الاستيطان على أنقاض غزة: دعوات علنية لتهجير الفلسطينيين وفرض واقع جديد

ترجمة وتحرير موقع بالعربية

تجمّعت مجموعات من المستوطنين، يوم الخميس، قرب حدود قطاع غزة للمشاركة في فعالية حملت عنوان “رفع العلم في غزة”.

وتمثل الفعالية رسالة ضغط مباشرة على قيادة دولة الاحتلال للإسراع في فرض الاستيطان داخل القطاع المحاصر.

ونظّم الفعالية مستوطنون من منظمة “نحالا”، التي تدعو علناً إلى إقامة مستوطنات يهودية في غزة، بعد أكثر من عامين من العدوان المتواصل الذي شنّه جيش الاحتلال ودمّر خلاله مساحات واسعة من القطاع.

وأُقيم التجمع عند نقطة مراقبة في مدينة سديروت جنوب فلسطين المحتلة، المطلة على شمال قطاع غزة. 

وتحولت الطريق المؤدية إلى الموقع خلال الأشهر الماضية إلى مقصد لزوار من دولة الاحتلال يتابعون من هناك، بشكل مباشر، حجم الدمار الذي ألحقه جيش الاحتلال بالقطاع.

ومن موقع التجمع، بدا الأفق خالياً من المباني، بعدما سُوّيت أحياء كاملة بالأرض، ولم يبقَ سوى مشهد الغروب في مساء شتوي بارد.

وشارك في الفعالية مئات المستوطنين، غالبيتهم من المتدينين، فيما وزّع منظمو “نحالا”  حلوى “السوفغانياه” التقليدية لعيد “الحانوكاه”، وتدفقت الحافلات من مستوطنات الضفة الغربية المحتلة ومن داخل أراضي 1948.

وسجّل حضور محدود لنشطاء يساريين من حركة “نقف معاً”، اقتحموا المنصة مرتدين قمصاناً كُتب عليها “لن نعود إلى غزة”، في مشهد لم يغيّر من الطابع العام للفعالية.

“غزة يجب أن تكون يهودية”

ومع انطلاق الفعالية، قال أحد المنظمين إن ما وصفه بـ “تضحيات” جنود الاحتلال الذين قُتلوا في غزة “لن تذهب سدى”، مضيفاً: “غزة جزء من ميراثنا التاريخي، وقد عدنا إليها لنبقى فيها إلى الأبد، غزة ستكون يهودية، غزة لنا”.

ووصل المستوطن أرنون سيغال، من القدس المحتلة، إلى سديروت برفقة أطفاله، قائلاً إن مشاركته تأتي “تقديراً للبوصلة الواضحة هنا، التي تقول إن غزة يجب أن تكون يهودية”.

وأضاف سيغال أن الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية قبل خمسين عاماً “كان يبدو حلماً جنونياً، مشيراً إلى أن “القرار وحده هو ما ينقص اليوم، فقد كنا في غزة سابقاً”.

وتابع: “المستقبل للحالمين”، معرباً عن ثقته بوجود “عدد كافٍ من الشباب الملتزمين” القادرين على الاستيطان في غزة، ومضيفاً: “في النهاية، المستوى السياسي المناسب سيقول نعم، ومن هم مستعدون للتضحية هم من يفرضون الواقع على الأرض”.

وكان منظمو الفعالية يعتزمون اختراق السياج الحدودي ورفع علم في موقع مستوطنة “نيسانيت” المخلاة شمال مدينة غزة، غير أن وزير دفاع دولة الاحتلال إسرائيل كاتس لم يمنح الموافقة.

ورغم ذلك، أفادت صحيفة هآرتس بأن عشرات المستوطنين اخترقوا السياج الحدودي في نقطتين بوسط وجنوب القطاع، ودخلوا إلى غزة ورفعوا الأعلام، دون أن يعتقلهم جيش الاحتلال.

وجاء ذلك في ظل ضغوط متزايدة من داخل حزب “الليكود” على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه للموافقة على رفع الأعلام في نيسانيت. 

