خلال الأشهر الأخيرة، تعرض رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي للاحتلال (الشاباك)، لهجمات شخصية من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكذلك من قبل وزراء في الحكومة وأعضاء يمينيين في الكنيست.
وقد حاول نتنياهو إقالة بار في مارس/آذار، مدعيًا “انعدام الثقة” به، لكن المحكمة العليا في دولة الاحتلال عرقلت هذه الخطوة، حيث مازال الخلاف يدور الآن في المحكمة.
ويوم الاثنين، أدلى رونين بار ببيان وصف فيه طبيعة علاقته برئيس الوزراء، ونشر فيه حول الكثير من القضايا التي كانت تعتبر سرية، قائلاً أن “نتنياهو طالب الشاباك باتخاذ إجراءات ضد المواطنين المشاركين في أنشطة احتجاجية ومظاهرات ضد الحكومة”.
ويُمثل هذا الطلب المزعوم من نتنياهو انتهاكًا صارخًا للقانون في دولة الاحتلال، ويتجاوز نطاق الاختصاص التنظيمي للشاباك، حيث قال بار إن هذه الطلبات جاءت من نتنياهو سرًا.
وأضاف أن هذه الطلبات كانت تأتي من نتنياهو “في نهاية اجتماعات العمل، وبعد أن طلب من السكرتير العسكري والكاتب الذي يُشغّل جهاز التسجيل مغادرة الغرفة بهدف واضح وهو عدم تسجيل الحوار”.
وقد ردّ نتنياهو بغضب على بيان بار، فزعم على منصة X أن “تصريح رونين بار مليء بالأكاذيب ويكشف عن إخفاقاته، لقد فشل رونين بار فشلاً ذريعًا في 7 أكتوبر، وهذا السبب وحده يستدعي إقالته من منصبه”.
غضب المستوطنين
وتتعلق الكثير من الانتقادات الموجهة لبار من قبل اليمين في دولة الاحتلال بتعامل جهاز الأمن العام (الشاباك) مع إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.
ففي وقت سابق من أبريل/نيسان، نشرت قناة كان 11 تسجيلات لرئيس “القسم اليهودي” في الجهاز، يُصرّح فيها بأن الشاباك احتجز مستوطنين رهن الاعتقال الإداري دون أدلة.
وهاجم اليمين الغاضب بما في ذلك وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وهو مستوطن أيضاً جهاز الشاباك، وكتب يقول أن الشاباك يقود “اضطهادًا سياسيًا ومدفوعًا بأجندة محددة للمستوطنين في يهودا والسامرة”.
وكتب مستوطن آخر في الحكومة، وهو إيتامار بن غفير، وزير الأمن القومي، أن سلوك الشاباك “سلوك مافيا، واضطهاد غير قانوني للمستوطنين”.
لكن هذه التصريحات لم تمر دون رد من الطرف الآخر في الدولة العبرية، فخلال الأسبوع الماضي، ذكّر غاي بيليغ، مراسل الشؤون القانونية في القناة 12 أن على جمهور دولة الاحتلال أن يخافوا من الشاباك.
وفي تعليق على شكاوى اليمين من قيام جهاز المخابرات باعتقال أشخاص دون أدلة ودون محاكمة، كتب بيليغ ساخرًا: “لو هبط غريب هنا للحظة لتعرض لهجوم مرعب”.
ووفقًا لبيليغ، فإن لدى دولة الاحتلال عملياً “رئيس وزراء سعى وفقًا لزعماء جهاز الأمن العام (الشاباك) إلى استخدام أدوات الجهاز القمعية للتنصت على رئيس الأركان ورئيس الموساد”.
وأضاف بيليغ أن “وجود نحو 3700 عربي وفلسطيني رهن الاعتقال الإداري يُثير قلقًا أقل للمجتمع”.
الواقع الفلسطيني
وخلال عدوان الاحتلال على غزة، تكررت هجمات المستوطنين، غالبًا بمرافقة عسكرية، في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، حيث تؤدي هذه الهجمات إلى استشهاد فلسطينيين، وتدمير منازل وممتلكات، ونهب على يد المستوطنين.
دعا بيليغ جمهور الاحتلال إلى “عدم الخوف من السلطة المطلقة لجهاز الأمن العام (الشاباك) لأنه خوف من كبح جماح الإرهاب اليهودي المُتفشي”.
وبالإضافة إلى هجمات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، شنّ جيش الاحتلال عملية عسكرية واسعة النطاق هناك في يناير/كانون الثاني لتحقيق مجموعة من الأهداف في مقدمتها محو مخيمي جنين وطولكرم للاجئين.
وفي إطار العملية واسعة النطاق، المستمرة منذ 19 يناير/كانون الثاني من هذا العام، هُدمت مئات المنازل وشُرّد 40 ألف فلسطيني قسرًا.
ويلعب جهاز الأمن العام (الشاباك)، إلى جانب جيش الاحتلال دورًا نشطًا في العملية، وكذلك في القتال في غزة.
وفي الأسبوع الماضي، أفادت القناة العبرية السابعة أن رئيس الوزراء نتنياهو أصدر تعليمات لقوات الأمن بالترويج لهدم منازل “الإرهابيين” الفلسطينيين الذين جرحوا إسرائيليين، وليس فقط من تسببوا بمقتلهم، وبحسب التقرير، “يُمثل هذا تغييرًا جوهريًا عن الإجراء المُتبع منذ سنوات طويلة”.
وحتى الآن، لم تُطبّق سياسة الاحتلال المتعلقة بهدم منازل الفلسطينيين المتهمين بالإرهاب إلا في الحالات التي يُقتل فيها إسرائيليون.
أما الآن، ووفقًا للتقرير، “فيمكن هدم المنازل حتى في الحالات التي لم ينتهِ فيها الهجوم بالقتل، طالما أن الإصابات متفاوتة الخطورة وتُمثل حوادث إرهابية خطيرة”.
وصرح عضو الكنيست عن حزب الليكود أميت هاليفي للقناة السابعة بأن “هذا القرار خطوة مهمة أخرى في سلسلة من القوانين والإجراءات التي أسعى إلى الترويج لها في إطار المبدأ التوجيهي القائم على محاربة شاملة للبنية التحتية للإرهاب، وليس فقط لمنتجاته”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن رئيس الوزراء نتنياهو أنه سيدرس هدم منازل “الإرهابيين” الفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية، استجابةً لطلب تقدم به إيتامار بن غفير.
وقد عارض جهاز الأمن العام (الشاباك) الفكرة، ومنذ ذلك الحين لم يتم الإبلاغ عن أي تقدم بشأن الاقتراح.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)