النائب العام البريطاني الجديد من منتقدي انتهاكات الاحتلال لحقوق الإنسان

عينت الحكومة البريطانية الجديدة المحامي المتمرس ريتشارد هيرمر نائباً عاماً جديداً في البلاد وهو من المنتقدين الدائمين لانتهاكات الاحتلال للقانون الدولي.

وعقب فوز حزب العمال بأغلبية ساحقة في الانتخابات البريطانية هذا الأسبوع، عين رئيس الوزراء كير ستارمر يوم الجمعة هيرمر كمستشار قانوني رئيسي للحكومة.

ويشرف النائب العام على عدد من المهام من بينها الإدارة القانونية الحكومية ومكتب مكافحة الاحتيال الخطير وخدمة الادعاء العام وهي التي كان يتولى ستارمر المسؤولية عنها بين عامي 2008 و 2013.

وباعتباره ليس نائباً في البرلمان، سيتم منح هيرمر، (55 عاماً)، لقب نبيل مدى الحياة للجلوس في مجلس اللوردات.

ويملك هيرمر خبرةً تصل إلى 31 عاماً في نقابة المحامين، وهو مختص في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن القانون العام والبيئي، وسبق له أن عمل في Doughty Street Chambers، حيث عمل ستارمر أيضاً، قبل الانتقال إلى Matrix Chambers.

ومن بين القضايا التي تولاها هيرمر مؤخراً تمثيل أبو زبيدة، وهو معتقل سابق في سجن غوانتانامو تعرض لسوء المعاملة والتعذيب الشديدين في “مواقع سوداء” سرية تابعة لوكالة المخابرات المركزية في ستة بلدان.

ورفع أبو زبيدة دعوى قضائية ضد حكومة المملكة المتحدة بسبب التواطؤ المزعوم في ما تعرض له من تنكيل.

وخلال الأشهر والسنوات الأخيرة، عبر هيرمر عن مواقف صريحة بشأن القضايا المتعلقة بالاحتلال والأراضي الفلسطينية المحتلة.

ففي تشرين الأول/أكتوبر، كان هيرمر من بين ثمانية محامين يهود بارزين كتبوا رسالة حثوا فيها دولة الاحتلال على تذكر “التزاماتها الدولية” خلال هجومها العسكري في غزة.

ووصفت الرسالة هجوم حماس في السابع من أكتوبر بأنه جريمة حرب لكنها أكدت أن رد الاحتلال يجب أن يتوافق مع القانون الدولي.

كما جاء في الرسالة: “وللتوضيح، فإن العقاب الجماعي محظور بموجب قوانين الحرب، كما يتطلب القانون الدولي من المقاتلين ضمان الحد الأدنى من الدمار للحياة المدنية والبنية الأساسية”. 

وبينت الرسالة أن “ثبوت نية التسبب في أضرار عشوائية، بدلاً من التصرف بطريقة دقيقة لتقليل الضرر، يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي”.

وقال هيرمر لمحطة إذاعة LBC في ذلك الوقت أن حصار الاحتلال على الكهرباء والمياه والغذاء في غزة من المرجح أن يكون انتهاكاً للقانون الدولي.

وذكر أن: “الحصار في حد ذاته للأفراد العسكريين قد لا يكون مخالفاً للقانون الدولي، ولكن من المستحيل تقريباً تصور كيف أن الحصار الذي يحرم السكان المدنيين من الضروريات الأساسية للحياة يتوافق مع القانون الدولي”.

وسبقت مواقف النائب العام الجديد بشأن الاحتلال وفلسطين الحرب الجارية، حالياً، فقد كان في أيار/مايو من العام الماضي، كان من بين عشرات المحامين الذين شاركوا في التوقيع على رسالة محامين من أجل حقوق الإنسان الفلسطينية. 

ودعا صاغة الرسالة حكومة المملكة المتحدة إلى المشاركة البناءة في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن العواقب القانونية لممارسات الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية وغزة.

