تواصل الحكومة البريطانية الإحجام عن تحديد أي جدول زمني لقرارها المتوقع بشأن ما إذا كانت ستستمر في ترخيص صادرات الأسلحة إلى الاحتلال.
وفي كلمته أمام أعضاء البرلمان الذي يستعد لعطلته الصيفية، أكد وزير الخارجية ديفيد لامي أنه كلف مستشارين قانونيين جدداً بمراجعة مدى امتثال دولة الاحتلال للقانون الإنساني الدولي في حربها على غزة.
وأوضح لامي أنه اتخذ ذلك الإجراء في أول يوم له في منصبه بعد فوز حزب العمال في الانتخابات العامة في الرابع من تموز/يوليو.
غير أن وزير الخارجية لم يحدد خلال كلمته يوم الثلاثاء موعد الإعلان عن قراره، ولا ما إذا كان سيفصح عن المشورة التي تلقاها علناً كما طلب من الحكومة السابقة.
وقال لامي لأعضاء البرلمان: “هذه عملية مستمرة، وأنا أتعهد بإبلاغ المجلس في أقرب وقت ممكن بشأن هذه المسألة الخطيرة للغاية“.
وذكرت مصادر عليمة أن الحكومة الجديدة تخطط لفرض قيود على مبيعات الأسلحة هذا الأسبوع، لكن تقريراً لصحيفة تايمز نشر يوم الثلاثاء أشار إلى أن الإعلان تأخر لأن الحكومة تراجع الأدلة لتحديد الأسلحة المصنوعة في المملكة المتحدة والتي ربما استخدمت في جرائم حرب مشتبه بها.
وكان لامي قد أبلغ أعضاء البرلمان في وقت سابق من هذا الشهر أنه بالنظر إلى الهجمات التي شنها الحوثيون وحزب الله وحماس على دولة الاحتلال، فإنه “لن يكون من الصواب فرض حظر شامل بين البلدين“.
وأشار إلى أنه كان يبحث في الأسلحة الهجومية التي يمكن للاحتلال استخدامها في غزة كجزء من المراجعة التي أمر بها.
“من الأهمية بمكان أن تعلق حكومة المملكة المتحدة على الفور التراخيص الحالية والجديدة لجميع مبيعات الأسلحة، سواء مباشرة إلى إسرائيل أو عبر أطراف ثالثة” – حليمة بيجوم، الرئيسة التنفيذية لمنظمة أوكسفام البريطانية
وقال النائب العمالي أفضال خان لموقع ميدل إيست آي في البرلمان يوم الثلاثاء أنه “واثق” من أن المملكة المتحدة ستقيد مبيعات الأسلحة إلى الاحتلال.
وأضاف: “لقد تم ذلك من قبل“، في إشارة إلى خمسة رؤساء وزراء سابقين فرضوا قيوداً على مبيعات السلاح.
وأشار أفضال خان إلى أنه “مضى على حكومة حزب العمال ثلاثة أسابيع فقط وقد شهدنا بالفعل الكثير من التطورات الإيجابية التي لم نشهدها من قبل في ظل حكومة المحافظين، ونحن بحاجة إلى مواصلة ذلك واحترام القانون الدولي“.
واستشهد خان، بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في وقت سابق من هذا الشهر والذي دعا الدول إلى التوقف عن مساعدة احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة.
وقال: “لقد حصلنا على تقرير محكمة العدل الدولية ونحن بحاجة إلى إعطاء الحكومة الوقت الكافي لمراجعته“.
بدورهم تساءل الناشطون وأعضاء البرلمان عن كيفية التمييز بين الأسلحة الهجومية والدفاعية.
فقد قال عضو البرلمان عن الحزب الوطني الاسكتلندي بريندان أوهارا: “نظراً لأن إسرائيل تحدد حملتها بأكملها على أنها دفاعية، فكيف يقترحون أن يخبرونا، في نهاية مراجعتهم، بعدد المدنيين الأربعين ألفاً الذين قُتلوا بأسلحة دفاعية؟“.
