بقلم فخر الدين ألتون
ترجمة وتحرير مريم الحمد
منذ انضمامها للناتو عام 1952، كانت تركيا حليفاً لا غنى عنه للغرب، حيث لعبت دوراً أساسياً في حماية الأمن عبر الأطلسي وأوروبا، فبعد انتهاء الحرب الباردة ظلت تركيا جزءاً مهماً في الناتو.
عندما تدخل التحالف لإنهاء الإبادة الجماعية في البوسنة في التسعينات، أرسل الجيش التركي قواته من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد، فقد نجحت مهمة الناتو في تحقيق ذلك الاستقرار بسبب وجود روابط ثقافية وتاريخية عميقة بين تركيا والبوسنة.
لاحقاً، في أعقاب هجمات الـ 11 من سبتمبر، لعبت تركيا دوراً مهماً في الحرب العالمية على الإرهاب، وكما في حالة البوسنة، كان للمعرفة والرؤية الثقافية لتركيا دوراً حاسماً في تحقيق الاستقرار في أفغانستان، فقد كانت أول جهة تترأس المساعدة الأمنية الدولية بقيادة الناتو كجزء من جهود إعادة الإعمار.
لم تكن تركيا بعيدة عن أصعب عمليات الناتو حول العالم، ففي عالم غير مستقر مليء بالتهديدات بشكل متزايد، تشارك تركيا بنشاط في مواجهة التحديات الناشئة، مع الدعم الاستراتيجي من قبل الناتو، حتى أصبحت تركيا حليفاً قوياً وشريكاً مهماً في مبادرات التحالف الجديدة.
من المهم أن تكون تركيا في المعسكر الغربي، وذلك بسبب تحكمها في الجغرافيا الواصلة بين الشرق والغرب والممرات المائية المؤدية إلى البحر الأسود
لقد استثمرت تركيا بكثافة في الدفاع في السنوات الأخيرة، حتى وصل الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي إلى 2%، وتعد تركيا ثاني أكبر جيش في حلف الناتو، لذلك تحرص على توسع الحلف باعتباره مفتاح السلام الدائم والاستقرار في العالم، لذلك كانت مؤيداً قوياً لدمج شمال مقدونيا والبوسنة والهرسك في الحلف.
قبل قمة فيلنيوس الأخيرة، كرر الرئيس رجب طيب أردوغان دعم تركيا الواضح لأوكرانيا لتصبح عضواً في الناتو، فتوجه تركيا لدعم التوسع الجغرافي للناتو يهدف إلى جعلها منظمة أمنية شاملة تساعد على تحقيق الاستقرار، ومن دواعي سرور تركيا أن مخاوفها المشروعة حول سياسات السويد في مكافحة الإرهاب قد لاقت قبولاً لدى حلفائها.
يقع على عاتق دول الناتو، ومن ضمنها تركيا، ضمان أن تأخذ عملية التوسيع بعين الاعتبار تصورات الدول الأعضاء في الحلف حول أنواع التهديدات التي قد تحيط بها، فالذين وجهوا انتقادات لتركيا حول موقفها من انضمام دول مثل فنلندا والسويد، كان عليهم تذكر حقيقة أن تركيا لن تقبل أن يتم التوسع على حساب أمنها القومي، فذلك سيكون منافياً لمنطق الناتو من حيث المبدأ!
لقد أظهرت قمة فيلنيوس أن تركيا شريك قوي سوف يدفع التحالف الدولي لمزيد من التقدم في مواجهة التحديات الأمنية بما يتماشى مع متطلبات أمنها القومي، كما ستظل عنصراً فاعلاً في تحقيق الاستقرار في عالم لا استقرار فيه!
على صعيد آخر، يستمر حزب العمال الكردستاني في حملته الإرهابية ضد تركيا منذ عام 1084، وتعتبره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، فقد نفذ الحزب العديد من الهجمات ضد قوات الأمن والمدنيين الأتراك، بالإضافة إلى أيديولوجيتهم العرقية والانفصالية، الأمر الذي يتعارض مع قيم الناتو ويزعزع الاستقرار في المنطقة.
هناك أيضاً منظمة غولن الإرهابية المسؤولة عن تنظيم محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو عام 2016، والتي قُتل فيها أكثر من 253 شخصاً وجرح أكثر من ألفين، ومع ذلك، تواصل المنظمة نشاطها في الغرب، في الوقت الذي يجب أن تكون هناك حرب تتبناها دول الناتو ضد منظمة إرهابية مثل “فيتو”.
وفي هذا السياق، فإن مطالبة تركيا للسويد بمواجهة هذه الجماعات الإرهابية تهدف إلى حماية الناتو ومصالحه، ولذلك رحبت تركيا بعضوية السويد في ظل إنشاء آلية أمنية ثنائية جديدة بين أنقرة وستوكهولم، كما تفتخر تركيا بدورها في إنشاء منسق خاص لمكافحة الإرهاب لأول مرة في الحلف، بالمقابل، حصلت تركيا على وعد من السويد بتحريك ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، إلى جانب تحديثات في الترتيبات الجمركية والتأشيرات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
من المهم أن تكون تركيا في المعسكر الغربي، وذلك بسبب تحكمها في الجغرافيا الواصلة بين الشرق والغرب والممرات المائية المؤدية إلى البحر الأسود، كما أدى وجود تركيا في الناتو إلى حماية أوروبا على مدى سنوات طويلة.
لقد أظهرت قمة فيلنيوس أن تركيا شريك قوي سوف يدفع التحالف الدولي لمزيد من التقدم في مواجهة التحديات الأمنية بما يتماشى مع متطلبات أمنها القومي، كما ستظل عنصراً فاعلاً في تحقيق الاستقرار في عالم لا استقرار فيه!
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)