بقلم زهرة سعيد
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
دخلت نادية ألماي وهي صاحبة سوبرماركت في بلدة جديدة المكر قرب عكا في جدل حاد مع زبونة كانت تتوسل إليها للحصول على كمية أكبر من المياه التي يمكنها شراؤها من متجرها.
إذ تسعى ألماي إلى تقسيم موجودات متجرها من المياه بالتساوي بين الزبائن، لضمان عدم انقطاع الماء عن أي منزل في الأيام المقبلة.
وساد التوتر الأمني في شمال إسرائيل منذ أن شنت حماس هجوماً مفاجئاً متعدد الجبهات في غلاف قطاع غزة صباح السبت، رد عليه الجيش الإسرائيلي بقصف القطاع في حين تواصل المقاومة الفلسطينية إطلاق آلاف الصواريخ باتجاه إسرائيل.
وعلى الرغم من تركز القتال في جنوب إسرائيل، فإن حالة من الخوف والقلق والذعر تجتاح المنطقة الشمالية تحسباً للتصعيد بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله الذين تبادلا جولات من القصف المتبادل عبر الحدود في الأيام الثلاثة الماضية.
ويمثل مشهد بيع الماء في جديدة المكر واحداً من مشاهد عدة في بلدات شمال إسرائيل، حيث يخشى الناس من المفاجآت في ظل غياب التعليمات الواضحة من السلطات.
وقالت ألماي أن الوضع برمته أصبح “وضع البقاء على قيد الحياة”، قبل أن تضيف:” الصورة ليست واضحة تمامًا هنا في الشمال، ومع ذلك الناس يشترون بشكل هستيري، لأول مرة أشعر أنني أصبحت شريرًة لمجرد أنني أحاول توزيع المياه بشكل عادل على جميع العملاء، لقد رأيت ذلك بأم عينيك”.
وتوضح السيدة أنها لم تعد تهتم بترتيب البضائع على الرفوف، “لأن الزبائن يتعجلون في أخذها من الصناديق”.
عدم المخاطرة
وتركت التصريحات المتضاربة الصادرة عن السلطات الإسرائيلية حول ضرورة الاستعداد لأسوأ السيناريوهات السكان في حالة من عدم اليقين.
وبعد ظهر الاثنين، دعت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية السكان إلى تخزين المواد الغذائية لمدة 72 ساعة، كما طالبتهم بجلب الأدوية، وإمدادات المياه بمقدار ثلاث لترات للشخص الواحد يومياً، والإضاءة التي تعمل بالبطارية أو الكشاف، وأدوات الإسعافات الأولية، والوثائق الشخصية، والشهادات والنقود والمعدات واللوازم للأطفال أو الحيوانات.
وفي صباح اليوم التالي، نشرت السلطات توضيحًا بأن هذه توصيات عامة تهدف إلى زيادة الوعي العام فيما يتعلق بالتجهيز والبقاء في المنطقة المحمية.
وذكر عمرو سبع، مدير إحدى شركات بيع اللحوم في قرية دير الأسد في الجليل أن السكان لا يواجهون مشكلة نقص في المواد الغذائية، إلا أن المشكلة تكمن في توفيرها.
وأوضح سبع فكرته بالقول:” هناك نقص في العمالة والسائقين، لأن معظم الإمدادات تصل من موانئ الجنوب، والناس يسارعون لشراء الضروريات الأساسية مثل الأرز والطحين والمياه والأغذية المعلبة بكميات غير عادية”.
وأضاف:” حتى الآن لا توجد قيود على الكميات التي يمكن شراؤها باستثناء البيض والحليب”.
وكان من الصعب تجاهل الزوجين راني وميسم المعادي من قرية المغار الذين كانا يدفعان عربة مملوءة بالإمدادات من المتجر تحسباً للأسوأ دون أن ينتظرا تعليمات من الحكومة.
“يندفع الناس إلى متجري كما لو كنا في حالة مجاعة، ما فائدة الطحين إذا لم يكن لدينا مأوى آمن؟” – أبو رامي، صاحب متجر
وكحال عائلة معادي، لم تجازف هناء جريس، من قرية البيني، بانتظار معرفة ما إذا كانت الحرب ستصل إلى شمال إسرائيل.
وقالت هناء:” لا أضمن أن لا تغير السلطات قراراتها بين دقيقة وأخرى، فهي تفعل ذلك باستمرار، وأفضل الاستعداد قبل إعلان أي حظر للتجول”.
غياب الملاجئ
وبينما يندفع السكان لتأمين الغذاء وغيره من الضروريات، فإن السؤال عن توفر الملاجئ العامة في المدن الفلسطينية في إسرائيل يثقل كاهلهم.
وقال مضر يونس، رئيس لجنة رؤساء البلديات العربية، إن الاستعدادات في البلدات الفلسطينية محدودة فيما يتعلق بالملاجئ.
وأضاف يونس:” نتحدث عن بلدات معظم بيوتها ومبانيها قديمة، وحتى المنازل حديثة البناء ليست جاهزة لأن الكثير منها بني دون تراخيص، لذلك لم يكن هناك اهتمام أو مراقبة لموضوع الأمن والأمان”.
وبين أنه ” حتى الملاجئ في المدارس ليست جاهزة لاستضافة الناس، لأنها تستخدم كقاعات دراسية بسبب ضيق المساحة، ولذلك سيكون من الصعب تفريغها وإعدادها كملاجئ”.
وأوضح بالقول:” على أية حال، من الواضح أن الاستعداد ليس كافياً، والإمكانيات المالية للسلطات المحلية العربية محدودة مقارنة بالمجالس اليهودية المبنية حديثاً، والتي تخصص لها ميزانيات ضخمة لبناء الملاجئ العامة”.
وبالنسبة لأبو رامي من قرية البيني، الذي يمتلك محل بقالة صغير منذ 37 عاما، فإن عدم توفر الملاجئ في البلدات الفلسطينية هو القضية الأكثر خطورة.
قال أبو رامي:” الناس يهرعون إلى متجري وكأننا في حالة مجاعة، مخزون الدقيق نفد، ولا أريد توريده، لأن التجار بدأوا برفع الأسعار منذ اللحظة الأولى للحرب”