الاحتلال يراهن على كسر إرادة الفلسطينيين… لكنه يواجه شعبًا لا يُهزم

بقلم عزام التميمي

ترجمة وتحرير نجاح خاطر

ما تسعى دولة الاحتلال إلى تحقيقه بموافقة كاملة، وربما حتى بتحريض من إدارة ترامب واضح جداً، فبالإضافة إلى منع انهيار الائتلاف الحاكم بقيادة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، فإن استئناف الحرب على غزة يهدف إلى إجبار الشعب الفلسطيني على الاستسلام نهائيًا.

لكن هذا لن يحدث أبدًا لسبب واحد، فعلى عكس الوضع في دولة الاحتلال، فإن القضية الرئيسية للفلسطينيين ليست من يحكم غزة أو من يمثلهم، بل هي في كون فلسطين وطنهم، وطن اغتصبته الدولة العبرية واحتلته.

يوقن الفلسطينيون أن فلسطين أرض أجدادهم، وليس أمامهم خيار سوى مقاومة الاحتلال ومواصلة نضالهم من أجل الحرية والاستقلال، ويدركون أيضًا أن محنتهم ليست فريدة، فقد خاضت الجزائر وفيتنام وجنوب إفريقيا وأفغانستان والعديد من الدول الأخرى حول العالم نضالات مماثلة.

ومازال من غير الواضح بعد ما الذي يطمح إليه المحتلون الآن، إثر فشلهم في إجبار شعب غزة على الاستسلام بعد 15 شهرًا من حرب الإبادة الجماعية، ففي البداية، كانت دولة الاحتلال تعلق الآمال على أن تنجح أساليب العقاب الجماعي في تأليب سكان غزة ضد حماس، وعندما لم يُفلح ذلك، هددت بالطرد الجماعي، ثم فرضت التجويع، وأجبرت المدنيين على النزوح من زاوية إلى أخرى في غزة.

ولم ينجُ أي مستشفى أو مدرسة أو مقر للأمم المتحدة، لقد مكّنت أحدث تقنيات القتل وأكثرها تطورًا، القادمة من الولايات المتحدة وأوروبا، المحتلين من قتل حوالي 50 ألف شخص، ومع ذلك، فشلوا في تحقيق أيٍّ من أهدافهم الحربية المعلنة.

تخريب وقف إطلاق النار

وطوال الحرب، ظلت حماس تصر على إمكانية إنهاء القتال من خلال صفقة تبادل أسرى، وتم التوصل أخيرًا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتم تنفيذ مرحلته الأولى، على الرغم من بعض العقبات.

لكن عندما حان وقت الدخول في المرحلة الثانية، بدأ نتنياهو بالمماطلة، ثم تراجع تمامًا عن الاتفاق الذي وقّعته حكومته مع حماس.

ولم يتلخص التبرير المُعلن لاستئناف الهجوم على غزة في انتهاك حماس لاتفاق وقف إطلاق النار، بل في إصرارها على تنفيذه بصرامة، رافضةً الانخراط في محاولات الاحتلال لإعادة صياغة شروطه.

وعلى نحو كوميدي، فإن إدارة ترامب التي فوضت مبعوثها بالتفاوض مباشرةً مع مسؤولي حماس في الدوحة، تبنت موقف نتنياهو بالكامل، ويتضح من التصريحات الرسمية الصادرة من تل أبيب وواشنطن أن الرؤية واحدة، مواقفهما متطابقة، دون أي ذرة من الصوابية السياسية في الخطاب.

تحاول إدارتا نتنياهو وترامب وكل من يدعم أجندتهما العنصرية إغلاق باب التعايش السلمي

لقد استشهد مئات الفلسطينيين، بمن فيهم عدد من كبار مسؤولي حماس، في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، وقد يفقد الكثيرون أرواحهم في الساعات والأيام القادمة، ولكن ما الغاية؟ ما الذي يأمل المحتلون و الأمريكيون تحقيقه؟

ربما يعلمون بالفعل، بناءً على التجربة، أن تجدد المجازر لن يُجبر حماس على الرضوخ، ولن يُثير فلسطينيي غزة ضد الحركة، المُصنفة كجماعة إرهابية في المملكة المتحدة ودول أخرى، بل إن الولايات المتحدة ودولة الاحتلال قد تكونان مدركتين أن تجدد الهجوم ضروري لإنقاذ مسيرة نتنياهو السياسية والمعسكر الديني الصهيوني الذي يحكم الدولة العبرية اليوم.

وإذا كان الأمر كذلك، فالكرة الآن في ملعب مجتمع الاحتلال، حيث لا ينبغي أن يكون السؤال ما هي الخيارات المتاحة لحماس أو الفلسطينيين، فهؤلاء لديهم خيار واحد فقط، وهو مواصلة المقاومة حتى تحرير فلسطين، لكن على أفراد مجتمع الاحتلال أن يُفكروا في خياراتهم بأنفسهم.

طموحات سياسية

وبصرف النظر عن نتنياهو وحلفائه المتعصبين، فإن على الجمهور في دولة الاحتلال أن يدرك أن حماس، بالنسبة للعديد من الفلسطينيين، تُمثل فكرةً لن تموت أبدًا، حتى لو اغتيل جميع قادتها، ودُمرت جميع منازل غزة، ودُمرت جميع مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية.

عليهم أيضًا أن يدركوا أن نتنياهو وحلفاءه الأمريكيين، الحكام المسيحيين الصهاينة في واشنطن، سيواصلون تحقيق طموحاتهم السياسية الشخصية على حساب شعوبهم.

وينبغي طرح السؤال نفسه على اليهود حول العالم الذين يرتكب الصهاينة، الإسرائيليون والأمريكيون، باسمهم، أبشع الجرائم ضد الإنسانية منذ المحرقة.

كان هناك زمنٌ ظلت فيه المنطقة المعروفة اليوم بالشرق الأوسط بوتقةً للثقافات والأديان حيث تعايش المسلمون والمسيحيون واليهود بسلام، وبنوا معًا حضارةً عظيمة.

أما الصهيونية، التي تدّعي زورًا تمثيل الشعب اليهودي، فهي تُمثل اليوم أكبر تهديدٍ يواجه البشرية، إنها معادية للمسلمين والمسيحيين واليهود، إنها عنصرية، وفوقية، واستعمارية وهي الآن في ذروتها.

وعلى جميع المؤمنين بالعدالة والحرية، اليوم، مسؤولية الوقوف في وجه الصهيونية، والتكاتف لمنعها من إدامة صراع بين الشعوب القادرة على العمل معًا من جديد من أجل خير البشرية، فإدارتا نتنياهو وترامب، وكل من يدعم أجندتهما العنصرية، يحاولون إغلاق باب التعايش السلمي ويجب إيقافهم.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة