يستعد أقارب الأسيرة الفلسطينية خالدة جرار لإطلاق سراحها في الدفعة الأولى من محرري صفقة تبادل الأسرى المتفق عليها كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
تقبع القيادية السياسية الفلسطينية والمدافعة عن حقوق الإنسان والنسوية رهن الاعتقال الإداري منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، وبحسب ما ورد فقد قضت الأشهر الستة الماضية في الحبس الانفرادي في زنزانة مساحتها 2 × 1.5 متر.
وذكرت وسائل الإعلام الفلسطينية والإسرائيلية أن جرار ستكون من بين ما يصل إلى 1900 أسير فلسطيني من المتوقع إطلاق سراحهم في ساعة متأخرة من يوم الأحد.
وأوضحت سلام شقيقة جرار أن احتمال إطلاق سراح خالدة البالغة من العمر 61 عاماً منحها الأمل في أن تتخلص شقيقتها من الحبس الانفرادي على الأقل وتنهي أقسى سجن عانته على الإطلاق.
لكن سلام أكدت أن عائلتها تشعر “بحزن شديد وفرحة خافتة” بسبب المآسي العديدة التي عانت منها جرار خلال فترات اعتقالها العديدة على مدى العقود الثلاثة الماضية.
فقد توفي والد خالدة جرار وكذلك ابنتها وابن أخيها أثناء وجودها خلف القضبان، ومنعتها سلطات الاحتلال من حضور أي من جنازاتهم.
وأوضحت سلام أيضاً أن جرار تعاني من عدة حالات طبية تتطلب اهتمامًا فوريًا، حيث توقفت إدارة سجون الاحتلال عن تقديم الرعاية الطبية للأسرى بعد الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأضافت شقيقة الأسيرة: “مآسينا كثيرة، ولا يوجد فرح يجعلنا سعداء، لكننا أقوياء ولا يمكن للاحتلال أن يكسرنا، وفرحتنا لن تكتمل إلا بإطلاق سراح جميع الأسرى”.
بدأت جرار، وهي من نابلس، نشاطها عندما كانت مراهقة، وبحسب ما ورد فقد تطوعت مع مجموعة قامت بتنظيف المجتمع المحلي والمدارس العامة ضد رغبات العديد من أفراد عائلتها الذين اعتقدوا أن هذا العمل أكثر ملاءمة للشبان والفتية من الذكور.
وأصبحت جرار واحدة من أبرز قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي فصيل وطني فلسطيني ماركسي لينيني صنفته دولة الاحتلال والولايات المتحدة والمملكة المتحدة كمنظمة إرهابية.
وفي عام 2006، انتُخبت جرار لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني، الهيئة التشريعية للسلطة الفلسطينية، وتم تعيينها لقيادة لجنة الأسرى، ويُنسب إليها الفضل في لعب دور قيادي في ترسيخ انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية في عام 2015.
وبالإضافة إلى دعم الأسرى الفلسطينيين، شاركت جرار بعمق في العمل في مجال حقوق الإنسان لسنوات عديدة، واعتقلت لأول مرة عام 1989 بعد مشاركتها في مظاهرة في اليوم العالمي للمرأة أثناء محاولتها منع اعتقال إحدى شقيقاتها.
وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، اعتقلت عدة مرات، غالباً رهن الاعتقال الإداري، وهي سياسة تسمح للسلطات الإسرائيلية باحتجاز المعتقلين دون تهمة أو محاكمة.
وفي عام 2015، اعتقلت بتهمة الانتماء إلى منظمة محظورة وأفرج عنها في يونيو/حزيران 2016 بعد أن أمضت 15 شهراً في الاعتقال.
بعد إطلاق سراحها، أخبرت جرار الناشطة وأستاذة القانون نورا عريقات كيف أنشأت هي وأسيرات أخريات مدرسة للأسيرات الشابات حتى يتمكنّ من مواصلة حياتهن بعد إطلاق سراحهن، وقامت جرار بتدريس اللغة الإنجليزية فيها.
“نحن بحاجة إلى التحلي بالصبر، وعدم فقدان الأمل، وعدم انحراف المسار، وإلى مراكمة الجهود التي ستؤدي إلى التغيير، نحن بحاجة إلى الأمل في أن ننتصر”. – خالدة جرار في عام 2016
وفي صيف عام 2017، اعتقلت جرار مرة أخرى وأفرج عنها في سبتمبر/أيلول 2021، قبل أن يتم اعتقالها مرة أخرى في ديسمبر/كانون الأول 2023 في منزلها في رام الله.
وُضعت جرار منذ ذلك الوقت رهن الاعتقال الإداري، الذي مُدد عدة مرات، وفي أغسطس/آب، نُقلت إلى الحبس الانفرادي “كشكل من أشكال العقاب”، وفقًا لنادي الأسير الفلسطيني.
وقالت شقيقتها سلام إن هذه المرة في السجن كانت الأصعب على جرار، حيث منعتها السلطات الإسرائيلية من استقبال أي زوار، وعلى الرغم من ذلك، فهي تعتقد أن أختها ستواصل نضالها.
وقالت سلام لموقع ميدل إيست آي: “خالدة قوية ولديها تصميم كبير، ولا شيء يهزها، حتى بعد فقدان ابنتها، عادت للنضال والدفاع عن القضية الفلسطينية”.