التونسية أُنس جابر لا تزال أيقونة لكثير من العرب والأفارقة برغم خسارتها

أضاعت أنس جابر الفرصة لكتابة التاريخ بخسارتها في النهائي الحاسم لبطولة ويمبلدون، أقدم وأرقى بطولة تنس في العالم. لكن الانتظار ما زال مستمراً لكي تصبح أول لاعبة تنس عربية وأفريقية تفوز ببطولة كبرى في الجراند سلام.

خسرت النجمة التونسية، الملقبة بـ “وزيرة السعادة” بسبب البهجة التي تجلبها لبلادها ومنطقتها، أمام اللاعبة التشيكية ماركيتا فوندروسوفا في النهائي يوم السبت بمجموعتين متتاليتين (6-4، 6-4)، حيث أصبحت فوندروسوفا أول لاعبة غير مصنفة تفوز بلقب بطولة ويمبلدون للسيدات.

للأسف، لم يحالف جابر الحظ في المرة الثالثة – بعد خسارتها بفارق ضئيل في نهائي ويمبلدون في بطولة الولايات المتحدة المفتوحة في العام الماضي. كان جمهور أفريقيا والشرق الأوسط يأمل أن تحقق جابر هذه المرة ما وعدت به موهبتها الكبيرة منذ انطلاقتها في بطولة أستراليا المفتوحة في عام 2020، حين أصبحت أول امرأة عربية تصل إلى الدور ربع النهائي في بطولة كبرى.

كان الطريق إلى النهائي صعباً بالنسبة للوصيفة في بطولة ويمبلدون، حيث عادت بعد تأخرها في ربع النهائي والدور نصف النهائي. إذ كانت قد استعادت تركيزها وفازت في النهائي، حيث كانت ستحقق ثلاث انتصارات متتالية غير مسبوقة في تاريخ التنس النسائي.

ولكن، هناك العديد من الجوانب الإيجابية التي يمكن التفكير فيها رغم خسارة النهائي. فالنجمة البالغة من العمر 28 عاماً أسرت المشاهدين في ويمبلدون هذا العام مرة أخرى، أولاً وقبل كل شيء بلعبها المسلي وضرباتها السحرية والضربات الخفيفة.

على الرغم من طول قامتها النسبي البالغ 5 قدم و 6 بوصات، لم تنزعج جابر من المنافسات الأكثر قوة مثل خصمها في الدور نصف النهائي، البيلاروسية آرينا سابالنكا و التي يبلغ طولها 6 أقدام وتصل سرعة ضربتها العادية إلى 74 ميلا في الساعة.

جاذبية وتأثير

من الممكن القول أن شخصية جابر خارج الملعب هي التي جلبت لها شعبية هائلة وحضور جذاب. حيث أظهرت جابر نفسها كشخص قابل للتواصل مع وسائل الإعلام، ويظهر ذلك في تصريحاتها الهادئة والفكاهة اللطيفة في المؤتمرات الصحفية بعد المباريات.

في ويمبلدون، يحظى ذلك بأهمية خاصة، حيث يتم بث البطولة على نطاق واسع في التلفزيون بالمجان لجمهور ضخم في المملكة المتحدة. وربما أكثر أهمية، فإن مقابلاتها على أرض الملعب بعد ربع ونصف النهائي ساعدت اللاعبة المصنفة الثانية على بناء اتصال قوي مع الجماهير المتواجدة في المباريات.

نسبت جابر هذه الصلة بجمهور ملعب السنتر كورت لانتصارها الكبير ضد سابالنكا، حيث شكرت التونسية الجماهير التي تعدت 15000 شخص على مساندتها وتشجيعها خلال المباراة حتى عند تأخر مجموع نقاطها، وأضافت “شجعوني وآمنوا بي، ولولا دعمهم ربما كنت قد خسرت المباراة”.

ومع ذلك، بالنسبة للكثير من المراقبين، فإن أكثر سماتها جاذبية هي ثقتها الجريئة بهويتها وتفاؤلها بالمجتمعات التي تمثلها. لقد أصبحت النجمة التونسية مصدراً للإلهام والأمل لملايين العرب والأفارقة الذين يحتذون حذوها كمثال.

قالت جابر : “أنا لا أراها عبئاً، بل أراها متعة عظيمة ومسؤولية عظيمة. إنها جزء من العمل، جزء من سبب وجودي في المجال اليوم”.

ووصفت الوصيفة في بطولة ويمبلدون نفسها بأنها “امرأة تونسية فخورة” ترغب في أن تلهم لاعبين عرب وأفارقة آخرين للدخول إلى عالم الرياضة. قال المدير التنفيذي للاتحاد الإفريقي للتنس، هشام رياني، للصحافة الإفريقية قبل النهائي أنه بالإضافة إلى أنها “ظاهرة اجتماعية” في تونس، فإن جابر تلهم جميع لاعبي التنس في إفريقيا.

رباني قال: “نحن جميعاً ننتمي لقارة واحدة، ونشعر بالحماس لأنه من الرائع رؤيتها تعتلي هذا المسرح العالمي. إفريقيا هي مستقبل التنس، والرياضة، وكل شيء”.

ثروة مستقبلية هائلة

في العصر المفتوح، لم يحقق سوى لاعب واحد يمثل دولة أفريقية لقب بطولة جراند سلام في فردي السيدات – الجنوب أفريقي يوهان كريك في بطولة أستراليا المفتوحة عام 1981. (فاز مرة أخرى العام التالي ولكن في تلك الفترة كان يمثل الولايات المتحدة).

مع ذلك، فإنه من المؤكد لو أن جابر فازت فستصبح أول امرأة إفريقية و عربية تفوز بنهائي بطولة كبرى وأن هذه الهزيمة لن تكون نهاية قصتها. ومن المؤكد أنها ستستمر في كتابة فصول جديدة وستجد مكانها في سجلات التاريخ.

نجاح جابر، بالإضافة إلى خلفيتها وشخصيتها، يجعلها ذات قيمة هائلة تجارياً. فمن المؤكد أن العلامات التجارية والرعاة في الشرق الأوسط وأوسع من ذلك سيسعون للاستفادة من ذلك، مما سيزيد من شهرتها ويجعلها واحدة من أكثر الرياضيين المعروفين في العالم.

في العام الماضي، أصدرت شركة لوتو سبورت، الشركة الإيطالية المصنعة لمعدات الرياضة، منتجات تستوحيها من عبارة جابر المشهورة “يلا حبيبي” باللغة العربية. و سيعلم كل المشجعين والمعجبين الذين اكتسبتهم جابر على مر الأيام بسحرها على ملاعب ويمبلدون أنهم لم يروا مثلها بعد.

وتقام البطولة المفتوحة القادمة في الولايات المتحدة في نهاية أغسطس. حيث ستحتاج وزيرة السعادة لإعادة ضبط نفسها والتعافي من هذه الهزيمة الأخيرة، لكنها ستعود قريباً للقيام بما تفعله بشكل أفضل – نشر الفرح والأمل من أجل ملايين الأشخاص.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة