أعلن المئات من خريجي جامعة نيويورك المرموقة يوم الأربعاء حجب أكثر من 3 ملايين دولار من مساهماتهم التي كان من المرتقب أن يقدموها في “حملة اليوم الواحد” وهي أكبر فعالية لجمع التبرعات للجامعة بسبب قمعها للطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين ينظمون فعاليات ضد “الإبادة الجماعية” في غزة.
وذكرت “مجموعة خريجي جامعة نيويورك من أجل فلسطين”، التي حشدت جهودها لثني الخريجين عن التبرع للجامعة أن خنق الأصوات المؤيدة للفلسطينيين و رفض إدانة قتلهم في غزة هو ما دفعهم على اتخاذ إجراءات ضد جامعتهم.
ووصل عدد الشهداء الفلسطينيين إلى ما يزيد عن 32,000 شهيد منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر عندما اندلعت الحرب وحتى اليوم.
ولفتت المجموعة إلى توثيق جهات غير رسمية لإجراءات انتقامية من قبل الجامعة ضد نحو 100 طالب و 25 موظفاً وأعضاء هيئة التدريس خلال الأشهر الستة الماضية بسبب تعليقاتهم أو حشدهم من أجل فلسطين.
وذكرت المتحدث باسم المجموعة أن هذه الأعمال الانتقامية شملت تحقيقات مطولة وتحذيرات شفهية ومكتوبة وتهديدات بسحب المنح الدراسية والجوائز المالية والإيقاف عن العمل والطرد وإنهاء التوظيف.
وأوضح متحدث باسم خريجي جامعة نيويورك من أجل فلسطين: “لقد أطلقنا هذه الحملة كإشارة إلى الإدارة لإسقاط قمعها في الحرم الجامعي”.
وأضاف: “سنحمل رئيسة جامعة نيويورك ليندا ميلز المسؤولية من خلال الضغوط العامة والمالية وغيرها حتى نرى إسقاط جميع عمليات القمع وإعادة جميع الأفراد الذين تم إنهاء خدمتهم أو طردهم إلى وظائفهم”.
ووفقاً لعريضة وقعها 342 شخصاً 92% منهم من الخريجين، فإن الجامعة ستخسر ما يزيد عن 3.4 مليون دولار من المساهمات نتيجة لجهود إدارتها المتواصلة في منع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس من التحدث والتضامن مع الفلسطينيين وحقوق الانسان.
وبحسب المتحدث فإن “المجموعة ستكثف الضغط على الإدارة بكل الطرق السلمية الممكنة عبر العلاقات العامة والضغط المالي والمقاطعة وغيرها من الوسائل حتى تلبي الإدارة المطالب المبينة في رسالتنا وتنهي تواطؤها في الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة”.
وتعتبر حملة اليوم الواحد لجامعة نيويورك واحدة من أكبر أحداث جمع التبرعات لجامعة نيويورك، ووفقاً لموقع الجامعة الذي يروج لها، فإن حملة اليوم الواحد هي “يوم العطاء على مدار 24 ساعة”.
وجاء في الموقع: “أظهر دعمك للتميز الأكاديمي وساعد طلابنا الذين يحلمون بالقيادة والإبداع والشفاء والخدمة والتعاون”.
ويقول المنظمون إن الجامعة تمارس الخداع عندما تربط جهود جمع التبرعات بمساعدة المجتمعات المحرومة والمهمشة.
ولفتت مايا سيكاند، التي تخرجت من جامعة نيويورك بشهادة في القانون عام 2019: “إنهم يقولون إنهم يجمعون التبرعات لدعم الطلاب المهمشين بشكل خاص، ومع ذلك فإن هؤلاء هم بالضبط أنواع الطلاب الذين يقومون بقمعهم في الجامعة”.
وأردفت سيكاند أنها شعرت بالرعب من طريقة تعامل الإدارة مع جهود الطلاب وأعضاء هيئة التدريس لتنظيم فعاليات داعمة لفلسطين في الحرم الجامعي.
وقالت الطالبة السابقة أن الضمير الحي يمنعها من التبرع للجامعة بالنظر إلى سوء معاملتها لأعضاء هيئة التدريس ومواجهة الطلاب الذين كانوا يطالبون بوقف إطلاق النار وإنهاء الإبادة الجماعية في غزة.
