السيسي يرى الجوع ثمناً مستحقاً لـ “تقدم البلد”!

في آخر تصريحاته، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن على شعبه تقبل الجوع المحتمل كثمن من أجل ما اعتبره “تقدم البلاد”، حتى أنه مستعد لتدمير مصر، على حد وصفه، ومن الصادم أنه أضاف لتصريحه أنه يمكن أن “يدمر مصر” من خلال توزيع المخدرات على الفقراء قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في ديسمبر المقبل!

علاوة على ذلك، فقد وصف السيسي معارضيه، في الخطاب الذي أثار الجدل من عاصمته الإدارية الجديدة، بأنهم “كاذبون ومخربون وأشرار”، في الوقت الذي ينتقد فيه الكثيرون إنفاق مليارات الدولارات على مشاريع بنية تحتية، مقابل تردي الأوضاع المعيشية للشعب المصري!

وقد جاء في خطاب السيسي “إياكم أيها المصريون أن تقولوا إنكم تفضلون الأكل على البناء والتقدم، فإذا كان ثمن تقدم الأمة وازدهارها هو الجوع والعطش، فلا نأكل ولا نشرب”، وأضاف “لا تقوضوا قضية أمتنا وتجعلونا أضحوكة للعالم، اصمدوا وحوّلوا الظروف القاسية التي نمر بها إلى هدية، فكلما صمدت أكثر، كلما مرت الأزمات بشكل أسرع”.

أثار السيسي الجدل أيضاً، في خطابه، حين تحدث عن طرق افتراضية يمكنه بها تدمير مصر، واسترسل بأنه يمكنه فعل ذلك من خلال توزيع المخدرات في البلاد، وأنه تحدث مع مجلس القضاء الأعلى لسؤالهم عن مدى سهولة التدمير، فكانت الخلاصة أن إعطاء 100 ألف شخص “يمر بظروف صعبة” حبوب الترامادول، سيفي بالغرض وبتكلفة لا تزيد عن 30 مليون دولار!

اعتمدت مصر في محاولة إنقاذها على حلفائها الأكثر ثراءً في الخليج وصندوق النقد الدولي، مع تجاهل لسبب الأزمة الأبرز المتمثل بتزايد قبضة الجيش على الاقتصاد في أعقاب انقلاب 2013 الذي أطاح بحكومة محمد مرسي المنتخبة

قال السيسي “كنت أتحدث مع المسؤولين في مجلس القضاء الأعلى هذا الصباح وقلت لهم، هل تتخيلون أنني أستطيع تدمير مصر بـ 2 مليار جنيه”، وأضاف “لقد فوجئوا، فقد أخبرتهم بأنني أستطيع أن أعطيهم ترامادول و20 جنيهًا إسترلينيًا لـ 100 ألف شخص يمرون بأوقات عصيبة، وبذلك أستطيع أن أدمر بلداً يزيد عدد سكانه عن 105 ملايين، بمليار جنيه”!

من غير المفهوم سبب نشر تلك التصريحات التي وردت على لسان السيسي، ولكن مما لاشك فيه أنها قوبلت بانتقاد شديد، فقد أدان المرشح الرئاسي الوحيد مقابل السيسي في الانتخابات القادمة، الخطاب.

كتب الطنطاوي على موقع اكس مخاطباً السيسي، “لقد مات المصريون جوعاً أثناء حكمك بسبب إدارتك، ولم يروا أياً من التنمية التي وعدوا بها، فالعمارات الشاهقة والمدن والقصور المبنية في الصحاري جاءت على حساب المواطن وحقه في الحياة الكريمة والتعليم”، وأضاف ” الحكومة جردت المواطنين من الحماية الاجتماعية، مما ترك ثلثي المصريين يعيشون تحت خط الفقر، في حين تدهورت أوضاع معظم الثلث المتبقي”.

آخرون انتقدوا السيسي أيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي، فمنهم من اعتبره “كاريكاتيراً لرجل مجنون”، فيما قال آخر أن المفترض هو أن تؤدي تلك التصريحات إلى السجن، وللمفارقة، في ظل أزمة اقتصادية خانقة، لم يعد لدى السيسي ما يرد به على الانتقادات غير السجن!

أزمة اقتصادية مستمرة

في ظل انتخابات رئاسية مقبلة في ديسمبر، ويتوقع أن يفوز فيها السيسي بولاية ثالثة، يؤكد المحللون أن مصر هي ثاني أكثر دولة معرضة لخطر أزمة الديون، بعد أوكرانيا التي مزقتها الحرب.

رغم ذلك، عندما يسأل السيسي عن نوع البلد الذي يريد العيش فيه، وإذا ما كان يريد بناء تبني مصر وخوض المغامرة بشكل إصلاحي حقيقي، فهو يتهرب من الإجابة!

وتعاني مصر من أزمتها الاقتصادية منذ سنوات، ولكن الوضع تفاقم مع حرب أوكرانيا التي أثرت بشدة على أسعار المواد الغذائية في البلاد، فقد أظهرت الأرقام الرسمية أن التضخم السنوي وصل إلى مستوى قياسي بلغ 39.7% في أغسطس، في حين تراجع الجنيه المصري بشكل غير مسبوق.

اعتمدت مصر في محاولة إنقاذها على حلفائها الأكثر ثراءً في الخليج وصندوق النقد الدولي، مع تجاهل لسبب الأزمة الأبرز المتمثل بتزايد قبضة الجيش على الاقتصاد في أعقاب انقلاب 2013 الذي أطاح بحكومة محمد مرسي المنتخبة.

مقالات ذات صلة