السعودية تطالب معتقلاً أفرج عنه بالتخلي عن جنسيته الأمريكية للسماح له بالعودة إلى عائلته في فلوريدا

قال نجل مواطن أمريكي سعودي أنه لم يعد بوسع والده الذي أمضى أكثر من عام في السجون السعودية العودة إلى منزله في فلوريدا ما لم يتنازل عن جنسيته الأمريكية.

وكان سعد إبراهيم الماضي البالغ من العمر 74 عاماً قد اعتقل في عام 2021 في مطار الرياض عندما سافر إلى موطنه المملكة العربية السعودية لزيارة عائلته، وحُكم عليه بالسجن لمدة 19 عامًا، ولكن أطلق سراحه بعد أكثر من عام على اعتقاله.

ووجهت السلطات السعودية لماضي تهمة اعتناق أيديولوجية إرهابية، ومحاولة زعزعة استقرار المملكة، فضلاً عن دعم وتمويل الإرهاب.

وجاء الاعتقال والحكم على ماضي بسبب نشره 14 تغريدة عبر حسابه على منصة X أثناء وجوده في الولايات المتحدة على مدى السنوات السبع السابقة.

وأشارت إحدى تغريدات الماضي إلى الصحفي جمال خاشقجي، كاتب العمود في ميدل إيست آي وواشنطن بوست، الذي قُتل على يد فريق إعدام سعودي في قنصلية المملكة بإسطنبول عام 2018، وتضمنت تغريدات أخرى انتقادات للفساد داخل المملكة.

وقالت هايدن ويلش، مسؤولة المناصرة في مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط (MEDC) ومقره واشنطن، لموقع ميدل إيست آي إن المنشورات كانت “مضبوطة” نسبياً ولا تستدعي الاحتجاز.

وأضافت أن الماضي لم يكن علماً ذائع الصيت، مستدركةً بالقول “رأينا بعض الأشخاص الذين لا يتمتعون بشهرة كبيرة وقد حصلوا على أحكام طويلة بشكل مثير للسخرية في المملكة العربية السعودية في ظروف مماثلة أيضاً، لم يكونوا ناشطين معروفين، وكان لديهم بضع عشرات من المتابعين على تويتر، لكنهم ما زالوا محتجزين لأنه لا يتم التسامح مع المعارضة”.

من ناحيته، ذكر إبراهيم الماضي وهو نجل سعد والذي يقيم الآن في الولايات المتحدة، أن والده يتعرض لضغوط للتخلي عن جنسيته الأمريكية مقابل رفع حظر سفره من المملكة، الذي سيسمح له بالعودة إلى وطنه.

وأضاف إبراهيم البالغ من العمر 28 عاماً لأسوشييتد برس أن والده وقع على وثيقة تحت الضغط للتخلي عن جنسيته الأمريكية، ولكن نظرًا للعملية البيروقراطية المعنية والتصميم على أنه لم يفعل ذلك طواعية، رفضت وزارة الخارجية الأمريكية الإقرار بهذا التخلي، ما أبقى سعد مواطنًا أمريكيًا.

وأشارت منظمة MEDC إلى أنها على علم بثلاث حالات أخرى على الأقل يتعرض فيها مواطنون أمريكيون وسعوديون مزدوجو الجنسية لضغوط للتخلي عن جنسيتهم الأمريكية، حيث لا تعترف المملكة العربية السعودية بالجنسية المزدوجة.

وعبر ويلش عن اعتقاده بأن هذه الضغوط مجرد “خدع غير نزيهة على الإطلاق”، مشككاً في وفاء السلطات السعودية بتعهداتها للمواطنين بعد تخليهم عن جنسياتهم الأمريكية.

وقال: “أعني أن هذا أمر لا معنى له، أليس كذلك؟ هو سيتخلى عن الجنسية، ثم يُسمح له بمغادرة البلاد والعودة للعيش في أمريكا التي لم يعد مواطنًا فيها، هل هذا منطقي؟”.

الاعتقالات غير المشروعة

ولطالما دعا إبراهيم إلى تصنيف والده كمواطن أمريكي “محتجز ظلماً”، مما يعني نقل قضيته من مكتب الشؤون القنصلية بوزارة الخارجية إلى مكتب المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن الذي يدير مجموعة متنوعة من الأدوات لتأمين إطلاق سراح الأمريكيين الذين يُعتبرون محتجزين ظلماً في الخارج.

ففي يوم الأربعاء، وقبل أقل من أسبوعين من انتهاء ولايته، طرحت إدارة بايدن أول “استراتيجية لمكافحة الاحتجاز غير المشروع”، وهي وثيقة من 27 صفحة تحدد “الطيف الكامل للجهود الدبلوماسية في منع وردع الاحتجاز غير المشروع للمواطنين الأميركيين”.

