واجهت السلطات الأردنية سيلاً من الانتقادات بعد تأكيد الحكومة على أن قواتها أسقطت صواريخ إيرانية استهدفت إسرائيل، حيث أطلقت إيران ما لا يقل عن 180 صاروخاً على إسرائيل، وأضاءت الصواريخ سماء الليل فوق تل أبيب والقدس قبل أن يتردد دوي انفجارات كبيرة.
وقد أظهرت مقاطع فيديو صواريخ تضرب عدة أجزاء من إسرائيل، ويقال أن إحداها انفجر بالقرب من مقر الموساد في الضواحي الشمالية في مدينة تل أبيب، كما تم تحديد عدد من مواقع الاستهداف في جميع أنحاء وسط إسرائيل، إلا أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية منعت وسائل الإعلام المحلية والدولية من نشر تفاصيل المواقع المحددة المستهدفة.
من جانبها، أكدت مديرية الأمن العام الأردني، في بيان لها على أن دفاعاتها الجوية اعترضت صواريخ وطائرات مسيرة متجهة إلى إسرائيل، فيما أشار بيان صادر عن سلاح الجو الملكي الأردني إلى أن “سلاح الجو الملكي الأردني ومنظومات الدفاع الجوي تصدت لعدد من الصواريخ والطائرات المسيرة التي دخلت الأجواء الأردنية”.
“أمريكا تهدف إلى جر الأردن إلى المشاركة الكاملة في الدفاع عن إسرائيل ضمن تحالف غربي، وهذا ما دفع الأردن رسمياً إلى الدفاع عن إسرائيل” – لميس أندوني- محللة ومعلقة
أظهر أحد المقاطع فيديو لسقوط صاروخ إيراني على طريق على مشارف العاصمة الأردنية عمان، فيما أصر المسؤولون الأردنيون على أن مشاركة المملكة كانت مسألة دفاع عن النفس وحماية لسيادة الأردن.
رغم ذلك، لم تلقَ تصريحات المتحدث باسم الحكومة ووزير الدولة لشؤون الإعلام، محمد المومني، استحساناً في الأردن رغم تأكيده أن “موقف الأردن واضح ودائم بأن الأردن لن يكون ساحة صراع لأي طرف، وحماية الأردنيين هي مسؤولية المملكة الأولى”.
وفي حديثه لموقع ميدل إيست آي، تساءل المواطن الأردني، إياد الرنتيسي، قائلاً: “إذا كان الأردن أولاً، فلماذا ينجر إلى مواجهة ليست من اختياره؟ ولماذا يتعرض المواطن الأردني للمخاطر من أجل الصهاينة وأمنهم وسلامتهم؟ ولماذا يستنزف الأردن قوته واقتصاده بإسقاط صواريخ غير موجهة إليه؟”.
“الدفاع عن إسرائيل”
من جانب آخر، فقد أثار تصوير الأردن كحليف وحامٍ لإسرائيل غضب كثيرين في الأردن، حيث أوضح عضو حزب الوحدة الديمقراطي ومنسق حركة مقاومة التطبيع، محمد العبسي، لموقع ميدل إيست آي: “ما شهدناه بالأمس كان تناقضاً في المواقف، فقد كانت هناك مشاعر شعبية ابتهجت بضرب الصواريخ الإيرانية للكيان الصهيوني، إلا أن إسقاط الصواريخ الإيرانية لا يتماشى مع الموقف الشعبي الداعم للمقاومة في فلسطين ولبنان”.
“إسقاط هذه الصواريخ تم خارج نطاق الأجواء الأردنية في طبقات الجو العليا ومن ثم سقطت داخل الأردن” – نضال أبو زيد- محلل عسكري
وأضاف العبسي أن “ما حدث بإسقاط الصواريخ مؤسف سواء أسقطتها الدفاعات الجوية الأردنية أو الأجنبية، فهذه الصواريخ لم تستهدف الأردن فلماذا نسقطها؟”.
من جانبها، أشارت المحللة والمعلقة في شؤون الشرق الأوسط والشؤون الفلسطينية، لميس أندوني، إلى أن الأردن اضطر للتدخل وكان يعمل تحت ضغط أمريكي، فقالت: “تعتبر الحكومة الأردنية مرور الصواريخ والطائرات المسيرة فوق أراضيها انتهاكاً لسيادتها، لكنها في الوقت نفسه لا تعتبر اختراق الطائرات الإسرائيلية والأمريكية لأجوائها لضرب دولة عربية أو إيران انتهاكاً لسيادتها”.
وأضافت أندوني أن “أمريكا تهدف إلى جر الأردن إلى المشاركة الكاملة في الدفاع عن إسرائيل ضمن تحالف غربي، وهذا ما دفع الأردن رسمياً إلى الدفاع عن إسرائيل” على حد قولها.
أنصار الحكومة يدافعون عن القرار
يذكر أن الأردن أقام علاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ عام 1994، ومن المعروف أن البلدين يتعاونان في العديد من القضايا الأمنية الإقليمية، ولكن منذ اندلاع الحرب على غزة، تزايدت أعداد الأردنيين المنتقدين لمعاهدة السلام التي أبرمتها الحكومة مع إسرائيل.
منذ أواخر شهر مارس الماضي، وآلاف الأردنيين يتظاهرون في عمان كل ليلة تقريباً، حتى أن البعض حاول اقتحام السفارة الإسرائيلية، وفي سبتمبر، حققت جبهة العمل الإسلامي، التي قادت احتجاجات كبيرة ضد الحرب على غزة، مكاسب كبيرة في الانتخابات البرلمانية، حيث فازت بـ 32 مقعداً في البرلمان المؤلف من 138 مقعداً.
رغم هذه التطورات، إلا أن هناك العديد ممن دافع عن قرار الحكومة في اعتراض الصواريخ، معتبرين أن ذلك يتماشى مع المصالح الأمنية الأردنية.
في حديثه مع ميدل إيست آي، أشار الخبير العسكري والمحلل السياسي، نضال أبو زيد، إلى أن “الصواريخ عبرت المجال الجوي الأردني دون تنسيق أو إخطار للمملكة ونحن دولة ذات سيادة، كما أن الصواريخ التي سقطت في الأردن هي غلاف الصاروخ وليس الرأس المتفجر، وهذا يعني أن أنظمة الدفاع الجوي تعاملت مع الصاروخ الذي انفجر في الجو”.
وأوضح أبو زيد أن بعض الصواريخ أسقطتها الدفاعات الجوية الأردنية فيما قامت منظومة “مقلاع داود” الإسرائيلية الدفاعات الجوية الأمريكية المتمركزة في المنطقة وعلى حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” بإسقاط البعض الآخر، ومن هنا اعتبر أن “إسقاط هذه الصواريخ تم خارج نطاق الأجواء الأردنية في طبقات الجو العليا ومن ثم سقطت داخل الأردن”.