بقلم نادر ضرغام
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
تجد نهاد يزبك، التي أصبحت بلا مأوى، سلواها مع قطة جارتها سوسو وسط بيروت، بعد نزوحها من منزلها في أعقاب غارات الاحتلال.
وقالت يزبك لموقع ميدل إيست آي عن القطة: “إنها تجعلني أنسى الهموم والرعب”.
كانت يزبك وعائلتها من بين مئات الذين نزحوا من الضاحية الجنوبية لبيروت عندما بدأت قوات الاحتلال قصفها العنيف عليها الأسبوع الماضي.
ولأنها غير قادرة على إيجاد مأوى، فهي تنام الآن على الدرج أمام مسجد محمد الأمين وسط بيروت.
وفي الليالي الممطرة، تبحث يزبك ومن حولها عن أي سقف بسيط فوق رؤوسهم لحمايتهم من المطر، فالشتاء الوشيك يشغل بال الجميع.
وتتساءل: “أين يفترض بنا أن نذهب؟ لقد تعرضت قريتي نحلة، بالقرب من بعلبك في شمال شرق لبنان، للقصف الاحتلال العنيف والمتواصل”.
ومنذ أن شنت قوات الاحتلال عدوانها الواسع في جميع أنحاء لبنان الأسبوع الماضي، نزح أكثر من مليون شخص فيما قد يكون أكبر عملية نزوح في تاريخ البلاد الحديث، وفقاً لرئيس الوزراء.
واستشهد أكثر من 1200 شخص في لبنان في أحدث موجة من الغارات التي يدعي الاحتلال أنها تستهدف البنية التحتية لحزب الله، لكن العديد من المنظمات استنكرت الحصيلة “الدموية” لأعداد الشهداء وتدمير البنية التحتية.
وفي حين فتحت الملاجئ في بيروت ومدينة صيدا الساحلية الجنوبية والجبل والشمال أبوابها لاستقبال النازحين من الغارات، لا يزال الكثيرون بلا مكان للإقامة.
فقد قالت رتيبة الشيخ عابد، وهي لاجئة سورية هربت من حكم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا قبل سنوات: “نحن هنا منذ ضربوا المباني في الضاحية”.
نزحت الشيخ عابد وعائلتها من الضاحية عندما تعرضت لغارات هائلة يوم الجمعة، مما أسفر عن اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وهي تقيم الآن مع عائلتها على الرصيف بالقرب من منارة بيروت.
وتعيل الشيخ عابد وزوجها ثمانية أطفال ويساعدان في رعاية امرأتين أخريين لدى كل منهما أربعة أطفال، ونظراً للعدد الكبير، لم يتسن لأي مأوى استيعاب هؤلاء جميعاً، فباتوا الآن معتمدين على كرم الناس والتبرعات الغذائية للعيش.
وقالت الشيخ عابد في إشارة إلى الخبز التقليدي الشامي الذي يُقدم عادة مع الزعتر أو الجبن “يأتي بعض الناس إلى هنا ليعطونا المناقيش، وإذا أحضروا لنا الطعام، نأكل وإذا أحضروا لنا الماء نشرب لكن إذا لم يحضروا لنا أي شيء، نموت جوعاً”.
مع بدء الاحتلال غزوه البري للبنان، واشتباك قواته العنيف مع حزب الله في الجنوب، ارتفعت المخاوف من وقوع كارثة إنسانية.
فقد أصدر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان عمران رضا نداءً عاجلاً لجمع 426 مليون دولار لمعالجة الأزمة الإنسانية الناجمة عن الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة.
وأرسل الاتحاد الأوروبي 30 مليون يورو كمساعدات إنسانية إلى البلاد مع توالي التصعيد في الموقف.
لكن الدولة اللبنانية مازالت تتلقى انتقادات شديدة بسبب افتقارها إلى العمل والاستعداد لهذا الوضع، وقد أخذ العديد من اللبنانيين على عاتقهم سد الفجوة ومساعدة الناس بشكل مباشر.
فقد قال باندا، وهو عضو في مجموعة تطلق على نفسها اسم (الطعام وليس القنابل) “نحاول حالياً توفير الطعام والوجبات الساخنة لأي شخص لا يجد ما يأكله، ونحاول العمل على شعار يقول أن لا ينام أحد جائعاً”.
وأضاف باندا لـ “ميدل إيست آي” أنه وزملاءه المتطوعين تمكنوا من إعداد ما بين 300 إلى 370 وجبة يومياً من مركزهم في الأشرفية، شرق بيروت، وهم يحاولون الآن العثور على موقع أكبر يسمح لهم بإعداد المزيد.
ورغم الجهود الكبيرة التي تبذل لتجنب كارثة إنسانية، فإن الاحتياجات هي أيضاً مرتفعة للغاية، فعلى سبيل المثال تؤكد الشيخ عابد أن أفراد أسراها عادة ما يضطرون للتوجه إلى الجامعة الأميركية في بيروت لاستخدام دورات المياه.
وأضافت: “في إحدى الليالي، لم أستطع الذهاب واصطحاب الأطفال إلى هناك بسبب المطر والبرد”، مما جعلها تقرر ترك أطفالها يتبولون في البحر القريب.
وأضافت: “جاءت موجة وكادت أن تأخذهم مني”.
أما يزبك، فهي عادة ما تبيت مع والدتها داخل صناديق من الورق المقوى، لكنهما لا تجدان في ذلك مكاناً ملائماً للاستحمام، حيث تقول يزبك إنها تستخدم مياه الشرب التي يقدمها لها المتطوعون لغسل نفسها، بينما تقول الشيخ عابد إنها مجبرة على الاستحمام مع أطفالها في البحر.
لا تريد أي من يزبك ولا الشيخ عابد مغادرة بيروت بعد، لأسباب مختلفة، حيث ترغب يزبك في البقاء قريبةً من منزلها، على أمل العودة بمجرد انتهاء الحرب، أما الشيخ عابد فتخشى أن تمتد الحرب إلى سوريا التي قصفتها قوات الاحتلال أيضاً في عدة مناسبات خلال الأسابيع الماضية.
وقالت: “لا نريد أن نظل نركض فراراً من بلد إلى آخر”.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)