الصحافية الفلسطينية مها الحسيني تفوز بجائزة الشجاعة الصحفية عن تغطيتها للعدوان على غزة لصالح موقع ميدل إيست آي

فازت الصحافية الفلسطينية المستقلة مها الحسيني على بجائزة الشجاعة الصحفية من المؤسسة الإعلامية النسائية الدولية (IWMF)، تقديراً لتقاريرها التي قدمتها لموقع ميدل إيست آي حول عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزة.

وحجزت الحسيني مقعدها بين ثلاث فائزات بجائزة الشجاعة الصحفية، وفقاً لإعلان المؤسسة التي تتخذ من واشنطن مقراً لها يوم الاثنين والذي ورد فيه أن (IWMF)  تكرم الشجاعة الملحوظة في السعي إلى التغطية الإعلامية.

ومنذ بدء العدوان على غزة في تشرين الأول/أكتوبر، نشرت الحسيني عشرات القصص، بما في ذلك تقرير يكشف عن عمليات الإعدام الميدانية التي نفذتها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين.

واسترعى التقرير اهتماماً خاصاً بعدما جرى استخدامه كدليل من قبل جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية في القضية التي تتهم فيها دولة الاحتلال بارتكاب الإبادة الجماعية.

وفي تعليقها على الفوز بالجائزة، قالت مها الحسيني لميدل إيست آي أنها تشعر بالسعادة والحزن في الوقت نفسه بعد التنويه الذي تلقاه عملها الصحفي.

وأوضحت ما عنته بقولها: “أنا سعيدة لأنها محاولة أخرى للاعتراف بعمل الصحفيين الفلسطينيين وجعلهم مسموعين ومرئيين، لكنني حزينة لأنني أعرف قيمة مثل هذا التقدير في مكان استشهد فيه أكثر من 150 صحفياً على مدار ثمانية أشهر”.

هذا ونوهت المؤسسة الإعلامية النسائية الدولية ( IWMF ) بأداء الحسيني، التي كانت تقيم في مدينة غزة قبل الحرب، وذلك لعملها في ظل ظروف شاقة أثناء القتال.

وقد شكلت هجمات الاحتلال تهديدات يومية لحياة الحسيني وأجبرتها على الانتقال إلى مكان آخر عدة مرات والعيش في ظروف بائسة كحال جميع سكان غزة الفلسطينيين البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة تقريباً.

في بعض الأحيان، اضطرت الحسيني إلى العمل دون الوصول إلى الكهرباء والإنترنت أثناء قطع الاحتلال للتيار الكهربائي. 

كما تم تقييد حرية الحسيني في التنقل داخل غزة، بما في ذلك الوصول إلى منزلها، بسبب حصار الاحتلال ونقاط التفتيش.

وقالت الحسيني: “صار من الواضح لي يوماً تلو آخر ومنذ بداية عدوان الاحتلال أن الصحفيين أصبحوا أهدافاً لجيش الاحتلال، والعديد من الصحفيين الذين استشهدوا أثناء التغطية كانوا زملاء تعاونت معهم عن كثب”.

وقالت إنها كانت تواجه كل صباح احتمال أن تقتل في اليوم التالي، وكانت تردد بهدوء لفظ الشهادة في كل مرة تخرج فيها لتغطية الأحداث.

“أدرك أن عملي ينطوي على مخاطر هائلة، لكن لا أستطيع أن أقول إنني خائفة من أن أكون صحفية، لم أشعر قط بالتردد في الذهاب إلى الميدان أو تغطية أي قصة، لكنني مع ذلك أخشى أن يُسْكِت صوت آخر، ويُكسَر قلم آخر إذا قُتلت”. – مها الحسيني، صحفية فلسطينية

وعبرت الحسيني عن أملها بأن يؤدي فوزها بالجائزة إلى تسليط الضوء على العمل الذي يقوم به الصحفيون الفلسطينيون، وخاصة عندما “تختار العديد من وسائل الإعلام الدولية تجاهل قصصهم وتقاريرهم”.

وأضافت أن هذا مهم بشكل خاص الآن حيث تمنع دولة الاحتلال الصحفيين الدوليين من دخول غزة.

وقد فازت الحسيني بالجائزة إلى جانب لورين تشولجيان، مراسلة ومنتجة كبيرة في إذاعة NHPR الأمريكية، ومونيكا فيلاسكيز فيلاسيس، صحفية استقصائية ومقدمة في مؤسسة لا بوستا الإعلامية الرقمية الإكوادورية.

