شرعت محكمة العدل الدولية في لاهاي، اليوم الاثنين، بعقد جلسات الاستماع بشأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وتجري هذه الجلسات بشكل منفصل عن المداولات في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا بشأن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والتي حظيت بتغطية إعلامية واسعة.
وستستمع أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة إلى شهادات 52 دولة وثلاث منظمات دولية حول العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود.
ومن المتوقع أن تسهم جلسات الاستماع في إصدار رأي استشاري عن محكمة العدل الدولية في وثيقة تحمل سلطة قانونية وأخلاقية كبيرة لكنها لا تتمتع بقوة الإلزام لحمل إسرائيل على تنفيذ مخرجات القرار.
ويعتبر عدد الدول المشاركة في الإجراءات الشفوية الأعلى على الإطلاق منذ إنشاء محكمة العدل الدولية في عام 1945.
وتحتل إسرائيل ما يعتبره القانون الدولي أرضاً فلسطينية منذ حرب عام 1967، بما فيها القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة، كما ستأخذ جلسات الاستماع بعين الاعتبار تشريعات إسرائيل أحادية الجانب وبناء المستوطنات وأعمال العنف المرتكبة ضد الفلسطينيين.
وتعود القضية الحالية إلى كانون الأول/ديسمبر 2022 عندما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو محكمة العدل الدولية إلى إصدار رأي استشاري بشأن احتلال إسرائيل المستمر للأراضي الفلسطينية منذ 57 عامًا.
وفي ذلك الوقت، صوتت الجمعية بأغلبية 87 صوتاً لصالح القرار مقابل 26 معارض وامتناع 53 عن التصويت على طلب إصدار المحكمة رأيها الاستشاري.
كما طلب قرار الأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية تقديم المشورة بشأن كيفية تأثير هذه السياسات والممارسات “على الوضع القانوني للاحتلال” وما هي العواقب القانونية التي ستترتب على جميع البلدان وعلى الأمم المتحدة من هذا الوضع.
ومن المقرر أن تستمر جلسات الاستماع حتى 26 شباط / فبراير، قبل أن يمضي القضاة عدة أشهر للتداول في إصدار الرأي الاستشاري.
ومن بين الدول المقرر أن تشارك في جلسات الاستماع الولايات المتحدة والصين وروسيا وجنوب أفريقيا ومصر، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي.
ولن تشارك إسرائيل في الجلسات رغم إرسالها ملاحظات مكتوبة قاسية حولها.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد وصف قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي بطلب الاستشارة القانونية من المحكمة بأنه “حقير” و”مشين”.
وفي بداية جلسة الاثنين، تحدث وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي عن مصاعب الاحتلال، مشيراً إلى أن ” أكثر من 3.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، يتعرضون لاستعمار أراضيهم والعنف العنصري ضدهم”.
وقبل الجلسة، قال ممثلون عن السلطة الفلسطينية أن حجتهم تقوم على أن إسرائيل انتهكت ثلاثة مبادئ رئيسية للقانون الدولي وهي حظر الغزو الإقليمي عن طريق ضم مساحات واسعة من الأراضي المحتلة، وانتهاك حق الفلسطينيين في تقرير المصير، وفرض نظام التمييز العنصري والفصل العنصري.
وتسعى المحكمة إلى إصدار الرأي قبل نهاية العام، سيكون الرأي الاستشاري الثاني الذي تصدره المحكمة الدولية منذ عام 2004 عندما أصدرت رأياً تاريخياً بعدم شرعية بناء إسرائيل لجدار الفصل العنصري الذي بنته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية مطالبةً بإزالته دون أن يتم ذلك فعلاً.
وعلى الرغم من الطبيعة غير الملزمة لقرارات محكمة العدل الدولية، تقول جماعات حقوق الإنسان أن هذه القرارات يمكن أن يكون لها تأثير، حيث ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش يوم الاثنين أن أي رأي يصدر يمكن أن ” يحمل سلطة أخلاقية وقانونية كبيرة ويمكن أن يصبح في نهاية المطاف جزءًا من القانون الدولي العرفي الملزم قانونًا للدول”.