بقلم فيصل حنيف
ترجمة وتحرير مريم الحمد
من أشهر الأحكام الجائرة مؤخراً، الحكم الأخير الصادر بحق طالبة مسلمة في مدرسة ميكايلا الشهيرة في لندن، وأصل القصة نابع من رغبة الطالبة في أداء صلاة الظهر أثناء استراحة الغداء!
لقد نفى مدير المدرسة ذلك بل وحصل قراره على تأييد المحكمة العليا، فقد حكم القاضي بأن حرمانها من حقها في الصلاة ساعد في “تعزيز روح الفريق القائم على الشمولية والتماسك الاجتماعي”!!
خلال ساعات الدراسة في المدرسة، تتولى مديرة المدرسة كاثرين بيربالسينغ المسؤولية بتنفيذ الحكم بمنع الطالبة من الصلاة، في مشهد أشبه بحكم دكتاتوري وكان كاثرين هذه قيصر ولها عيون تراقب الطالبة أيضاً، وكلهم كارهون للإسلام!
أكثر من 50% من التقارير والمناقشات حول المسلمين في الأشهر الـ 12 الماضية على التلفزيون البريطاني كانت في قناتين يمينيتين فقط، حيث كان الكثير منها تعبيراً عن هوس تآمري حول كون وجود المسلمين أشبه بحصان طروادة ينتظرون اللحظة المناسبة لتحويل بريطانيا إلى دولة إسلامية
قبل أسابيع فقط، أطلقت وزيرة الداخلية السابقة، سويلا بريفرمان، والتي كانت عضوًا في مجلس إدارة مدرستها، ادعاءً سخيفاً وتآمرياً بأن “الإسلاميين يسيطرون على بريطانيا”.
وما يبدو ظاهريًا أنه طلب معقول للتكيف مع عمل له أهمية روحية تتطلبها العقيدة الإسلامية، قد تم طرحه مرة أخرى كمسألة أمنية.
لقد أصبحت اليوم بطاقة “المسلم الخطير”، وهي تعبير مجازي خادع، سلاحاً لأي شخص يريد إغلاق أي طلب قد يقدمه مواطن مسلم، أو في حالة حزب المحافظين، يتم استخدامه من قبل أولئك الذين يريدون تعزيز مكانتهم، فيما يمكن أن يعتبر أشبه بأوراق “اعتماد قيادة” إن صح التعبير.
وفي سياق المدارس، فإنه يحمي المتعصبين المعادين للمسلمين، الذين يصرون على فرض عقيدتهم “الحضارية” على الأطفال المسلمين.
زرع الفتنة
تقول مديرة المدرسة، كاثرين بيربالسينغ، أنها لن تسمح أبداً للأطفال بالصلاة في مدرستها، وذلك يقدم لمحة عن النظرة المعادية إلى أن الممارسات الإسلامية هي شيء يجب “الإنقاذ” منه، وكأنه “انتصار إذن على البرابرة”!
يمثل كراهية بنيوية للإسلام بزي العلمانية، حيث يأتي قرار حرمان الطلاب من بضعة أمتار مربعة من المساحة للصلاة على خلفية تؤسس لقبول العنصرية بشكل عام.
على صعيد آخر، قررت هيئة تنظيم وسائل الإعلام البريطانية، أوفكوم، هذا الشهر عدم التحقيق مع مذيعة الأخبار البريطانية، جوليا هارتلي بروير، رغم قيامها بالتعدي على ضيف عربي لديها في برنامج حواري قائلة أنه “غير معتاد على الحديث مع النساء” بين إهانات أخرى أيضاً!
في العادة، ينتظر الصحفيون للتأكد من القصة قبل إبلاغ الجمهور بها، أما الآن، فقد أصبحت منصاتهم تضم محرضين محترفين يروجون للكراهية والخلاف، ثم يشكون من عدم السماح لهم بذلك.
وفقاً لأرقام حصلت عليها، فإن أكثر من 50% من التقارير والمناقشات حول المسلمين في الأشهر الـ 12 الماضية على التلفزيون البريطاني كانت في قناتين يمينيتين فقط، حيث كان الكثير منها تعبيراً عن هوس تآمري حول كون وجود المسلمين أشبه بحصان طروادة ينتظرون اللحظة المناسبة لتحويل بريطانيا إلى دولة إسلامية.
لقد أدى ترخيص التعصب إلى جولة أخرى من “المسلمون لا ينتمون إلى هنا”، كما أظهر استطلاع مؤخر للرأي، أجرته جمعية هنري جاكسون، والذي أثار تعليقات مثيرة للقلق حول المسلمين البريطانيين وحظي بتغطية بارزة من قبل نظيراتها التلفزيونية.
ما لم يتم إخبار القراء والمشاهدين به هو أن الباحثين وصفوا جمعية هنري جاكسون بأنها منظمة تتميز “بمواقف تعكس نظريات اليمين المتطرف والأجندات السياسية لتشويه مجتمعات الأقليات في الغرب وتصويرها على أنها مرضية”.
تفاقمت الهستيريا إلى حد أن ما يسمى بالقناة الإخبارية أشادت باكتشافها شبكة إسلامية في وزارة الداخلية، رغم وجود شبكات مماثلة للجماعات المسيحية واليهودية وغيرها من الجماعات الدينية، معتبرة أن “المسلمين المتشددين” هم “حصان طروادة” في بريطانيا.
لماذا يفاجئنا هذا النهج؟ هو ليس بجديد على أية حال، فمنذ ما يقرب من عقد من الزمن، اتهمت مذيعة أخبار القناة الرابعة رجالاً مسلمين في أحد المساجد زوراً بإخراج سيدة بسبب كونها امرأة، والحقيقة أنهم وجهوها ببساطة إلى مسجد آخر كان يعقد يوماً مفتوحاً جاءت للحضور فيه!
اعتذرت المذيع لاحقاً، لكن عبارة “الرجل المسلم الكاره للنساء” مرت دون عقاب، الأمر الذي يحمل رسالة مفادها أن مثل هذه الهجمات على المجتمع المسلم مقبولة.
قد ينكر الكثيرون وجود تسلسل هرمي للعنصرية في بريطانيا، لكن متأصل بالفعل، فقد أكدت القرارات التي اتخذتها بعض المؤسسات الأكثر أهمية في البلاد أن العنصرية ضد المسلمين دائماً ما ستخلو من العواقب.
لا يعني ذلك أن كل قرار مرتبط بكراهية الإسلام، فهناك عوامل أخرى بالتأكيد، ولكن إذا نظرنا إليها جنباً إلى جنب مع حوادث أكثر وضوحاً بالتعبير عن العداء ضد المسلمين، فإن الأمر يبدو كما لو أن الظروف أصبحت أكثر صعوبة بالنسبة للمسلمين في جميع المجالات.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)