وتسلط الوثيقة الضوء على فئتين من الاحتجاز غير المشروع، الأولى “متعمدة”، حيث قد يتم زرع الأدلة على سبيل المثال لتؤدي إلى اعتقال شخص ما، والثانية “انتهازية”، حيث قد يرتكب مواطن أميركي شيئًا مثل جريمة المخدرات، لكن السلطات تستغل بعد ذلك جنسيته.

وتنص الوثيقة على أن “وزارة الخارجية والشركاء بين الوكالات يستخدمون جميع أدوات القوة الوطنية لمواجهة الاحتجاز غير المشروع بشكل استباقي”. 

ومع ذلك، تضيف أنه “قد تكون هناك أوقات تتعارض فيها الاعتبارات السياسية مع جهود الوقاية والردع، وتعاني الأولويات والموارد المقدمة لهذه القضية”.

وأوضحت ويلش أن هذه الخطوة قد تشير إلى أن سعد كان في مرحلة ما، ربما ليس علنًا، ضمن مكتب شؤون الرهائن باعتباره خارج السجن من الناحية الفنية، أو قد يعني ذلك أنه لم يتم تصنيفه أبدًا على أنه محتجز ظلماً منذ البداية.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية في وقت لاحق لموقع ميدل إيست آي: “تقدم الحكومة الأمريكية للسيد سعد الماضي الدعم القنصلي عند الطلب، ونواصل الدفاع عن السيد الماضي مع الحكومة السعودية ونأمل أن يتمكن قريبًا من لم شمله مع عائلته في الولايات المتحدة”.

وأضاف المتحدث: “عندما أثار المواطنون الأمريكيون التحديات التي يواجهونها مع حظر الخروج، قدمنا المساعدة القنصلية وعملنا على ضمان حصولهم على معاملة عادلة وشفافة”، مشيرًا إلى أن المملكة العربية السعودية معروفة أحيانًا “بإصدار حظر السفر لأسباب متنوعة”.

وقالت ويلش إن واشنطن لا تستطيع دائمًا تحديد العملية الدقيقة التي تحدد من خلالها أن شخصًا ما محتجز ظلماً لأسباب أمنية.

أما إبراهيم، فأكد لوكالة أسوشييتد برس أن مسؤولاً قنصلياً أمريكياً زار والده منذ ما يقرب من عام، ولكن الولايات المتحدة لم تتخذ إجراءات كافية.

وأضاف أن الدفاع عن سعد أصبح مهمة شاقة، مما حد من قدرة إبراهيم على المضي قدمًا في حياته الخاصة.

وقالت ويلش لميدل إيست آي أن إحدى المشكلات في وثيقة استراتيجية الاحتجاز غير المشروع التي أصدرتها وزارة الخارجية هي أنها تؤكد على أن “خصوم” الولايات المتحدة هم الذين يحتجزون المواطنين الأميركيين.

وعلى الرغم من تأكيدات الرئيس جو بايدن خلال حملته الانتخابية في عام 2020 على أن المملكة العربية السعودية كانت “منبوذة”، إلا أنه سرعان ما زار المملكة بنفسه، حيث التقى بولي العهد محمد بن سلمان عندما أصبحت أسعار النفط مرتفعة للغاية بحيث لا يستطيع الأميركيون التعامل معها.

ومنذ ذلك الحين، ظل التركيز الرئيسي لإدارة ترامب منصباً على الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية والاحتلال، بناءً على اتفاقيات أبراهام التي أبرمها دونالد ترامب. 

ولطالما كان يِنظر إلى فتح العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والاحتلال باعتباره الهدف النهائي في المنطقة، للمساعدة في صد النفوذ الإيراني وتأمين المصالح الاقتصادية والعسكرية الأمريكية.

لكن هذه الجهود انقلبت رأساً على عقب إلى حد كبير بسبب الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر 2023 على جنوب دولة الاحتلال والعدوان اللاحق على غزة، والذي استمر بلا هوادة لمدة 15 شهرًا.

وفي 20 يناير/كانون الثاني، سيتولى الرئيس المنتخب ترامب المكتب البيضاوي مرة أخرى، مع ترحيب المملكة العربية السعودية بإعادة انتخابه. 

ولدى عائلة ترامب تعاملات تجارية واسعة النطاق في المملكة، فهل من الممكن أن يقود ميله إلى عقد الصفقات إلى إعادة سعد؟

أجابت ويلش على هذا السؤال بالقول: “أعتقد أن ذلك ممكن إذا التزم ترامب بفعله، وأظن أن الأمر كله يتعلق فقط بمدى رغبة الرئيس ترامب حقًا في حدوث ذلك”.

وختمت بالقول: “لدينا في مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط الكثير من المخاوف بشأن التزام الحكومة الأمريكية بحقوق الإنسان على مستوى العالم في ظل إدارة ترامب، ولكن عندما يتعلق الأمر بإعادة المواطنين الأمريكيين إلى الوطن، نعتقد أن هناك بعض الإمكانات”.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة