بقلم ريحان الدين
ترجمة وتحرير مريم الحمد
قامت مجموعة من العملاء الإسرائيليين باقتحام مستشفى ابن سينا في جنين متنكرين بأزياء بين الطبية والعباءة والحجاب وأقنعة الوجه ومنهم من يدفع كراسي متحركة، حيث تمت مداهمة المستشفى، الواقع في الضفة الغربية المحتلة في الساعة 5:30 صباحًا لمدة 10 دقائق، تم فيها اغتيال 3 أشخاص.
المستعربون هم وحدات خاصة إسرائيلية، وتأتي تسميتهم من “ارتداء الملابس والتصرف مثل العرب”، حيث يتنكرون في أزياء مثل المسعفين والمرضى والمدنيين الفلسطينيين.
يعود زمن وجود المستعربين إلى زمن الانتداب البريطاني على فلسطين في النصف الأول من القرن العشرين، حيث عملت السلطات البريطانية من خلالهم وبالتعاون مع الميليشيات الصهيونية على اختراق الفلسطينيين.
” استخدامهم كان بارزاً بشكل خاص خلال الانتفاضة الأولى ، فكانوا في الغالب إما من الدروز أو من اليهود الناطقين بالعربية من عملاء الشاباك، كانوا يعملون على جمع معلومات استخباراتية أو على التحريض ، أو ينخرطون في الاشتباكات أو التجمعات من أجل اعتقال أو إصابة أو اغتيال الفلسطينيين من الداخل” – لاله خليلي- باحثة في جامعة إكستر
يقول الباحث المتخصص في علم النفس السياسي،عماد موسى، لموقع ميدل إيست آي أن المستعربين “بدؤوا كوحدة سرية في فرقة البالماخ، التي كانت جزءًا من ميليشيا الهاغاناه الإرهابية، قلب الجيش الإسرائيلي”، مشيراً إلى أنهم “كانوا يتألفون بشكل رئيسي من اليهود الشرقيين القادمين من البلدان الناطقة بالعربية، وكان يتم تكليفهم بالتسلل إلى أحياء الفلسطينيين وغيرهم من العرب في البلدان المجاورة لجمع المعلومات للحركة الصهيونية والبريطانيين”.
تم حل الوحدة، خاصة بعد نشوب توترات بين السلطات البريطانية والميليشيات الصهيونية التي كانت تدعمها في السابق، وبعد قيام إسرائيل، تم إحياء الوحدة السرية كوسيلة للتجسس وزرع بذور الفوضى في المجتمعات الفلسطينية.
“يعملون على التحريض”
يذكر أن إحدى وحدات المستعربين الأكثر شهرة، وتدعى دوفديفان، تشكلت في الثمانينات على يد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود باراك، ولا تزال تعمل حتى اليوم.
في حديثها مع موقع ميدل إيست آي، أوضحت الأكاديمية والباحثة في جامعة إكستر، لاله خليلي، أن ” استخدامهم كان بارزاً بشكل خاص خلال الانتفاضة الأولى ، فكانوا في الغالب إما من الدروز أو من اليهود الناطقين بالعربية من عملاء الشاباك، كانوا يعملون على جمع معلومات استخباراتية أو على التحريض ، أو ينخرطون في الاشتباكات أو التجمعات من أجل اعتقال أو إصابة أو اغتيال الفلسطينيين من الداخل”.
واليوم هم موجودون في الضفة والقدس ولكن ليس في غزة، بعد أن فقد المستعربون قدراتهم العملياتية فيها بعد سيطرة حماس على القطاع عام 2007، فقيام المستعربين بالعمل في غزة يعني المخاطرة بالقبض عليهم ومن ثم إخفائهم بعيداً عن متناول الجيش الإسرائيلي.
أما في الضفة الغربية، فغالبًا ما يتم رؤية تلك الوحدات وهي تتسلل بين الفلسطينيين خلال الاشتباكات في محاولة لإثارة الخوف والذعر بينهم، كما أن المستعربين يشاركون بشكل مباشر في تنفيذ الاعتقالات.
العنف والوحشية
يتواجد العملاء المستعربون في إسرائيل أيضًا، حيث أفاد ناشطون فلسطينيون في عدة مرات بأنهم واجهوا المستعربين الذي اتسموا بالعنف والوحشية في مدن مثل حيفا.
“قيل لي أن هذه الوحدات السرية يتم التعرف عليها في بعض الأحيان لأنها تحاول أن تبدو وتتصرف على أنها فلسطينية أكثر من اللازم” – عماد موسى- باحث فلسطيني
في السنوات الأخيرة، استخدم الفلسطينيون عدة تكتيكات لتحديد هوية المستعربين ومحاربتهم، أولها ارتداء الألوان الفاتحة ووضع قمصانهم داخل السراويل، حتى يتضح المستعربون الذين يميلون بالعادة إلى ارتداء الألوان الداكنة والملابس الفضفاضة لإخفاء الأسلحة.
ثاني تلك التكتيكات كما أوضحها الباحث الفلسطيني، عماد موسى، هي قيام المتظاهرين الفلسطينيين بتنظيم أنفسهم في مجموعات أصغر لتجنب القبض عليهم من قبل المستعربين، بالإضافة إلى تبادل المعلومات بينهم حول الأفراد المشبوهين على وسائل التواصل الاجتماعي.
يقول موسى: “قيل لي أن هذه الوحدات السرية يتم التعرف عليها في بعض الأحيان لأنها تحاول أن تبدو وتتصرف على أنها فلسطينية أكثر من اللازم”، فيما أشارت خليلي إلى أنه “في أغلب الأحيان، يستطيع الفلسطينيون كشفهم مع زيادة الانتباه، ولكنهم غالبًا ما يتسللون في لحظات يكون فيها الفلسطينيون منشغلون بحدث أكثر سخونة”.
اقتحامات الضفة الغربية
لا يكتفي المستعربون بتنفيذ الاعتقالات، فمن المعروف أنهم يطلقون النار ويقتلون الفلسطينيين أيضًا، ففي مايو عام 2021 مثلاً، قام مستعربون بإطلاق النار على الفلسطيني البالغ من العمر 24 عاماً، أحمد فهد، وهو من سكان مخيم الأمعري في مدينة رام الله، مما أدى إلى استشهاده.
دائماً ما تشمل الاقتحامات لبلدات ومدن الضفة الغربية عناصر من المستعربين، ففي وقت سابق من هذا الشهر، اقتحم الجيش الإسرائيلي مدينة طولكرم مدة يومين، مما أسفر عن مقتل 8 فلسطينيين، في عملية أعلن الجيش أنها شملت “قوات من الجيش وحرس الحدود والمستعربين وجهاز الأمن العام”.
وتختلف الوحدات السرية، المدعومة بقوات مسلحة نظامية، عن العملاء الذين يندسون في الاشتباكات، حيث يرى موسى أن “ما حدث في جنين مؤخراً هو عملية من نوع مختلف، فهي تجمع بين التفوق العسكري والتسلل من قبل وحدات مدججة بالسلاح تدعمها وحدات عسكرية إسرائيلية، لذلك لا يستطيع الناس مواجهتهم”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)