وكان اثنان من المحاضرين في الجامعة قد أوقفا عن العمل في كانون الثاني/ يناير بسبب تعليقاتهما العلنية الرافضة للعدوان الإسرائيلي على غزة.
كما قام المسؤولون في ذات الشهر بتعطيل أمسية شعرية مؤيدة للفلسطينيين في بهو مكتبة إلمر هولمز بوبست في الجامعة.
وفي وقت سابق، في كانون الأول/ ديسمبر، جرى إيقاف طالب في السنة الأولى عن الدراسة بسبب قيامه بإزالة ملصقات لرهائن إسرائيليين تم وضعها في الجامعة.
ووصفت ليرا مونتيرو، وهي خريجة أخرى من جامعة نيويورك، سلسلة الأحداث في الجامعة بأنها “محرجة”، مؤكدةً أنها انضمت لحملة حجب التبرعات منذ انطلاقها بسبب ما يوصف بأنه الاستثناء الفلسطيني لحرية التعبير.
وأوضحت مونتيرو، التي تبرعت لجامعة نيويورك في الماضي: “كان من الواضح بالنسبة لي دائماً أن الخريجين لديهم قوة فريدة للتأثير على ما تفعله الجامعة”.
ووفقاً لمنظمة خريجي جامعة نيويورك من أجل فلسطين، فإن 30% من الموقعين على العريضة التي نشرت عبر الانترنت هم من المتبرعين الذين ساهموا في دعم الجامعة سابقاً.
ولعقود من الزمن، اتخذت الجامعات الأمريكية مواقع متقدمة في الجهود الرامية إلى فرض رقابة وخنق للنشاط المتعلق بفلسطين.
كما كانت الجامعات حاضنة لتكتيكات التشهير والترهيب التي تستهدف الأصوات الفلسطينية على وجه الخصوص، تبعاً لتوجيهات جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل.
وحافظت العديد من الجامعات الأمريكية على علاقات عميقة مع مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلية وواصلت الاستثمار في شركات الأسلحة التي تخدم إسرائيل، كما تدير جامعة نيويورك برنامجاً للدراسة في الخارج في تل أبيب.
وفي عام 2020، اعتمدت جامعة نيويورك تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة (IHRA) لمعاداة السامية، والذي يقول خبراء حقوق الإنسان إنه يخلط بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تواجه طلبة من عدة مؤسسات مرموقة للتعليم العالي مع مدراء الجامعات الذين يتلقون دعم المانحين المؤيدين لإسرائيل.
وبشكلٍ متواصل أيضاً، ظل الطلاب وأعضاء هيئات التدريس الذين يرفعون العلم الفلسطيني أو يطالبون بوقف إطلاق النار يتعرضون للافتراء وتوجه لهم اتهامات بمعاداة السامية.
واتهم أندرو روس، الأستاذ في جامعة نيويورك وعضو كلية “العدالة في فلسطين” وهي تجمع غير رسمي الجامعة بتقويض أبسط مبادئ الحرية الأكاديمية استجابةً لـ “أكثر الادعاءات زيفاً”، قائلاً أن ذلك يتم “من أجل قمع الفلسطينيين بشكل غير قانوني”.
وأوضح روس: “يقع هذا في جميع أنحاء البلاد حيث تتبع أنماط مشتركة من القمع في حرم الجامعات المختلفة ونحن لدينا نسختنا الخاصة في جامعة نيويورك”.
ورحب روس بمبادرة الخريجين في جامعة نيويورك قائلاً: “أعتقد أنها مبادرة أولية لكنها تستحق الكثير من الاهتمام”.
ويقول منظمو الفعاليات من أجل فلسطين في جامعة نيويورك أن مقاطعة حدث جمع التبرعات تأتي بعد أن وقع أكثر من 2300 خريج على رسالة مفتوحة في كانون الأول/ ديسمبر، يدعون فيها الجامعة إلى تغيير مسارها بشأن فلسطين، بما في ذلك إنهاء “تواطؤها” في “الإبادة الجماعية” التي تتكشف في غزة.
وقالت المجموعة: “لقد ردت رئيسة جامعة نيويورك ميلز برسالة رافضة لمطالبنا ورفضت حتى عقد اجتماع معنا، لذلك أطلقنا حملة المقاطعة كإشارة إلى الإدارة بأننا لن نصمت”.