الاحتلال يعترف: تعليمات بتدمير شامل في غزة دون مراعاة للمدنيين

أكد مسؤولون عسكريون في دولة الاحتلال عدم وجود أي قيود على قصف منازل الفلسطينيين في قطاع غزة.

جاء ذلك بعد أيام من ادعاء قناة تلفزيونية يمينية بارزة أن المدعي العام العسكري في دولة الاحتلال منع شن غارة جوية على مبنى قُتل فيه أربعة جنود لاحقًا خشية مقتل مدنيين فلسطينيين.

ويعود الحادث إلى تاريخ 6 يونيو/حزيران، حين قُتل أربعة جنود إسرائيليين بعد انهيار المبنى الذي دخلوه في خان يونس بسبب عبوة ناسفة.

ولا يزال جيش الاحتلال يحقق في سبب الانفجار، لكنه لم يحدد بعد ما إذا كان الانفجار ناجماً عن كمين مفخخ نصبته حماس أم عن ذخيرة غير منفجرة تركها جنود الاحتلال.

ولكن القناة 14 العبرية، وهي شبكة يمينية يفضلها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو زعمت بعد ساعات من سقوط القتلى، أن المدعي العام العسكري يتحمل مسؤولية الوفيات.

وذكرت القناة، التي صورت الفلسطينيين في غزة مرارا وتكرارا على أنهم “حيوانات” يجب “إبادتهم”، أن الجيش أرسل الجنود إلى المبنى بدلا من استهدافه بغارة جوية لأن المدعية العامة العسكرية يفعات تومر يروشالمي غيرت بروتوكول الجيش لمنع ضرب المبنى.

وتحدث نعوم أمير مراسل القناة 14 في تقرير متلفز مع ضابط كبير في جيش الاحتلال ادعى أن المبنى كان مُصنّفًا كمجمع لحماس، لكن يروشالمي منعت سلاح الجو من قصفه خشية وقوع “أضرار جانبية”.

ويميل جيش الاحتلال إلى استخدام مصطلح “الأضرار الجانبية” عند الإشارة إلى المدنيين الفلسطينيين الذين تقتلهم قواته أثناء تواجدهم في المكان الخطأ وفي الوقت الخطأ.

وقال الضابط: “كنا نعرف البنية التحتية، وكنا نعرف من كان هناك، ولم نشنّ غارات في كل مرة لسبب مختلف، أضرار جانبية جسيمة”.

“الجنود يفجرون غزة منزلًا منزلًا، ومجمعًا مجمعًا، دون أي تدخل” – بن كاسبيت، صحفي إسرائيلي شهير

وعقب التقرير، شنّ رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، هجومًا لاذعًا على القناة 14، قائلًا إنه يرفض “الانتقادات الكاذبة والمتكررة والتي لا أساس لها من الصحة بشأن سلوك المدعي العام العسكري”.

وأضاف: “لم يصدر أي توجيه من المدعي العام العسكري بعدم قصف المبنى الذي انهار وأدى إلى مقتل أربعة جنود في خان يونس يوم الجمعة، الادعاءات الواردة في هذا السياق كاذبة، وخبيثة، ولا أساس لها من الصحة”.

وأضاف أن قوات الاحتلال العاملة في غزة تتمتع “بحرية عملياتية كاملة لإزالة التهديدات”.

بدوره، انتقد بن كاسبيت، الصحفي الإسرائيلي البارز الذي اصطدم مرارًا وتكرارًا مع نتنياهو، التقرير، واصفًا إياه بأنه تشهير دموي.

وكتب كاسبيت على منصة X أن “هذا التقرير الحقير، الذي يسمونه بفخر كشفًا، هو سفك دماء، وتشهير على أعلى مستوى، وخرافة سخيفة لا تمت للواقع بصلة”.

ونقل بن كاسبيت عن مصادر عسكرية بأنه لم تكن هناك “أوامر” صادرة من تومر يروشالمي، وأن الجنود يفجّرون المنازل في القطاع المحاصر الذي مزقته الحرب بحرية.

ومنذ إعلانها الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، دمّرت قوات الاحتلال معظم قطاع غزة، وحولت أحياءً بأكملها، بما في ذلك المدارس والشركات والمرافق الطبية، إلى أنقاض.

وزرع جنود الاحتلال ومهندسو العمليات المتفجرات ونفّذوا عمليات هدم مُتحكّم بها داخل عدد لا يُحصى من المنازل، بينما سوّت الجرافات المدرعة مبنى تلو الآخر بالأرض بشكل منهجي.

وخلال الأسبوع الماضي، صرّح قائد عسكري كبير يعمل في خان يونس بأن قوات الاحتلال تلقت تعليمات بتدمير المدينة بالكامل، بما يقلل من احتمالية بقاء الفلسطينيين في القطاع بعد انتهاء الحرب.

وقال الضابط لموقع Ynet الإخباري العبري: “جزء من العملية هو التوغل بشكل شامل وعميق، وهو أمر قد يبدو بطيئًا، لكنه يحمي قواتنا، وعلى عكس السابق، يُدمر المنطقة بالكامل”.

وأضاف الضابط متحدثًا عن خان يونس، التي كانت إحدى أكبر مدن قطاع غزة قبل الحرب: “بعد أن ننتهي من هنا، لن يتمكن الفلسطينيون من العودة إلى هنا لسنوات”.

وفي أعقاب الانتقادات، أعرب أمير من القناة 14 عن غضبه من أن زامير “المتهور” قد فشل في معالجة الادعاءات الواردة في التقرير “بشكل جوهري”.

وكتب أمير: “عندما بدأت الحرب، تحرك الجيش حتى مع وجود مدنيين في المنطقة، ولم تكن هناك أي توجيهات قانونية على الإطلاق”.

وأضاف: “في مرحلة لاحقة فقط، وصل كبير المحامين العسكريين، ووضع الإجراءات، وحدد متى يُسمح بالهجوم ومتى لا يُسمح به”.

في غضون ذلك، طلب عدد من أعضاء ائتلاف نتنياهو عقد اجتماع مع لجنة الشؤون الخارجية والأمن بشأن المبادئ التوجيهية بشأن متى يُسمح بشن غارات جوية ومتى لا يُسمح بذلك.

ومنذ تراجعها عن اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس في مارس/آذار، قتلت قوات الاحتلال ما لا يقل عن 4600 فلسطيني في هجمات استهدفت خيامًا ومستشفيات ومدارس حُوّلت إلى ملاجئ.

ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، فقد استشهد ما لا يقل عن 54981 فلسطينيًا على يد قوات الاحتلال منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، من بينهم أكثر من 28 ألف امرأة وفتاة.

ويشمل هذا العدد أيضًا ما لا يقل عن 1400 من العاملين في القطاع الصحي، و280 من موظفي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة وهو أعلى عدد من الضحايا في تاريخ الأمم المتحدة.

كما يشمل عدد الشهداء 227 صحفيًا، وهو أيضاً أعلى عدد من الإعلاميين الذين يقضون في نزاع منذ أن بدأت لجنة حماية الصحفيين (CPJ) في تسجيل البيانات عام 1992.

مقالات ذات صلة