كان محمد قريقع معروفاً بأسلوبه البليغ في التحدث، وهي مهارة أظهرها للعالم في تقرير تلفزيوني مباشر قبل لحظات من اغتياله من قبل إسرائيل في غزة.
كان مراسل الجزيرة البالغ من العمر 33 عاماً واحداً من 6 صحفيين فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية مباشرة ومتعمدة على خيمتهم الإعلامية بجوار مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وقد قضى لحظاته الأخيرة على الهواء في إعداد تقارير عن الأزمة الإنسانية الأليمة في قطاع غزة، حيث أدى الحصار الإسرائيلي الذي استمر شهوراً إلى تجويع مليوني فلسطيني.
“إن شاء الله تحمل الأيام المقبلة أخباراً على الأقل عن إنهاء هذه المذبحة والبؤس المرهق، إن شاء الله الأيام القادمة ستكون مليئة بالسلام والهدوء والسعادة وتنتهي الحرب” – الشهيد الصحفي محمد قريقع في بث مباشر قبل وقت قصير من اغتياله في غزة
ولد قريقع عام 1992 في حي الشجاعية في مدينة غزة، وهو خريج الجامعة الإسلامية في المدينة، وقد ساهم في العديد من الأخبار والقصص في موقع ميدل إيست آي وغيره قبل أن يبدأ العمل في قناة الجزيرة.
وتتذكر الصحفية في موقع ميدل إيست آي، مها الحسيني، العمل معه لعدة أشهر بعد بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر عام 2023، مشيرة إلى إعجابها بشجاعته والتزامه.
أوضحت الحسيني: “لقد تهجرت قسرياً في جنوب غزة، بينما بقي هو في الشمال، رافضاً الإخلاء أو التخلي عن مسؤولياته هناك، فقد كان محمد يخرج إلى الميدان لجمع الشهادات وشهود العيان في أماكن لم أتمكن من الوصول إليها بسبب الفصل الإسرائيلي للشمال عن الجنوب، حتى أنه كان يشعر بالمسؤولية عن إخباري عن جرائم لم يعرف عنها الإعلام بعد، وكان يشعر أن من واجبه فضح ما يحدث”.
لقد قتلت إسرائيل 238 صحفياً فلسطينياً في غزة منذ بداية الحرب، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، وكان قريقع يعرف العديد من زملائه الشهداء.
في أحد المقاطع التي تم بثها مؤخراً، شوهد قريقع وهو يشيد بإسماعيل الغول، وهو صحفي قُتل قبل عام، فكان يقرأ قصيدة مؤثرة وهو يرتدي الخوذة الصحفية التي كان يرتديها صديقه الراحل.
اغتيل قريقع على باب مستشفى الشفاء، وهو نفس المكان الذي قتلت فيه والدته قبل عام، فكان قد اكتشف رفات والدته في أوائل إبريل من العام الماضي، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي الذي استمر أسبوعين على المستشفى، وبعد 4 أشهر، فقد قريقع شقيقه الذي استشهد متأثراً بجراحه في هجوم إسرائيلي.
مثل الصحفيين الآخرين الذين يعملون تحت ضغط الهجمات الإسرائيلية في غزة، فقد انفصل قريقع عن عائلته لعدة أشهر، حيث ظهر في مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع وهو يبكي وهو يستمع إلى صوت ابنته.
قبل وقت قصير من اغتياله، أمضى قريقع لحظاته الأخيرة داخل السيارة وهو يجيب على أسئلة حول حرب غزة خلال البث المباشر، وفي تعليقه على الإعلان الإسرائيلي الأخير عن سيطرته الكاملة على غزة قال: “إن شاء الله تحمل الأيام المقبلة أخباراً على الأقل عن إنهاء هذه المذبحة والبؤس المرهق، إن شاء الله الأيام القادمة ستكون مليئة بالسلام والهدوء والسعادة وتنتهي الحرب، كلنا فقدنا شيئاً وأنا لا أتحدث عن خسارة بيوتنا، فمن بنى حجراً قادر على إعادة بنائه، لكننا جميعاً عانينا من الخسائر في غزة، كل واحد منا لديه قصة وكل قصة أصعب من الأخرى، وفي النهاية، هي خطة الله وعلينا أن نستسلم لإرادة الله”.
وكانت كلماته الأخيرة للمتابعين الذين يشاهدون بثه المباشر كلمات تقدير واعتذار لعدم الرد على كل تعليقاته.