وردت وزيرة التنمية آنيليز دودز قائلة: “هذه عملية قانونية يجب الالتزام بها، هذه الحكومة واضحة تماماً في أننا يجب أن نتصرف بنزاهة ونضمن أننا نتبع كل هذه الإجراءات القانونية“.
وقالت هانا بوند، الرئيسة التنفيذية المشاركة لمنظمة أكشن إيد الخيرية في المملكة المتحدة أن الحكومة تتحمل “التزاماً لا لبس فيه بوقف جميع تراخيص الأسلحة للحكومة الإسرائيلية على الفور“.
واستدركت بالقول أن الحكومة “ترددت مرة أخرى، بينما يكافح عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة للبقاء على قيد الحياة في بعض أسوأ الظروف الإنسانية التي شهدناها على الإطلاق“.
ومضت تقول: “كما تعلم الحكومة، تظل المملكة المتحدة معرضة لخطر التواطؤ في جرائم حرب محتملة إذا لم تلتزم الحكومة بحظر جميع تراخيص الأسلحة“.
ويعد حظر صادرات الأسلحة إلى دولة الاحتلال بمثابة التغيير الرئيسي الثالث في السياسة البريطانية تجاه عدوان الاحتلال على غزة منذ انتخاب الحكومة الجديدة.
ففي وقت سابق من هذا الشهر، أعلن لامي أن التمويل البريطاني قد أعيد إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وخلال الأسبوع الماضي، سحبت الحكومة اعتراضاتها على مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق كبار القادة الإسرائيليين.
ورجح تحليل جديد لمنظمة أوكسفام أن يفقد نحو 7000 شخص في قطاع غزة أرواحهم أو يصابوا خلال عطلة البرلمان البريطاني التي تستمر 33 يوماً في حال استمر عدوان الاحتلال بمستواه الحالي.
وقد أسفر عدوان الاحتلال على غزة عن استشهاد 39364 فلسطينياً على الأقل منذ الهجمات التي قادتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر والتي قتل فيها أكثر من 1100 إسرائيلي.
وقالت حليمة بيجوم، الرئيسة التنفيذية لمنظمة أوكسفام البريطانية: “إن الحكومة تدرك تماماً الخطر المتمثل في احتمال استخدام الأسلحة المصدرة من المملكة المتحدة لارتكاب جرائم حرب في غزة“.
“كلما طال أمد هذا القرار، كلما ألحقت الحكومة المزيد من الضرر بسمعتها” – ياسمين أحمد، هيومن رايتس ووتش
بدورها أوضحت ياسمين أحمد، مديرة هيومن رايتس ووتش في المملكة المتحدة، أن تعليق تراخيص الأسلحة والمعدات العسكرية “هو الشيء الصحيح من الناحيتين الأخلاقية والقانونية“.
وقالت: “بموجب القانون المحلي والدولي، فإن المملكة المتحدة ملزمة بتعليق التراخيص إذا كان هناك خطر واضح من استخدام الأسلحة أو المعدات لارتكاب أو تسهيل انتهاك خطير للقانون الإنساني“.
وقالت أحمد إنه من المخيب للآمال أن المملكة المتحدة “تبدو وكأنها تتلكأ“.
وكان المسؤولون البريطانيون قد زعموا في ظل الحكومة السابقة أن قيمة صادرات الأسلحة البريطانية المرخصة لإسرائيل ضئيلة نسبياً عند مقارنتها بما تحصل عليه تل أبيب من الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا.
وخلال عام 2023، صدرت المملكة المتحدة للاحتلال أسلحة بقيمة 18.2 مليون جنيه إسترليني (23.4 مليون دولار).
وتحت ضغوط متزايدة، أصدرت وزارة الأعمال والتجارة تقريراً خارج دورة التقارير في حزيران/يونيو، كشف عن موافقتها على 100 ترخيص لتصدير الأسلحة والمعدات العسكرية وغيرها من المواد الخاضعة للرقابة منذ تشرين الأول/أكتوبر.
وأظهرت البيانات الجديدة أيضاً أنه لم يتم إلغاء أي تراخيص بعد هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر، كما لم يتم رفض أي منها، حيث لايزال 185 طلباً معلقاً منذ ذلك الحين.