أصدر جيش الاحتلال تعليمات بتهجير ما يقرب من مليون فلسطيني من سكان مدينة غزة، في إطار خطة تمهيدية لاقتحام المدينة المنكوبة بالمجاعة، في الوقت الذي يواصل فيه تدمير الأبراج السكنية وقصف الأحياء المكتظة بالمدنيين.
ففي الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، وجهت قوات الاحتلال تعليمات إلزامية للسكان بالنزوح جنوبًا نحو منطقة المواصي في خان يونس، وهي شريط ساحلي ضيق لا تتجاوز مساحته 3% من قطاع غزة، ويعاني بالفعل من الاكتظاظ الشديد بعشرات آلاف النازحين.
ورغم وصف جيش الاحتلال لهذه المنطقة بأنها “منطقة إنسانية”، إلا أن طائراته لم تتوقف عن استهدافها، حيث تعرضت للقصف يوم أمس الاثنين في آخر استهداف لها.
قصف متواصل ومجازر جديدة
وتزامن قرار التهجير مع حملة قصف عنيف تتعرض لها مدينة غزة منذ قرابة شهر، ازدادت حدتها في الأيام الأخيرة، في إطار إعلان دولة الاحتلال نيتها السيطرة على القطاع بدءًا من احتلال المدينة.
ومع بزوغ الفجر، شنت الطائرات الحربية للاحتلال غارات على منزل في مخيم الشاطئ، مما أسفر وفق مصادر محلية عن “مجزرة” بحق عائلة الحُصَري، حيث وأكدت فرق الإنقاذ أن ما لا يقل عن 25 شخصًا ما زالوا عالقين تحت الأنقاض، ويرجح أن غالبيتهم قد استشهدوا.
وقال مسؤول في الدفاع المدني الفلسطيني لقناة العربي: “هناك أشخاص يصرخون من تحت الركام، لكننا نفتقر إلى المعدات الثقيلة اللازمة لإنقاذهم وانتشالهم أحياء”.
الأبراج السكنية تُسوى بالأرض
وخلال الأيام الأخيرة، عمدت طائرات الاحتلال إلى تدمير العشرات من الأبراج السكنية في مدينة غزة، كانت تؤوي مئات العائلات النازحة.
وأكدت وكالة الأونروا أن “الهجمات على الأبراج السكنية في غزة تسببت في تشريد عشرات العائلات، التي تُرك كثير منها في الشوارع بلا مأوى أو احتياجات أساسية”، وأضافت أنه “بسبب القيود المشددة على المساعدات الإنسانية، فإن معاناة النازحين تتفاقم بشكل مأساوي”.
من جهته، حذر مدير وزارة الصحة في غزة، الدكتور منير البرش، من أن أوامر التهجير تمثل تهديدًا مباشرًا لحياة المرضى والعاملين في المستشفيات.
وقال: “التهجير القسري في ظل أوضاع إنسانية وصحية كارثية أمر غير مقبول، والمستشفيات ليست أماكن آمنة”.
وأضاف: “هناك أكثر من 200 مريض في العناية المركزة يعتمدون على أجهزة التنفس الصناعي، والقيام بإجلائهم يعني قتلهم فورًا، لن نغادر مستشفياتنا ولن نترك مرضانا، البديل هو الموت”.
المجاعة تحصد مزيدًا من الأرواح
وبالتوازي مع القصف، يتفاقم شبح المجاعة المفروضة على غزة بفعل الحصار الخانق الذي تفرضه دولة الاحتلال، فقد أعلنت وزارة الصحة أن ستة فلسطينيين آخرين قضوا يوم الاثنين جوعًا، ليرتفع عدد الضحايا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 399 شخصًا، بينهم 140 طفلًا.
وكان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) التابع للأمم المتحدة قد أعلن في أغسطس/آب أن المجاعة قائمة رسميًا في مدينة غزة، لأول مرة منذ بدء الحصار، ومع ذلك، تواصل دولة الاحتلال فرض حصار شبه كامل يمنع دخول المواد الأساسية.
ومنذ بدء الإبادة الجماعية عام 2023، أسفرت اعتداءات جيش الاحتلال عن استشهاد أكثر من 64,500 فلسطيني وإصابة ما يزيد على 160,000 آخرين، بحسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة، فيما تشير بيانات جيش الاحتلال نفسه إلى أن أكثر من 80% من الضحايا هم من المدنيين.