وجهت حكومة الاحتلال تعليمات لست بعثات طبية على الأقل تعمل حالياً داخل قطاع غزة بعدم السماح لها بعد الآن بالوصول إلى المرضى داخل القطاع.
وأبلغت سلطات الاحتلال قرارها رسمياً وبشكل مكتوب لمنظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة التي قامت بدورها يوم الخميس بإبلاغ المنظمات الطبية المشمولة بالقرار.
ومن بين هذه المنظمات مؤسسة فجر العلمية، وجليا، والجمعية الطبية الفلسطينية الأمريكية (Pama).
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن منظمة الصحة العالمية شعورها بالقلق حيال التأثير الذي قد يخلفه قرار الاحتلال على النظام الطبي المجهد في غزة، مضيفة أن عمل فرق الطوارئ الطبية في غزة ضروري لإبقاء النظام قيد التشغيل، حيث لم يعد إلا 17 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى تعمل في غزة.
ولم يقدم منسق أنشطة حكومة الاحتلال في الأراضي المحتلة أي سبب لقرار حظر البعثات من العمل في غزة.
وحثت منظمة الصحة العالمية على “تيسير دخول فرق الطوارئ الطبية إلى غزة بشكل عاجل ومستدام”، وقالت أن سوء التغذية وانتشار الأمراض منتشر على نطاق واسع في جميع أنحاء القطاع.
ولم يدخل أي طعام أو مساعدات من أي نوع إلى شمال غزة منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول في ظل عملية برية واسعة يشنها جيش الاحتلال.
وقال المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين في بيان: “هذا حكم بالإعدام على آلاف المرضى، لقد أرسلت هذه المنظمات، بشكل جماعي، مئات المندوبين الطبيين لتقديم مساعدات منقذة للحياة للمرضى والجرحى الفلسطينيين في غزة على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية”.
ووفقاً لبيان المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين فقد عالجت الفرق الطبية أكثر من 15000 مريض منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 وأرسلت متخصصين في جراحة الصدمات وطب الأطفال وجراحة الأعصاب.
وأضاف المركز أن مجموعات طبية أخرى قد تكون مشمولة بقرار الاحتلال.
من جهتها، قالت هيئة مراقبة الجوع العالمية أن سكان قطاع غزة بأكملهم ما زالوا معرضين لخطر المجاعة ويعانون حالياً من مستوى “طاريء” من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ومن المتوقع أن يتدهور الوضع مع تشديد الاحتلال حصاره على شمال القطاع الفلسطيني المحاصر.
وقد أدت عرقلة الوصول الإنساني وكثافة القصف إلى زيادة خطر المجاعة بشكل كبير بالنسبة للسكان في شمال غزة مع تضاؤل الطعام والمياه والوقود والإمدادات الطبية.
وفي تقييم جديد مدعوم من الأمم المتحدة نُشر يوم الخميس، قال التصنيف المتكامل لمرحلة الأمن الغذائي (IPC) إن حوالي 1.84 مليون شخص في جميع أنحاء غزة يعيشون في مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بما في ذلك 133000 شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي “الكارثي”.
ويتوقع التصنيف المتكامل لمرحلة الأمن الغذائي، الذي أجرى تحليله الجديد بين 30 سبتمبر/أيلول و4 أكتوبر/تشرين الأول، أن يتضاعف عدد من يعانون من الجوع الكارثي ثلاث مرات تقريباً في الأشهر المقبلة.
ويأتي قرار منسق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق المحتلة في أعقاب مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول بعنوان “65 طبيباً وممرضاً ومسعفاً: ما رأيناه في غزة”.
وقد قدّم المقال فيروز سيدوا، وهو جراح صدمات يعمل مع PAMA، إحدى المنظمات التي تم حظرها الآن، كما تضمن شهادة من ميمي سيد، طبيبة الطوارئ التي تعمل كمتطوعة في PAMA أيضاً.
ووصف المقال بالتفصيل نمطاً من المرضى الأطفال الذين أصيبوا برصاص في الرأس مما يشير إلى أن الأطفال استهدفوا بشكل مباشر من قبل جنود الاحتلال.
كما سلط المقال الضوء على حجم الحروق والجروح التي عانى منها أطفال آخرون، معتبراً أن القليل منهم حصلوا على أي مساعدة نفسية.
وبعد وقت قصير من نشر المقال، تعرضت صحيفة نيويورك تايمز لانتقادات واضطرت إلى شن حملة دفاع عن نشرها للشهادات.
وقالت رسائل نقدية أرسلت إلى الصحيفة أن المقال “تجاهل وحشية حماس وألقى باللوم على إسرائيل”
ونقلت وسائل إعلام أخرى عن مسؤولين وجنود من جيش الاحتلال قولهم أن ادعاءات الأطباء والصور ملفقة.
وكتبت محررة الرأي في صحيفة نيويورك تايمز كاثلين كينجزبيري في دفاع نادر: “نحن ندعم هذا المقال والبحث الذي يغذيه بالمعلومات”.
وقالت: “لقد حررت صحيفة تايمز أوبينيون هذا المقال بدقة قبل النشر، وتحققت من الروايات والصور من خلال الأدلة الفوتوغرافية والفيديوهات الداعمة وبيانات الملف التعريفي كما فحصنا أوراق اعتماد الأطباء والممرضات”.
وأوضحت كينجزبيري أن الصحيفة قدمت صور الأشعة لخبراء مستقلين متخصصين في جروح الطلقات النارية والأشعة والصدمات عند الأطفال، وشهدوا على مصداقيتها.
يذكر أن الصحيفة حصلت على صور الضحايا الموصوفة في المقال، وقالت أن هذه الصور “كانت مروعة للغاية بحيث لا يمكن نشرها”.
وفي ظل عدم السماح للصحفيين الأجانب بالدخول إلى غزة، كان المهنيون الطبيون من بين القلائل الذين يمكنهم نقل ما شهدوه إلى العالم الخارجي.