وقالت إليسا ليز مونوز، المديرة التنفيذية لـ IWMF: “نحن بحاجة إلى أصوات النساء في وسائل الإعلام الإخبارية للحفاظ على حرية الصحافة، ونحن بحاجة ماسة إلى حماية النساء مثل لورين ومها ومونيكا لضمان محاسبة السلطة وبقاء القيم العادلة”.

من ناحيته علق ديفيد هيرست، رئيس تحرير ميدل إيست آي على منح الجائزة للصحفي الحسيني بالقول: “العيش لمدة ثمانية أشهر في ظل ظروف لا يوجد فيها ملاذ آمن من الطائرات المسيرة والصواريخ أمر لا يطاق بحد ذاته”.

وتابع: “ولكن أن تقوم بتغطية الأحداث في ظل ظروف يتم فيها استهدافك عمداً كصحفي، وتشهد مقتل زملائك، فهذا إنجاز لا يمكن أن يتخيله سوى عدد قليل من الصحفيين الآخرين، تستحق مها أعلى جائزة عن عملها”.

وذكرت لبنى مصاروة، رئيسة مكتب فلسطين وإسرائيل في ميدل إيست آي، أن الكلمات لا تكفي لوصف مدى استحقاق مها الحسيني للتقدير.

وقالت مصاروة: “على الرغم من كل ما تحملته من القنابل والنزوح ورؤية زملائها يُقتلون فقد ظلت مها صامدة ومهنية ومخلصة لمهمتها المتمثلة في إعطاء صوت للشعب الفلسطيني”.

ووفقاً لمسؤولين محليين، فقد قتل جيش الاحتلال ما لا يقل عن 150 صحفياً من بين ما يقدر بنحو 37 ألف فلسطيني في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وذكرت لجنة حماية الصحفيين أن هذه الفترة كانت الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين منذ بدأت المنظمة غير الحكومية في جمع البيانات في عام 1992.

وأضافت مصاروة: “من الرائع أن نرى عمل مها، وبالتالي عمل الصحفيين الفلسطينيين في غزة، يحظى بالتقدير من قبل العالم، لكن لا يمكن حقاً لأي قدر من الجوائز والكلمات أن تبدأ في التعبير عن مدى استحقاقها للتقدير”.

ومن بين قصص الحسيني التي نوهت بها المؤسسة الإعلامية النسائية الدولية ( IWMF ) تقرير عن واقع النساء اللواتي يلدن في منازلهن في غزة، وقصة أخرى تتحدث عن فتاة اضطرت إلى حمل شقيقها المشلول البالغ من العمر ست سنوات لعدة أميال أثناء نزوحها من القصف.

قضت الحسيني عقداً كاملاً في عملها كمراسلة صحفية، فقد بدأت عملها كصحفية مستقلة في تموز/يوليو 2014 أثناء عدوان الاحتلال على غزة، حيث أنتجت وأعدت وقدمت تقارير عن القتال الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 2200 فلسطيني ومقتل نحو 60 إسرائيلياً.

وتكتب الحسيني لصالح موقع ميدل إيست آي منذ عام 2018 وقامت بتغطية مئات القصص التي تركز على حقوق الإنسان والصراع المسلح.

وفي عام 2020، فازت الحسيني بجائزة مارتن أدلر، التي تمنحها مؤسسة روري بيك المرموقة، لتقاريرها لصالح ميدل إيست آي من غزة.

كما تم إدراج اسم الحسيني في القائمة المختصرة لجائزة المراسل المحلي لعام 2023 التي يمنحها صندوق كورت شورك التذكاري.

وتعمل الحسيني أيضاً مديرة استراتيجية لمرصد حقوق الإنسان الأورومتوسطي ومقره جنيف.

وتُمنح جوائز الشجاعة في الصحافة من المؤسسة الإعلامية النسائية الدولية (IWMF) سنوياً للصحفيات اللاتي “لا يتنحّين جانبًا، ولا يمكن إسكاتهن، ويستحققن الاعتراف بقوتهن في مواجهة الشدائد”.

وكانت شيرين أبو عاقلة، الصحفية الفلسطينية الأمريكية الشهيرة، قد فازت بالجائزة في عام 2023 بعد أن قُتلت برصاص قوات الاحتلال قبل عام.

يذكر أن المؤسسة الإعلامية النسائية الدولية ( IWMF ) هي منظمة تعمل على المستوى الدولي لرفع مكانة المرأة في وسائل الإعلام، وقد أنشأت برامج لمساعدة النساء في وسائل الإعلام على تطوير حلول عملية للعقبات التي يواجهنها في حياتهن المهنية والخاصة.

مقالات ذات صلة