الزنازين القذرة آخر هدايا النظام التونسي للسجناء السياسيين

تجمع أهالي السجناء السياسيين لتناول الإفطار أمام المرناقية، أحد أكبر السجون في تونس يوم الجمعة الأول من شهر رمضان لهذا العام، مطالبين بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين القابعين في ظروف اعتقال قاسية وخطرة.

وقال يوسف الشواشي، نجل المحامي المسجون غازي الشواشي، وهو من منتقدي الرئيس التونسي قيس سعيد أن الظروف كانت طبيعية في البداية، حتى أن والده اعتاد على سجنه ورفاقه في الزنزانة.

لكن بعد أسبوعين من اعتقال الشواشي في 25 فبراير/ شباط، نقل أربعة سجناء سياسيين من زنازينهم إلى مكان مجهول، ووضع اثنان منهم، عصام الشابي وخايم تركي، في زنازين مليئة بالبق والحشرات وذات إضاءة ساطعة على مدار الساعة.

وقال أحد أفراد عائلة الشابي الذي يرأس الحزب الجمهوري المعارض: “لم يتمكنوا من النوم، لم يستحموا، فليس لديهم ماء ساخن، ولا مرحاض، هناك فقط حفرة في الأرض يغمرها براز بشري”

واحتجاجًا على الأوضاع داخل سجن المرناقية، أضرب العديد من السجناء السياسيين عن الطعام.

كافح محامو السجناء لتحسين أوضاعهم التي استمرت على هذا النحو لأسبوعين، وقال كريم مرزوقي أحد محامي الدفاع “لا نطالب بظروف فندقية من فئة خمس نجوم، نعرف حالة السجون في تونس، نطالب ببساطة الحد الأدنى للحياة الآدمية”.

وتساءل مرزوقي: “لماذا هذا التغيير المفاجئ في الزنازين؟ هذا ما دفعنا إلى الاعتقاد بأن هؤلاء السجناء السياسيين مستهدفون وأن حقوقهم تنتهك”.

في الشهر الماضي، تم اعتقال حوالي 30 ناشطا سياسيا وقاضيا ومحاميا ورئيس محطة إذاعية في تونس، ووجهت لهم اتهامات بالتآمر على الأمن الوطني، في إطار حملة واسعة النطاق ضد المعارضة.

وفي 30 مارس/ آذار، رفضت محكمة تونسية طلبًا للإفراج المؤقت قدمه محامون عن ثمانية من المحتجزين قيد التحقيق بتهمة التآمر المزعوم.

ويتهم المعتقلون السياسيون بتدبير مخطط إرهابي للإطاحة بقيس سعيد، والتآمر مع جهات خارجية، وإحداث نقص في الغذاء، بحسب محامين وأفراد عائلاتهم.

واعتبر يوسف الشواشي القضية “مثيرة للضحك”، واصفاً القضية بأنها صنعت من “مجرد رسائل على واتس أب”، في حين ذكرت آمنة، زوجة ابن عصام الشابي أن قيس سعيد “يقدم كبش فداء للشعب عن إخفاقه في المسؤوليات التي تولاها بتملك كل السلطة”.

وانطلقت حملة “كلنا متآمرون” للضغط من أجل الحرية لجميع السجناء السياسيين في تونس.

استهداف المعارضة

وقالت المحامية إيناس حراث، في منشور على موقع فيسبوك، إن الحكومة كانت توجه إدارة السجن بـ “إذلال السجناء السياسيين وتدميرهم أخلاقيا، بحرمانهم من ظروف السجن المناسبة”.

وقال أفراد من عائلات السجناء إن أربعة منهم بالتحديد وهم الشواشي والشابي وتركي وجوهر بن مبارك مستهدفون لأنهم من أبرز خصوم سعيد السياسيين.

أما السجين السياسي سعيد فرجاني، فتم سجنه في زنزانة شديدة الاكتظاظ مع سجناء مصابين بأمراض عقلية شديدة.

وقالت ابنته كوثر “أحدهم حاول جرح نفسه، وآخر يأكل جلده، وواحد اقتلع عين نزيل، نشعر أن وجود أشخاص مثل هؤلاء حول والدي أمر متعمد”.

وبموجب القانون، يُفترض إبعاد السجناء السياسيين والشخصيات العامة عن عامة نزلاء السجن، من أجل حمايتهم.

واستجابت إدارة السجن أخيرًا لمطالب المحامين الذين أثاروا  موضوع الظروف السيئة لاعتقال السجناء السياسيين في الصحافة المحلية، وقامت بتنظيف الزنازين وتجهيزها بالمراحيض.

ولكن بمجرد إجراء هذه التغييرات، قررت إدارة السجن تركيب كاميرات في زنازين السجناء السياسيين، ومراقبة كل تحركاتهم باستمرار، بدعوى حمايتهم.

مراقبة على مدار الساعة

ونقل المحامي كريم مرزوقي عن أحد السجناء السياسيين أنه يشعر وكأنه “حيوان في فيلم وثائقي” لأنه يخضع للمراقبة باستمرار.

وتدعي إدارة السجن أن لقطات الكاميرات لا يشاهدها سوى أحد الحراس قبل إتلافها، وأنهم تلقوا إذنًا بتركيب الكاميرات من الهيئة الوطنية لحماية البيانات الشخصية التي أنكرت بعد أسبوع منح إدارة السجن هذا الإذن وحثت السجن على إزالة الكاميرات.

ولا يزال السجناء السياسيون تحت المراقبة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وعلى الرغم من عدم قانونية هذه الإجراءات، إلا أن إدارة سجن المرناقية لم تستجب بعد لمطالب المحامين بإزالة الكاميرات.

مقالات ذات صلة