العدوان على غزة يضاعف معاناة النساء الحوامل ويزيد آلامهن

بقلم أسيل موسى

ترجمة وتحرير مريم الحمد

كلما مر شريط الإثني عشر يوماً التي مضت عليها في الحرب على غزة، تنهمر دموع حنين موسى وكأنها في كابوس لا تستطيع الاستيقاظ منه، فهي حامل في شهرها الثالث، ولديها ابنتان إحداهما عمرها سنتان والأخرى 3 سنوات.

أُجبرت حنين على الخروج من منزلها في جباليا، شمال غزة، تحت تهديد غزو بري مرتقب على القطاع، ولذلك يصاحبها التوتر والذعر المستمر، مما قد يؤثر على حملها ويفقدها جنينها، فلقد كانت بالأصل تعاني من اضطراب في الحمل وهي بحاجة لرعاية وفحص طبي، ولكن القصف العنيف جعلت الوصول للأطباء والخدمات الطبية شبه مستحيل.

تقول حنين “لقد تأثرت صحتي العاطفية بشدة، ويغمرني الخوف على بناتي وعلى الجنين في بطني، ولم يعد بإمكاني حبس دموعي”، فقد هربت حنين من جباليا عندما كان عندما أصبح الوضع مروعاً، ففرت مع مئات الآلاف بعد تحذيرات إسرائيل إما بالمغادرة أو تحمل القصف القادم!

“أكثر من نصف الضحايا هم من الأطفال والنساء الأبرياء، والصدمة النفسية التي تعاني منها النساء سوف تتطلب عقوداً من الزمن للشفاء، فمن الصعب تصور حجم محنتهن” – الدكتور عدنان راضي من غزة

لجأت حنين إلى منزل والديها في مخيم المغازي في قلب القطاع، تقول “كانت الرحلة من منزلي إلى المغازي تجربة مروعة، فقد كان الأطفال يصرخون من الخوف، والرجال والنساء في حالة من الذعر، وبدا وكأنهم مشوشون، لا يعرفون إلى أين يلجأون”، وعن الحمل أضافت أن ” هرمونات الحمل تؤثر بشكل كبير على الحالة العاطفية للأم، والحرب زادت من معاناتي”.

لقد تم تقييد الوصول إلى الإنترنت بشكل كبير، ولم يعد بإمكان الناس البقاء على اطلاع بما يجري على الأرض، ولكن من خلال البث الإذاعي، اكتشفت حنين أن العيادة التي كانت تزورها للمراجعة بالحمل قد تعرضت للقصف، ولم تتمكن من الوصول لأي طبيب نساء وتوليد، بسبب تعطل شبكة الاتصالات بعد ضرب شركات الاتصالات الرئيسية في غزة.

ترى حنين أن اللحظة الأكثر ترويعاً التي عاشتها حتى الآن كانت قصف منزل جارتها، تقول “اجتاح دخان أسود كثيف منزلنا، وتحطمت النوافذ، لم أتمكن من رؤية بناتي، لكني سمعت صراخهما، ثم اضطررنا إلى اللجوء إلى منزل جار آخر أبعد، فقد كانت تلك الليلة بالذات من أصعب لحظات الحرب، فقد تجمع أكثر من 60 امرأة وطفل معًا في المسكن الذي لا تتجاوز مساحته 150 مترًا مربعًا”.

في منزل والديها الآن في المغازي، لا تزال حنين تفتقد الشعور بالأمان، فالقنابل ما زالت مستمرة، تقول حنين “حتى يومنا هذا، لا أعرف جنس طفلي الذي لم يولد بعد، لكنني قررت أن أطلق على الطفل اسم “سلام”، سواء كان ولداً أو بنتاً”.

صدمة

في مقابلة له مع ميدل إيست آي، أشار الطبيب في مستشفى العودة في غزة، عدنان راضي، أن هناك حوالي 50 ألف حامل في غزة لم تحصل على أي رعاية صحية منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر، مؤكداً أن ذلك قد “أدى إلى تفاقم التحديات التي تواجهها النساء اللاتي يعانين من حالات الحمل عالية الخطورة”.

منذ بدء الحرب، خرجت 33 مستشفى وعيادة و23 سيارة إسعاف عن الخدمة بسبب الغارات، وذلك وفقاً  لوزارتي الصحة في القطاع، كما تلقى 22 مستشفى تحذيرات إسرائيلية بالمغادرة أو التعرض لخطر القصف.

“أنا أبذل جهدًا لأظل صامدة ومتماسكة، ليس فقط من أجل سلامة الطفل الذي أحمله، ولكن أيضًا لحماية ابنتي جيهان من الخوف” – شيماء من غزة

يقول راضي “منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لم أغادر مستشفى العودة، وللأسف لم يتمكن سوى أقل من 10 نساء حوامل من الوصول إلى المستشفى خلال الـ 12 يومًا الماضية، نحن في الظروف العادية، نقدم الرعاية اليومية لنحو 100 امرأة حامل.”

أشار الدكتور راضي أيضاً إلى أن العديد من النساء اضطررن إلى الولادة في بيئات غير آمنة، بما في ذلك الشوارع أو السيارات، حيث بسبب استحالة الوصول إلى العيادات أو المستشفيات، وأضاف أن “بعض النساء فقدن أطفالهن الذين لم يولدوا بعد، فيما تعرضت أخريات لمضاعفات خطيرة، بما في ذلك تمزق الرحم أو عنق الرحم، والنزيف الداخلي، وانفصال المشيمة”.

نظام الرعاية الصحية في غزة بات يتجه فعلياً نحو الهاوية، بعدما تم قطع الكهرباء والوقود وعرقلة إدخال الإمدادات الطبية، حيث يقول راضي أنهم يواجهون “مأساة حقيقية”، مشيراً إلى  أن “أكثر من نصف الضحايا هم من الأطفال والنساء الأبرياء، والصدمة النفسية التي تعاني منها النساء سوف تتطلب عقوداً من الزمن للشفاء، فمن الصعب تصور حجم محنتهن”.

“قلق مستمر”

شيماء، حامل في الشهر السادس وقد فقدت شهيتها بالكامل، فقد أثر عليها الضغط الشديد، مما أدى إلى قيامها بالقيء بعد كل وجبة، فهي قلقة على ابنتها ذات 3 سنوات والتي تشعر بالرعب الشديد مما يحصل، تقول شيماء “أنا في حالة قلق دائم، وأكبر مخاوفي  فقدان طفلي الذي لم يولد بعد”، فقد كانت تعاني نزيفاً من قبل الحرب، زادت خطورته مع عدم القدرة على الوصول لطبيب.

تشعر شيماء بالقلق على ابنتها التي بالكاد تنام، وتستيقظ باستمرار وهي تبكي، تقول “أنا أبذل جهدًا لأظل صامدة ومتماسكة، ليس فقط من أجل سلامة الطفل الذي أحمله، ولكن أيضًا لحماية ابنتي جيهان من الخوف”.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة