بقلم حميد دباشي
ترجمة وتحرير مريم الحمد
لقد مرت 75 عاماً على نكبة الفلسطينيين، يوم طُردوا من وطنهم التاريخي على يد عصابات يهودية إرهابية حركتها أيديولوجية الصهيونية الاستعمارية، ورغم مرور الوقت، لم تفقد القضية الفلسطينية نبلها ولا قيمة عدالتها، بل زادت أكثر من أي وقت مضى.
لقد أخذ الصهاينة صفحة من تاريخ الاستعمار الأوروبي لتطبيقها في فلسطين، ولكن على عكس احتلالات البريطانيين والفرنسيين التي انتهت، ما زال الاحتلال الإسرائيلي جاثماً حتى اليوم، بل يسعى للتوسع بحجة حماية الدولة، وكأنه تم اختيار الفلسطينيين ليكونوا الشعب الوحيد الحامل لعبء هذا الاستعمار، فالأوروبيين يتنكرون لهذا الاستعمار أو يقللون من شأنه، وكأنهم قد رموا عبء اليهود على كاهل الفلسطينيين.
وتعد إسرائيل وجها من وجوه الغزو الاستعماري الأوروبي، في مراسم تتويج الملك البريطاني تشارلز الثالث، أشار الكثيرون إلى أن بعض جواهر التاج قد سُرقت من دول أخرى، في حين أن إسرائيل التي صنعتها عقلية الاستعمار البريطاني هي الوصمة الاكثر عاراً على ذلك التاج!
ما زالت القضية الفلسطينية محور الهوية العربية والإسلامية حتى اليوم، وهي بذلك تقابل الدعاية الصهيونية التي تعتبر إسرائيل “وطناً لليهود”، وتعمل على صناعة ذلك وترويجه من خلال إنتاج هاسبارا أو بروباغندا لتبرير العنف الوحشي الذي تقوم به دولة الفصل العنصري، وتدافع هذه البروباغندا عن سلوكيات إسرائيل المبتذلة بطريقة تدعم كذبة أنها “ديمقراطية”.
إسرائيل التي صنعتها عقلية الاستعمار البريطاني هي الوصمة الأكثر عاراً على ذلك التاج!
في ظل هذه البروباغندا المضللة والسيل من الأكاذيب، يمكن تذكر ما حصل مع الشخصية البارزة، إدوارد سعيد المفكر الفلسطيني، بسبب نصرته للقضية الفلسطينية من شيطنة وهجوم، ومع ذلك ظل إرثه الفكري شاهداً على صمود وقوة القضية الفلسطينية.
ستنتصر المقاومة
يعود فضل الصمود والمقاومة لمدة 75 عاماً في فلسطين إلى كل رجل وامرأة وطفل فلسطينيين، لأنهم دافعوا عن وطنهم ووقفوا في وجه مخططات محوه بشكل يومي، من خلال لغتهم العربية ومأكولاتهم وفلكلورهم الشعبي، بالإضافة إلى الفن والشعر والثقافة وغيرها، حتى وصل عدد لا يحصى من الفنانين والموسيقيين والشعراء وصانعي الأفلام والمؤرخين والعلماء الفلسطينيين إلى إنجازات مسموعة الأثر في أماكن كثيرة حول العالم.
مع طول سنوات الاحتلال، تحول الفلسطينيون إلى سكان من الدرجة الثانية والثالثة في أراضيهم، وتحولت معه حركة التحرر الوطني الفلسطيني إلى حركة حقوق مدنية
لم تعد القضية الفلسطينية مجرد حكاية، بل هي الحقيقة بعينها، حاول الصهاينة محاصرة السوق لسنوات طويلة بنسختهم الزائفة من القصة، حتى باتوا في الغرب يصفون من يشكك في روايتهم بأنه “معاد للسامية”، لا لشيء إلا لقمع كل من يقوم بانتقاد إسرائيل، وبذلك يتم الخلط بين معاداة السامية وانتقاد دولة إسرائيل العنصرية، بشكل يقارب ما يتم استخدام مصطلح الإسلاموفوبيا في الغرب لأجله.
المفارقة، أن وجود إسرائيل هو خير دليل على عدالة القضية الفلسطينية، من خلال ما خرج به الجريئون من علماء ومؤرخين جماعات حقوقية من الإسرائيليين من حقائق واضحة، تكشف إجرام الدولة العنصرية، بل وتكشف شهاداتهم وحقيقة وجود إسرائيل أيضاً الطبيعة الخبيثة للاستعمار الأوروبي، خاصة في ظل تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير، الأخيرة حول “إنجاز إسرائيل بجعل الصحراء تتفتح”!
يتطلب مصير ملايين الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء حلاً جذرياً وذلك يشكل تحدياً للعالم، فمع طول سنوات الاحتلال، تحول الفلسطينيون إلى سكان من الدرجة الثانية والثالثة في أراضيهم، وتحولت معه حركة التحرر الوطني الفلسطيني إلى حركة حقوق مدنية.
أما حق العودة، فهو حق غير قابل للتصرف أو التنازل عن أي طيف فلسطيني، وتعد حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS من أهم الأمثلة على المقاومة المدنية الحقوقية لمحاولة تحقيق حق العودة، ويبقى للإسرائيليين الخيار بين القبول ومناصرة المتعصبين الذين يحملون أيديولوجيا فاسدة، أو الانضمام إلى الفلسطينيين لإعادة صياغة مستقبل مشترك بشروط حضارية وديمقراطية.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)