الناجون من مجزرة مدرسة التابعين يروون شهادات مروعة مشفوعةً بالألم والفقدان

استيقظت زينب الجابري في الفصل الدراسي المكتظ بالنازحات على مشهد من الذعر والفوضى حين هزت ثلاثة انفجارات مدرسة التابعين، بسبب غارة لجيش الاحتلال على مصلى المدرسة.

تملك القلق الجابري البالغة من العمر 80 عاماً، على ابنيها الوحيدين وأطفالهما، الذين كانوا هناك لأداء صلاة الفجر..

تذكرت ما جرى قائلة: “لبست مشاية (حذاء) وتحركت وأنا أنادي زياد، إيهاب، أولادي، وعندما رأيت قطع الجثث المحترقة، أدركت أنه لم ينج أحد”.

كان أبناء وأحفاد الجابري من بين أكثر من 100 فلسطيني استشهدوا في غارة الاحتلال التي استهدفت مصلى مدرسة التابعين فجر السبت في مدينة غزة حيث اصطف العشرات من الناس لأداء صلاة الفجر حوالي الساعة 4.30 فجراً. 

وكانت المدرسة قد تحولت إلى مأوى للنازحين من أماكن أخرى في المدينة بسبب تدمير منازلهم في عدوان الاحتلال المتواصل منذ 10 أشهر. 

“أنا امرأة عجوز ومريضة، وأبنائي كانوا نور حياتي، لكنهم سرقوهم مني، ليتهم تركوا لي واحداً على الأقل” – زينب الجابري، أم فلسطينية 

حضرت الجابري مع عائلتها الممتدة إلى المدرسة قبل أسبوعين من غارة يوم السبت، بعد تدمير منزلهم في حي الشجاعية في غارة أسفرت عن استشهاد سبعة من أحفادها. 

وأضافت: “كانت المدرسة مليئة بالأطفال الصغار المسالمين والنساء والشيوخ، نحن جميعاً مسالمون، اللهم انتقم لنا”.

وكان جيش الاحتلال قد أعلن مسؤوليته عن الغارة، مدعياً أن المصلى كان يضم “منشأة عسكرية” وأن 31 من الشهداء كانوا “إرهابيين” ينشطون من داخل المدرسة.

ووجد تحقيق أولي أجراه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن قائمة الأسماء التي عرضها جيش الاحتلال باعتبارهم “إرهابيين” قضوا في الغارة تضمنت العديد من الأخطاء.

وحملت القائمة أسماء ما لا يقل عن ثلاثة شهداء كانوا قد ارتقوا في غارات سابقة أحدهم استشهد في ديسمبر/كانون الأول.

“معظم الشهداء كانوا من الأطفال وكبار السن”، وقد تحولوا إلى أشلاء وأجزاء محترقة بسبب شدة الغارات الجوية” – نوح الشغنوبي، عامل دفاع مدني

كما تضمنت القائمة أسماء ثلاثة مسنين ليس لديهم أي صلات عسكرية، بمن فيهم مدير مدرسة ونائب رئيس بلدية بيت حانون وأستاذ جامعي، فضلاً عن العديد من مناوئي حركة حماس.

وسبق لدولة الاحتلال أن أدلت بتصريحات كاذبة مماثلة حول هويات الفلسطينيين الذين زعمت أنها قتلتهم في الغارات الجوية.

لكن حماس تكرر بحزم نفي اتهامات الاحتلال، مؤكدة أن مقاتليها لا يعملون أبداً من داخل منشآت مدنية مثل المدارس والمستشفيات.

وقال نوح الشغنوبي، أحد العاملين في الدفاع المدني: “لقد استشهد جميع المصلين في المسجد، وكان كثيرون آخرون نائمين في الطابق العلوي”.

وأضاف: “كان علينا أن نسير على الجثث محاولين إخراج الجرحى من المكان، ولم يكن من السهل التعرف عفو معظم الجثث لأنها كانت ممزقة”.

صدمت غارات السبت الناس في جميع أنحاء العالم وولدت إدانة دولية لدولة الاحتلال، وفي غزة، اعتُبرت الغارة واحدةً من أكثر الهجمات تدميراً في الحرب حتى الآن.

فقد عرف عن ربحي ناصر، 57 عاماً، حرصه الشديد على حضوره صلاة الفجر دائماً في الصف الأمامي من المصلى، لكن تأخره يوم السبت أنقذ حياته، حين ضربت القنابل المصلى بينما كان مازال يشق طريقه إليه.

وقال ناصر: “لقد طرحني ضغط الغارات ولهيب القنابل أرضاً، فأغمي علي لثوانٍ، وكانت يداي ترتعشان ولم أتمكن من الحركة لمدة 20 دقيقة”.

وكان ربحي، الذي ينحدر من بيت حانون في شمال قطاع غزة، قد لجأ إلى المدرسة في نوفمبر/تشرين الثاني مع 30 من أفراد أسرته بعد تدمير منازلهم.

وأوضح ناصر: “كان معظم الناس في المدرسة يصلون في هذه القاعة الصغيرة المخصصة للصلاة، ويطلبون من الله أن يحمينا وينهي هذه الإبادة الجماعية”.

وأردف: “نحن لسنا إرهابيين كما يزعمون، نحن معروفون جميعاً بأننا مدنيون نازحون مسالمون هنا، ولا نهتم بالسياسة ولا نشكل تهديداً لأحد”.

وعبّر ناصر، الذي فقد 10 أفراد من عائلته في غارة السبت، عن أمله بأن ينظر العالم إليهم أخيراً كبقية البشر، مضيفاً: “نحن بشر من لحم ودم، ولا يمكننا تحمل المزيد من الألم والخسارة، كم من الخسارة يجب أن نتحمل لإنهاء هذه الإبادة الجماعية؟”

مقالات ذات صلة