حذرت منظمات حقوق الإنسان من مغبة المضي قدماً في إقرار مشروع قانون ترعاه الحكومة الإسرائيلية والذي سيسمح باستخدام تكنولوجيا التعرف على الوجوه في أعمال الشرطة، موضحةً أن القانون المثير للجدل يشكل تهديدًا لخصوصية الفلسطينيين.
وصوتت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريعات يوم الاثنين لصالح الموافقة على مشروع القانون، الذي قدمه وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير ووزير العدل ياريف ليفين.
ويوصف القانون بأنه محاولة حكومية لمعالجة الجريمة في المجتمعات العربية، لكن إقراره سيتيح للشرطة الإسرائيلية تثبيت كاميرات التعرف على الوجه وجمع البيانات البيومترية في الأماكن العامة وخاصة في البلدات والمدن الفلسطينية في الداخل المحتل.
وسيمنح القانون، في حال إقراره، الشرطة الحق في تفعيل الكاميرات دون أوامر قضائية أو رقابة، وفقاً لتأكيد حملة المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي.
وأوضحت الحملة أن “من شأن إقرار القانون أن يمهد الطريق لاستغلال المعلومات الشخصية بغرض ابتزاز المواطنين وانتهاك خصوصياتهم”.
ووصف المحامي في المركز القانوني عدي منصور، مشروع القانون بأنه جزء من مساعي “منح صلاحيات تعسفية لهيئات إنفاذ القانون تحت ذريعة كاذبة لمكافحة الجريمة”.
وقال منصور:” عوضاً عن السماح بمزيد من انتهاكات الخصوصية وغيرها من الحقوق يجب على السلطات الإسرائيلية أن تفكر باستخدام السلطات الواسعة التي تتمتع بها بالفعل في وقف الجرائم”.
من جهتها، دعت آنا باتشياريلي المديرة التقنية المساعدة في هيومن رايتس ووتش إلى وجوب إلغاء مشروع القانون، باعتباره “تهديداً كبيراً لحقوق الإنسان، كونه يمنح الحكومة الإسرائيلية صلاحيات غير مسبوقة لمراقبة كل من يسير في الشارع وتحديد هويته”.
“يجب حظر هذه التكنولوجيا القوية من الأماكن العامة، بدلاً من منح الضوء الأخضر لاستخدامها على نطاق واسع”- آنا باتشياريلي، هيومن رايتس ووتش.
بدورها، أكدت منظمة الميزان لحقوق الإنسان، في بيان أصدرته الخميس أن الموافقة على مشروع القانون ستؤدي إلى مزيد من التعدي على خصوصية الفلسطينيين بحجة منع الجريمة.
وأضافت الميزان، وهي منظمة فلسطينية مستقلة وغير حزبية في قطاع غزة، أن “تشغيل الكاميرات البيومترية للتعرف على وجوه الأشخاص في الأماكن العامة لا يستهدف محاربة الجريمة فحسب، لكن الخطر يكمن بأن يصبح الجميع تحت المراقبة في كافة تحركاتهم ومساكنهم من قبل الأجهزة الأمنية”.
ولقي مشروع القانون ترحيباً من قبل مفوض الشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي، الذي وصفه بأنه: “أداة منقذة للحياة، وبدونه لن تتمكن الشرطة الإسرائيلية من التعامل مع الإرهاب الإجرامي وحوادث القتل ومحاولات الاغتيال في الوسط العربي”.
ووصف الوزير الإسرائيلي بن غفير مشروع القانون، بأنه “دقيق ومتوازن”، وقال “الكاميرات التي تتعرف على الوجوه مهمة للغاية، سنبذل قصارى جهدنا لمنع الاستخدام غير السليم للكاميرات، ولهذا السبب، أنشأنا عقوبة السجن، وحصر الاستخدام في الحالات الخطيرة”.
لكن مشروع القانون لم يخل من الانتقادات داخل إسرائيل، حيث كتبت تيهيلا شفارتز ألتشولر للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية، يوم الثلاثاء، أن استخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه المعتمدة على الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يزود الشرطة الإسرائيلية بـ “أدوات عسكرية”.
بدوره، وصف عضو الكنيست عن حزب العمل جلعاد كاريف مشروع القانون الجديد بأنه “متطرف” وغير مناسب لأي “ديمقراطية تقدمية”.
وحذرت جماعات حقوق الإنسان من استخدام السلطات الإسرائيلية تكنولوجيا التعرف على الوجه الحالية في استهداف الفلسطينيين.
وبحسب تقرير صدر عن منظمة العفو الدولية مؤخراً، فإن إسرائيل تعمل على تكثيف استخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه في الضفة الغربية المحتلة كوسيلة لمراقبة الفلسطينيين وتقييد حركتهم، وهو تطور أشارت إليه منظمة العفو الدولية باسم “الفصل العنصري الآلي”.
وتعمل السلطات الإسرائيلية على توسيع شبكة المراقبة الشاملة في جميع أنحاء مدينة القدس الشرقية المحتلة، وذلك عبر استخدام نظام Mabat 2000.
ويمكّن هذا النظام السلطات الإسرائيلية من مراقبة المتظاهرين عن كثب والحفاظ على التتبع الدائم للفلسطينيين أثناء قيامهم بأعمالهم الروتينية اليومية.
وأكدت منظمة العفو الدولية أن الجيش الإسرائيلي يستخدم نظام “وولف باك” الذي يهدف إلى إنشاء قاعدة بيانات تحتوي على ملفات تعريف لكل فلسطيني يقيم في الضفة الغربية.
ويستخدم الجيش الإسرائيلي برنامجاً حاسوبياً يسمى “الذئب الأحمر” يعتمد على نظام ترميز بالألوان لتزويد الجنود الإسرائيليين بمعلومات عن الفلسطينيين الذين يتنقلون في مدينة الخليل حيث تحدد الرموز اللونية ما إذا كان ينبغي السماح للفلسطينيين بالمرور أو إخضاعهم للاستجواب أو احتجازهم.