الاحتلال يستغل حرب غزة للانتقام من الأسرى الفلسطينيين

منذ أسابيع، كانت إيمان هرماس تستعد بشوق لزيارة زوجها الأسير سعيد هرماس في سجن النقب الصحراوي الإسرائيلي، لكنها وكما المئات من عائلات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، لا يُسمح لها بزيارات منتظمة إلى السجن.

ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، اتخذت إسرائيل إجراءات عقابية صارمة ضد الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجونها، حيث تلقت عائلات الأسرى منذ ذلك الحين إخطارات من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإلغاء زيارات السجون حتى إشعار آخر.

وقد ترك الإجراء الجديد الأسرى المعزولين وعائلاتهم في حالة قلق دائم وسط غياب شبه كامل للأخبار عن أحبائهم.

وكان الأسير سعيد هرماس، وهو من بيت لحم، قد اعتقل عام 2016 وحكم عليه بالسجن 15 عاماً.

وقالت إيمان، وهي أم لثلاثة أطفال أكبرهم يبلغ من العمر 12 عامًا، إنها تمكنت أخيرًا بعد عدة أشهر من الحرمان من الزيارة من الحصول على تصريح لزيارة زوجها الأسير، لكن قرار الإلغاء كان صادمًا.

وأضافت: “الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل فجأة تم إغلاق أقسام السجن أمام الأسرى وسُحبت منهم كل الأجهزة الكهربائية بما في ذلك التلفاز والطباخ الكهربائي”.

وتابعت: ” لقد داهمت القوات الإسرائيلية غرف الأسرى وفتشتها بشكل دقيق قبل أن تصادر العديد من ممتلكاتهم”.

وتحاول إيمان معرفة بعض الأخبار عن زوجها في ظل صعوبة الحصول على المعلومات، لكنها علمت من أهالي المعتقلين الآخرين أن إدارة السجن أغلقت المتجر الذي كانوا يعتمدون عليه في شراء الطعام، وباتت تقدم لهم وجبتين فقط طيلة اليوم.

وأوضحت إيمان أن الأسرى يتعرضون لسياسة التجويع، وقالت: “علمنا أنهم يصومون منذ أسبوعين لعدم وجود ما يكفيهم من الطعام، لذلك يقومون بتقنين الكميات الصغيرة التي تقدمها لهم إدارة السجن”.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، قامت السلطات الإسرائيلية أيضًا بجمع الأسرى من قطاع غزة في كافة السجون ووضعتهم في سجن واحد دون إبداء الأسباب، فيما تواصل عدوانها الهمجي على غزة، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 5791 فلسطينياً، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن.

وبحسب ما أفاد به نادي الأسير الفلسطيني، فإن وحدات القمع في السجون الإسرائيلية، داهمت الزنازين، وروعت الأسرى باستخدام الكلاب، وصادرت ممتلكاتهم الخاصة، واعتدت على الأسرى بالضرب المبرح، ما أدى إلى حالات من الكدمات والكسور في العظام.

وقال صلاح فطين صلاح، الذي أفرج عنه يوم الثلاثاء لوسائل إعلام فلسطينية محلية: ” إن الوضع مأساوي وصعب للغاية. هناك قمع وانتقام وضرب يومي يمارس داخل السجن”.

وتابع: “إن الضرب الذي يتعرض له الأسرى لا يوصف، ولا يسمح بمراجعة العيادة الطبية. المعاناة شديدة للغاية”.

وقالت المتحدثة باسم نادي الأسير أماني سرحانة، إن الأسرى الفلسطينيين يمرون حاليا بواحدة من “أشد الفترات قسوة” حيث يعانون من العزلة والقمع والجوع والحرمان من زيارات الأهل أو المحامين.

وأضافت سرحانة: “جميع الإجراءات القانونية تقريباً متوقفة، إذ توقفت جلسات المحاكمة بالإضافة إلى إطلاق سراح الأسرى رغم انتهاء أحكامهم”.

وتابعت: “كما تم إيقاف العلاج الطبي، حيث لم نعد نتحدث عن تعرض الأسرى للإهمال الطبي، بل عن قطع علاجهم بشكل كامل”.

ويوم الاثنين، توفي عمر دراغمة، وهو فلسطيني اعتقل في 9 تشرين الأول/أكتوبر، أثناء احتجازه في ظروف غامضة، ما أثار المزيد من التوترات في السجون الإسرائيلية.

ونفى نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين الادعاءات الإسرائيلية بأن الأسير توفي بسبب تدهور حالته الصحية.

وفي بيان مشترك، أكدت المؤسستان أن ضراغمة بدا بصحة جيدة عندما حضر جلسة المحكمة في نفس اليوم الذي توفي فيه، بحسب محاميه، فيما اتهمت حماس إسرائيل باغتيال ضراغمة الذي قالت إنه عضو بارز في الحركة.

كما عانت الأسيرات الفلسطينيات من قمع غير مسبوق، في ظل منع كامل لزيارات الأهالي والمحامين، وإنكار تام لما يحدث لهن.

وذكر مدير هيئة شؤون الأسرى والمحررين إبراهيم النجاجرة، أن سلطات السجون الإسرائيلية، اقتحمت يوم 19تشرين الأول/ أكتوبر، سجن الدامون، الذي تعتقل فيه نحو 50 أسيراً فلسطينياً، وقلبت الزنازين رأساً على عقب، وأفرغتها من كافة الأغراض، بما في ذلك الطاولات والكراسي وأدوات المطبخ.

وعندما اعترضت الأسيرات، تعرضن للضرب من قبل قوات السجن وتم عزل عدد منهن في الحبس الانفرادي، وإغراق غرفهن بالغاز المسيل للدموع دون مراعاة لوجود الأسرى القاصرين، والنساء المسنات، والمصابين، والمرضى.

وأفاد النجاجرة بأن الأسيرات تعرضن لعقوبات شديدة منذ أكثر من أسبوعين كمنع الخروج من الأقسام إلى الفناء، وإغلاق متجرهن، ومصادرة الأجهزة الكهربائية، وتقليص مدة الاستحمام إلى 15 دقيقة يومياً لكل زنزانة، في ظل اقتحامات متكررة للزنازين، وتهديدات بالقتل، وإهانات مستمرة.

ومنذ بداية العدوان، شن الجيش الإسرائيلي حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية المحتلة، استهدفت حتى الآن ما يقرب من 1200 فلسطيني من مختلف المدن، بينهم صحفيون وباحثون وطلاب جامعات وأسرى محررون.

وبحسب نادي الأسير، فإن غالبية المعتقلين الجدد تعرضوا للضرب والتجمع في العراء في ظروف غير إنسانية، كما تم إحالة عدد كبير منهم إلى الاعتقال الإداري دون تهمة أو جلسة محاكمة.

وقال صلاح، المفرج عنه حديثاً من سجون الاحتلال، إن موجة الاعتقالات أدت إلى اكتظاظ شديد داخل سجن جلبوع حيث كان معتقلاً منذ خمس سنوات.

وأضاف: “لقد كنت أنام على الأرض بسبب الاكتظاظ ومصادرة إدارة السجن الوسائد والبطانيات وأغطية المراتب”.

مقالات ذات صلة