وورد في الرسالة التي التي كان هيرمر من بين الموقعين عليها أن: “الحكومة الإسرائيلية تقاد من قبل ائتلاف من الأحزاب اليمينية المتطرفة التي يتمثل هدفها المشترك في الضم الرسمي للضفة الغربية وتوسيع واقع الدولة الواحدة من الحقوق غير المتساوية لأكثر من خمسة ملايين فلسطيني تحت الاحتلال”.

وأضافت الرسالة: “من المحتمل أن تنظر المحكمة في هذا الوضع على أنه يرقى إلى الفصل العنصري، ومن شأن رأي محكمة العدل الدولية في هذه النقطة أن يساعد المملكة المتحدة أيضاً، نظراً لأن الموقف الحالي لحكومة المملكة المتحدة هو أن مسألة الفصل العنصري هي مسألة يجب أن تقررها المحكمة وليس مسألة يمكن للسياسيين حلها بدونها”.

وعندما قدمت الحكومة المحافظة السابقة العام الماضي مشروع قانون يقضي بقمع حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، طلب حزب العمال المشورة من هيرمر بشأن هذه المسألة.

ورد هيرمر على ذاك بالقول أن مشروع القانون سيكون له تأثير “ضار للغاية” على قدرة المملكة المتحدة على تعزيز حقوق الإنسان في الخارج، ومن شأنه أن “يقمع حرية التعبير في الداخل” ويتعارض “في بعض النواحي مع التزاماتنا بموجب القانون الدولي”.

وذكر هيرمر أن مشروع القانون يساوي بين فلسطين المحتلة وإسرائيل، وهو ما يتعارض مع السياسة البريطانية الراسخة الداعمة لحل الدولتين على طول حدود عام 1967.

وبينما لم يبد رأيه بشأن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات نفسها، سلط هيرمر الضوء على تاريخ بريطانيا الطويل في “استخدام نفوذنا الاقتصادي لتعزيز حقوق الإنسان”، مستشهداً بدور السلطات البريطانية المحلية في مقاطعة جنوب إفريقيا في عهد الفصل العنصري.

وفي عام 2011، شارك هيرمر في تأليف فصل في كتاب بعنوان “التواطؤ المؤسسي في احتلال إسرائيل: أدلة من جلسة لندن لمحكمة راسل بشأن فلسطين”. 

واستكشف الفصل الإطار القانوني حول تواطؤ الشركات العابرة للحدود الوطنية في انتهاكات القانون الإنساني الدولي. 

وتتناقض مواقف هيرمر مع عناصر الاستجابة الأولية لحزب العمال تجاه عدوان الاحتلال على غزة. 

فقد بدا ستارمر خلال مقابلة مع إل بي سي في تشرين الأول/أكتوبر وكأنه يتسامح مع حظر إسرائيل للمياه والكهرباء عن الفلسطينيين، وهو الموقف الذي تراجع عنه زعيم حزب العمال لاحقاً. 

ورفضت إميلي ثورنبيري، التي كانت المدعية العامة في حكومة الظل في ذلك الوقت، الإجابة عما إذا كان قطع إسرائيل للكهرباء والمياه يتماشى مع القانون الدولي. 

ووصفت بعض وسائل الإعلام البريطانية تعيين هيرمر بأنه “ازدراء” لثورنبيري، التي كان من المتوقع على نطاق واسع أن تتولى منصب المدعي العام. 

وكما كان متوقعاً، فقد أصبح ديفيد لامي، النائب المخضرم عن توتنهام، وزيراً للخارجية.

وكان لامي قد دعا في أيار/مايو إلى وقف مبيعات الأسلحة ومكوناتها إلى دولة الاحتلال إذا استخدمت السلاح البريطاني في هجوم عسكري على مدينة رفح في جنوب قطاع غزة.

مقالات ذات صلة