بقلم بهزاد الأخرس
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
إذا طلبت مني أن أذكر أخطر سلاح تمتلكه إسرائيل، فإن إجابتي لن تكون قنابل أو قذائف أو حتى أسلحة نووية، بل هو الوقت الذي حان بعد أربعة أشهر من الحرب وصمت المجتمع الدولي الرهيب، شهد الفلسطينيون ومؤيدوهم في جميع أنحاء العالم خلالها آثار الحرب المدمرة، ولكن كيف يعمل هذا؟ وكيف يمكننا أن نقاوم استهداف إسرائيل لنا بسلاح الوقت؟
يتمثل التكتيك الأكثر فعالية بالوعي بالأساليب الإسرائيلية، فمنذ أشهر، واصلت القوات الإسرائيلية هجومها على غزة بلا هوادة رغم المعارضة العالمية الكبيرة والدعوات لوقف إطلاق النار.
لقد نجح هذا السلوك في تطبيع وحشية الحرب الإسرائيلية، حيث بدأت القصص الإخبارية تتراجع عن الصفحات الأولى، واتجه الاهتمام العالمي إلى أماكن أخرى.
تركز هذه الاستراتيجية على الحفاظ على مستوى ثابت من العنف مع مرور الوقت، وإعطاء الانطباع بأن لا شيء سيخرج الحرب عن مسارها، ولتبرير ذلك، كرر المسؤولون الإسرائيليون ادعاءاتهم بأن الفلسطينيين “حيوانات بشرية”، مشيرين إلى أن الحرب والحصار سيستمران طالما رأت إسرائيل ذلك ضرورياً.
لقد قصف الجيش الإسرائيلي المستشفيات والمدارس وملاجئ اللاجئين، وبات كل هجوم يساعد على بناء الأساس للهجوم التالي، دون أن تقود التصريحات الغاضبة إلى اتخاذ أي إجراء، ومع كل وقت يمر تضرب إسرائيل حيًا مدنيًا آخر ومخيمًا آخر ومستشفى آخر.
لا تخفي إسرائيل أياً من هذه الإجراءات بأي شكل من الأشكال، بل يتفاخر الجنود بما تقترفه أيديهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وكل هذا يعكس الاستراتيجية المركزية للاحتلال، والتي تتمحور حول الحفاظ على مستوى ثابت من العنف، في انتظار التنازلات من الجانب الآخر.
احتلال العقل
يتمثل أحد الأمثلة الأكثر إثارة للخوف على هذه الاستراتيجية في محتوى وسائل التواصل الاجتماعي الذي ينشر الجنود الإسرائيليون عبره مشاهد الابتسامات خلال استهدافهم المدنيين والنكات التي يتداولونها أثناء تدميرهم مبان سكنية بأكملها.
هذا ليس فقط من أجل “المتعة”، بل هو أسلوب لقتل وتدمير واحتلال العقل البشري وليس السكان أو المباني فحسب.
بمرور الوقت، بدأ الأشخاص الذين دافعوا في البداية عن الفلسطينيين ونظموا احتجاجات لإنهاء الحرب، يشعرون بالعجز واليأس، تخيل كيف كان شعورك خلال الأسابيع الأولى من عدوان الإبادة الجماعية الإسرائيلي، عندما كنت تسير جنبًا إلى جنب مع الملايين في جميع أنحاء العالم للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار.
لكن وبعد عودتك إلى المنزل، فإنك ترى أن إسرائيل قصفت برجًا سكنيًا آخر، وتشاهد ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين إلى عدة مئات فتشعر بالغضب.
إن خلق حالة من اليأس بين المدافعين عن فلسطين هو أكثر تدميراً من القتل نفسه
ولكن مع تكرار هذه الدورة مرارًا وتكرارًا، وبينما تستمر وسائل الإعلام في تكرار الرواية الإسرائيلية التي تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم، تبدأ في الشعور بالعجز، هكذا تستخدم إسرائيل الوقت كسلاح.
عندما لا يتغير شيء من الخارج، يميل الناس إلى تجربة تحول غير واع في وجهة نظرهم الخاصة، وتفسح الصدمة والغضب المجال لليأس، الذي قد يفسح المجال في بعض الأحيان لإلقاء اللوم على الضحية أو الرغبة في إنهاء إراقة الدماء المباشرة بأي طريقة ممكنة حتى من خلال العودة إلى بؤس ما قبل الحرب المتمثل في الحصار والاحتلال.
هكذا يمكن أن تذبل المطالب العالمية بفلسطين حرة وتتغير، وهذا هو الهدف النهائي لإسرائيل، حيث تستمر في استخدام الوقت كسلاح، إن خلق حالة من اليأس بين المدافعين عن فلسطين هو أكثر تدميراً من القتل نفسه.
وفي هذا السياق، يشكل الوعي درعاً واقياً يمكن أن يؤتي نفعاً في مواجهة الاستراتيجية الإسرائيلية، لا بأس أن تشعر أحيانًا باليأس، فقط ذكّر نفسك أنه لا يوجد عيب في هذا، ومع استمرار الحرب، لا يزال هناك دافع قوي للمسيرة والنشر والمقاطعة والتحدث علنًا ومشاركة السرد حول فلسطين.
للاطلاع على المقال الأصلي من (هنا)