وفي رسالة موقعة من وزراء بارزين في الحزب، جرى التحذير من “محاولات دول أخرى السيطرة على قطاع غزة”، مع التأكيد أن “غزة جزء من أرض إسرائيل التاريخية، وتعود حصراً للشعب الإسرائيلي”.

وأرسل حزب “الليكود” دعوات رسمية للمشاركة في فعالية سديروت، موقعة من وزراء وأعضاء كنيست، وجاء فيها: “سنرفع العلم الإسرائيلي معاً ونعلن: لن نترك أمننا للآخرين، غزة لنا إلى الأبد”. 

ورغم ذلك، لم يحضر من الحزب سوى عضو كنيست واحد هو أوشر شكاليم، إلى جانب ليمور سون هار-ميلخ من حزب “عوتسما يهوديت”، ووزيرة الاستيطان أوريت ستروك من حزب “الصهيونية الدينية”.

“الحدود ليست مقدسة”

وقال يهوشواع سوكول، وهو مستوطن من مستوطنة “كرني شمرون” في الضفة الغربية المحتلة، إنه جاء إلى الفعالية “لأن غزة جزء من ميراثنا التاريخي ويجب أن نكون هناك”.

كان سوكول يرتدي قميصاً يدعو إلى الاستيطان في لبنان، وقال أن “لبنان أيضاً جزء من ميراثنا”.

“الحدود الدولية ليست مقدسة، وكل حدّ دولي يبقى قائماً فقط حتى الحرب التالية، والهدف من هذا التجمع هو توجيه رسالة للحكومة وللرأي العام بأن غزة ليست قضية أمنية، بل ميراث تاريخي” – يهوشواع سوكول، وهو مستوطن من مستوطنة “كرني شمرون”

الدعوة إلى تهجير الفلسطينيين

وتصدّر مصير سكان غزة الفلسطينيين جدول أعمال المتجمعين، وسط دعوات علنية إلى تهجيرهم قسراً لإفساح المجال أمام الاستيطان.

وقالت عضو الكنيست ليمور سون هار-ميلخ: “هذا سيحدث، سنعود ونستوطن غزة”، متحدثة عن ما وصفته بـ “الهجرة الطوعية” للفلسطينيين، وهو تعبير تستخدمه أوساط اليمين العبري لإخفاء جوهر التهجير القسري.

وأضافت: “الأمر يحتاج فقط إلى إرادة، عندما أقول هجرة طوعية، فالإرادة يجب أن تكون إرادتنا نحن”.

وكانت سون هار-ميلخ قد نظّمت، في يوليو/تموز الماضي، مؤتمراً في الكنيست دعا صراحة إلى طرد الفلسطينيين من غزة، وعرضت خططاً تفصيلية لإقامة مستوطنات يهودية في القطاع.

وأبدى عدد من المشاركين توافقاً على ضرورة تهجير الفلسطينيين، حيث قال سيغال إن “الحل في الضفة الغربية، كما في غزة، هو الهجرة الطوعية للفلسطينيين”.

وأضاف: “نريد إقامة دولة يهودية هنا، وبالنسبة لعرب غزة، لا أشعر بتأنيب ضمير بعد ما فعلوه بنا، يجب أن يرحلوا، وسيرحلون في النهاية”.

أما سوكول، فاعتبر أن “تجارب الحرب العالمية الثانية أثبتت أن المعتدي يدفع الثمن، ألماً وأرضاً”، مضيفاً أن “الأمر كله مسألة إرادة”، وأنه من الممكن “إخراج 1.5 مليون عربي من غزة”.

وختم بالقول إن وجود الفلسطينيين في غزة “لا يعني استحالة الاستيطان في المناطق التي جرى ‘تحريرها”، في إشارة إلى المناطق التي يسيطر عليها جيش الاحتلال داخل القطاع، مؤكداً أن “الأمر قرار سياسي لا أكثر”.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة