بقلم فراس أبو هلال
كشف تحقيق أجراه الاتحاد الدولي للصحفيين الشهر الماضي إدعاء مقاولين إسرائيليين يعملون تحت اسم “فريق خورخي” أنهم تلاعبوا بنتائج أكثر من 30 عملية انتخابية في جميع أنحاء العالم وذلك باستخدام تقنيات مثل القرصنة والمعلومات الآلية المضللة.
وقال قائد الوحدة،وهو ضابط سابق في القوات الخاصة الإسرائيلية تل حنان، إن فريقه يتكون من “خريجي الأجهزة الحكومية”.
وبحسب التحقيق، كانت بعض عملياتهم تدار من خلال شركة ديمومان إنترناشيونال، وهي شركة إسرائيلية “مسجلة على موقع إلكتروني تديره وزارة الدفاع الإسرائيلية لتعزيز الصادرات الدفاعية”.
لا تعتبر اكتشافات فريق خورخي أول دليل على استخدام إسرائيل للتكنولوجيا لمساعدة الطغاة وتخريب الديمقراطية
في الواقع، فإن دولة إسرائيل لديها علاقة متناقضة مع الديمقراطية، فهي تحافظ على “ديمقراطية” معيبة داخليًا، وتستخدم نظام الفصل العنصري على حساب الفلسطينيين من النهر إلى البحر، ولها أيضًا تاريخ طويل من التحالفات مع الطغاة في المنطقة وخارجها.
وفي أعقاب الربيع العربي، أصبح موقف إسرائيل الغامض تجاه الديمقراطية في الشرق الأوسط أكثر وضوحًا حيث رأى العديد من السياسيين ومراكز الفكر الإسرائيلية الثورة في مصر والإطاحة بالديكتاتور حسني مبارك تهديدًا للمصالح الإسرائيلية.
ومع اندلاع الثورة في مصر، حثت وزارة الخارجية الإسرائيلية الدبلوماسيين الغربيين على عدم انتقاد نظام مبارك. ووفقًا لوزير دفاع أمريكي سابق، فقد قدمت إسرائيل مجموعة من الشكاوى ضد محمد مرسي الذي يعد أول رئيس مصري منتخب ديمقراطياً.
في سوريا أيضا، كان موقف العديد من السياسيين والمثقفين الإسرائيليين هو تجنب دعم الثورة الشعبية على مبدأ “تمسك بالشيطان الذي تعرفه”.
وفي السودان، فشلت إسرائيل في إدانة انقلاب 2021 وسط سعي للتطبيع الثنائي.
مهاجمة حقوق الإنسان
إن ما اكتشفه فريق خورخي لا يعد أول دليل على استخدام إسرائيل للتكنولوجيا لمساعدة الطغاة وتخريب الديمقراطية من خلال مهاجمة نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين.
فلقد كشفت العديد من التقارير الاستقصائية عن الدعم السري الذي تلقاه الطغاة في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم من الشركات الإلكترونية الإسرائيلية كمجموعة NSO وبرنامج التجسس، بيغاسوس، سيئ السمعة.
قد تساعدنا ثلاثة عوامل في فهم التناقض بين الادعاءات الإسرائيلية حول الديمقراطية ودعم الدولة المتزامن للديكتاتوريات، خاصة في الشرق الأوسط.
أولاً، لا تختلف إسرائيل في هذا الصدد عن أي دولة استعمارية أو إمبريالية غربية أخرى تعزز الديمقراطية لشعوبها بينما تدعم الطغاة في الخارج وتستفيد منهم.
ثانيًا، صنعت إسرائيل روايتها الموجهة للغرب على أساس أنها “الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”. لذا فكلما كانت الدول في المنطقة أقل ديمقراطية كانت روايتها أكثر فاعلية.
ثالثًا، تفضل الحكومات الإسرائيلية التعامل مع الديكتاتوريات بدلاً من الديمقراطيات في الشرق الأوسط، لأنه لا يوجد زعيم منتخب ديمقراطي لأي دولة عربية يمكنه تطبيع العلاقات مع إسرائيل دون الحصول على الحد الأدنى من الحل السياسي المقبول للفلسطينيين، لأن الغالبية العظمى من الشعوب العربية تؤيد الحقوق الفلسطينية وتعارض الاحتلال.
إن الموقف الإسرائيلي والغربي تجاه الديمقراطية في الشرق الأوسط مستمد أيضًا من التحيز الاستشراقي الكبير الذي يرى وسائل الإعلام الغربية الرئيسية تغطي على نطاق واسع احتجاجات المعارضة في إسرائيل و التي من شأنها أن تؤثر على “الديمقراطية” الإسرائيلية، لكنها تفشل في إيلاء نفس الاهتمام لاكتشافات فريق خورخي، والتي تضمنت تخريب ديمقراطيات “العالم الثالث”.
وستواصل إسرائيل والدول الغربية لعب هذه اللعبة حيث تقدم خطابًا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط بينما تدعم في الوقت ذاته الديكتاتوريات في هذه البلدان.
لكن لا يجب أن تغضب هذه الحقيقة الشعوب العربية، بل على العكس من ذلك، لا بد أن تحفزهم للنضال ضد الاستبداد والاحتلال والإمبريالية.
للإطلاع على المادة الأصلية من (هنا)