاثة أن نظام الإخطار الإنساني في غزة بدا معطلاً خلال الشهر الأخير، ولم يتعرض للتدقيق الدولي إلى أن قتل جيش الاحتلال سبعة من عمال الإغاثة بينهم ستة أجانب في قافلة المطبخ العالمي في الأول من نيسان/أبريل الجاري.
وكان وزير دفاع الاحتلال يوآف غالانت قد أعلن خلال جولة قام بها السفير الأمريكي جاك ليو عن إنشاء خلية جديدة لفض الاشتباك الإنساني وضمان أمن عمال الإغاثة.
وقال جيمي ماكغولدريك، كبير مسؤولي المساعدات الإنسانية المنتهية ولايته في غزة إنه “لم يتغير شيء جوهري” في الطريقة التي يشارك بها العاملون في المجال الإنساني مواقعهم مع الجيش الإسرائيلي لحماية أنفسهم.
وأوضح ماكغولدريك في آخر أيام عمله في منصبه يوم الجمعة، إن منظمات الإغاثة تحتاج إلى خط ساخن للتواصل مباشرة مع جيش الاحتلال أثناء حالات الطوارئ، كما تحتاج إلى معدات مثل أجهزة الراديو والهواتف الفضائية التي يشيع استخدامها في مواقع الأزمات المختلفة لكنها لا تستخدم في غزة حيث تخشى إسرائيل أن تستولي عليها حماس.
وأكد ماكغولدريك أن 352 موقعاً إنسانياً تشكل الغالبية العظمى للمواقع التي استهدفتها هجمات الاحتلال تديرها الأونروا، وهي أكبر منظمة مساعدات تعمل في غزة، بما فيها مراكز توزيع الغذاء والمدارس التي تؤوي آلاف المدنيين.
“بصراحة، نحن نناقش داخلياً في كل يوم ما إذا كنا سنغادر غزة أم لا، وما إذا كان لا ينبغي علينا أن نكون هناك، فمستوى المخاطرة التي نواجهها لم نعرف له مثيلاً من قبل” – بريس دي لا فينجي، رئيس وحدة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود
وبعيداً عن التأثير على حياة عمال الإغاثة وأسرهم، فإن وجود نظام غير آمن لفض النزاعات يعني تعطيل توزيع المساعدات، الأمر الذي يمثل بالفعل مشكلة كبيرة في غزة حتى مع ظهور المجاعة.
وكان برنامج الغذاء العالمي قد قال بعد وقت قصير من الهجوم على طاقم المطبخ العالمي: ” “لن تنجح مساعي مكافحة المجاعة إلا إذا تمكنا جميعًا من القيام بعملنا بأمان وبشكل جماعي.”
وكما هو حال المدنيين، فإن المواقع الإنسانية والعاملين فيها تحظى بالحماية بموجب القانون الإنساني الدولي، حيث مازال تبادل الإحداثيات مع أطراف النزاع يخفق في توفير أي حماية قانونية إضافية، ولكنه يسهل على الأطراف المتحاربة الابتعاد عن ضرب هذه المواقع.
وقال بريس دي لا فينجي، رئيس وحدة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود: “الشيء الذي لا يفهمه الناس هو أن المنظمات الإنسانية لا تعمل داخل ساحة المعركة بشكل طبيعي”.
وأضاف أنه وعلى سبيل المثال، فإن جميع عمليات منظمة أطباء بلا حدود في أوكرانيا بعيدة عن متناول المدفعية أما في غزة، فنحن في هذا السيناريو الكارثي حيث نعمل في بيئة لا يفترض أن يتواجد فيها الناس”.
أعربت منظمات الإغاثة التي كانت لديها مواقع وقوافل تم تفكيكها عن إحباطها بسبب عدم الوضوح أو حتى الاستجابة من قبل جيش الاحتلال بشأن الأحداث.
وقالت لجنة الإنقاذ الدولية والمعونة الطبية لفلسطين الشهر الماضي إن المسؤولين الإسرائيليين قدموا ستة تفسيرات مختلفة حول سبب قيام طائرة من طراز F-16 بضرب مجمعهم المستقل “بقنبلة ذكية” تزن 1000 رطل في وقت مبكر من صباح يوم 18 كانون الثاني/يناير بعد أسابيع من مشاركة إحداثياتها.
وقال ماكغولدريك في مقابلة أجريت معه في وقت سابق من هذا الشهر، بعد أيام من الهجوم على طاقم المطبخ العالمي أن الكثير من الحوادث الناجمة عن عدم فعالية نظام منع التصادم، “ترجع إلى فشل النظام أو خطأ بشري”، مضيفاً أنه “عادة ما يكون للأمم المتحدة اتصال مباشر مع أي جيش يعمل في أي منطقة فيها صراع”.
لقد شهدنا الكثير من الحوادث الناجمة عن عدم عمل نظام منع التصادم – جيمي ماكغولدريك، الأمم المتحدة
وكان مسؤولو الأمم المتحدة وتنسيق أعمال الحكومة يجتمعون بشكل يومي تقريباً خلال الحروب السابقة في غزة، وذلك لمناقشة خطط اليوم التالي حسبما صرح جريشا ياكوبوفيتش، الرئيس السابق لتنسيق أعمال الحكومة لصحيفة واشنطن بوست هذا الشهر.
ووفقا للصحيفة، فقد رجح ياكوبوفيتش أن ذلك لم يعد يحدث بسبب إحجام جيش الاحتلال عن العمل مع الأونروا.
وكانت خلية منع الاشتباك الإنساني الجديدة، التي أعلن عنها وزير دفاع الاحتلال، من بين المواضيع التي قال ماكغولدريك للصحفيين إنه ناقشها الأسبوع الماضي مع اللواء يارون فينكلمان مسؤول القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال.
وقال ماكغولدريك أنه وحتى يوم السبت لم يتغير شيء جوهري في الجهود الرامية إلى حل مشكلة عدم الاشتباك، مشيراً إلى أن قافلة تابعة لليونيسف، تحمل أغذية عالية الطاقة ووقوداً تعرضت للرصاص عند نقطة تفتيش يوم الثلاثاء الماضي رغم مشاركة إحداثياتها وحصولها على تصريح قبل التوجه إلى شمال غزة.
وقال تيس إنغرام، المتحدث باسم اليونيسف والذي كان ضمن القافلة، إنهم كانوا يقتربون من حاجز وادي غزة، وهو أحد الطرق الرئيسية المؤدية إلى شمال غزة، عندما وقع إطلاق النار، مؤكداً أن “قوات الاحتلال رفضت السماح للقافلة بمواصلة سيرها بعد الحادث”.