أدى انهيار أرضي في منطقة جبال مرة غربي السودان إلى محو قرية تارسين بالكامل، دون وضوح عن عدد الضحايا الذين ماتوا نتيجة الانهيار، ولكن التقديرات أشارت إلى أن عدد من ماتوا قد يصل إلى ألف شخص.
أفاد سكان المنطقة بأن الأمطار الغزيرة التي هطلت على مدى أسابيع على سلسلة الجبال، التي تمر عبر 3 محافظات في دارفور، بلغت ذروتها، مما أدى إلى حصول انهيارات أرضية مستمرة وعقد من جهود الإنقاذ وعرض قرى أخرى قرب تارسين، التي تقع بالقرب من قمة جبلية يزيد ارتفاعها عن 3000 متر فوق مستوى سطح البحر، للخطر.
على مدى العامين الماضيين، أصبحت المنطقة ملاذاً لآلاف السودانيين الذين فروا من أماكن مختلفة أصبحت متورطة في الحرب الأهلية في السودان، حيث فر العديد من النازحين إلى الجبال من الفاشر، عاصمة ولاية شمال السودان، التي ظلت تحت الحصار لأكثر من 500 يوم، مما أدى إلى أزمة إنسانية.
“تأتي هذه الكارثة الطبيعية في الوقت الذي يعاني فيه الناس من وضع إنساني سيئ بالفعل بسبب الحرب والجوع، والآن هو الوقت المناسب لكي تتحرك البشرية معاً لإنقاذ ضحايا الحروب والكوارث الطبيعية معاً” – عامل إغاثة سوداني في مقابلة مع ميدل إيست آي
وقد أدى الصراع في السودان بين الجيش السوداني وحلفاءه المتمردين السابقين وقوات الدعم السريع شبه العسكرية إلى مقتل مئات الآلاف من الأشخاص وتشريد 12 مليوناً آخرين وتدمير البنية التحتية للبلاد والتسبب في مجاعة في عدة مواقع.
وتسيطر الحركة الشعبية لتحرير السودان/فصيل عبد الواحد على منطقة أمرو، حيث تقع مدينة تارسين، منذ عقدين من الزمن، وهي جماعة متمردة تدعي أنها محايدة في الصراع الحاصل في البلاد.
تجدر الإشارة إلى أن منظمات الإغاثة الدولية كافحت من أجل الوصول إلى المناطق في السودان حتى قبل وقوع هذه الكارثة، ولكنها تواجه الآن أيضاً تضاريس وعرة وطرقاً يتعذر الوصول إليها وخطر حدوث المزيد من الانهيارات الأرضية في الطريق إلى تارسين.
تفاقم الوضع
في مقابلة له مع ميدل إيست آي، أكد أحد عمال الإغاثة الذي يعمل مع النازحين في المنطقة ويدعى آدم ريجال، بأن جميع سكان تارسين البالغ عددهم أكثر من 1000 شخص قد ماتوا ولم ينج سوى شخص واحد لأنه كان خارج القرية في ذلك الوقت.
قال ريجال: “لا يزال مئات الأشخاص تحت الأنقاض ولا يستخدم الناس سوى الأدوات المحلية لانتشال الجثث بصعوبة كبيرة، والوضع يتدهور حقاً فالناس في حاجة ماسة إلى المساعدات الطارئة والإنسانية من حيث انتشال جثث القتلى وإخلاء القرى المجاورة”.
وقد أكد عمال الإغاثة في دارفور لموقع ميدل إيست آي بأن الوضع كارثي بشكل خاص لأن الحرب جعلت المنطقة غير قابلة للوصول، حيث أوضح أحدهم شريطة عدم الكشف عن هويته: “تأتي هذه الكارثة الطبيعية في الوقت الذي يعاني فيه الناس من وضع إنساني سيئ بالفعل بسبب الحرب والجوع، والآن هو الوقت المناسب لكي تتحرك البشرية معاً لإنقاذ ضحايا الحروب والكوارث الطبيعية معاً”.
خطر على التجمعات المجاورة
مع استمرار الانهيارات الأرضية في المنطقة المحيطة، بدأ سكان القرى المجاورة بالفرار، ولكن الحقيقة أنهم لا يجدون موقعاً آخر آمناً يتجهون إليه ولا وسائل نقل أخرى غير المشي أو الحمير.
“أكثر من 72 موقعاً معرض لخطر الفيضانات كما يواجه حوالي 230 ألف شخص أنواعاً مختلفة من التهديدات” – وزارة المياه والري السودانية
في حديثه، أشار ريجال إلى حصول كارثة أخرى مماثلة في المنطقة عام 2018، عندما قتل 20 شخصاً بسبب انهيار أرضي، مؤكداً على ندرة في الغذاء والمياه النظيفة في المنطقة، مع تدهور المرافق الصحية في المنطقة بعد عامين من الحرب، مما يزيد من خطر الإصابة بالكوليرا وحمى الضنك.
من جانب آخر، فقد حذر زعيم حركة تحرير السودان/فصيل عبد الواحد، عبد الواحد النور، من الخطر الذي يهدد التجمعات السكانية المحيطة، فقال: “كان القرويون المجاورون يشعرون بالخوف من أن مصيراً مماثلاً قد يصيبهم إذا استمر هطول الأمطار الغزيرة، مما يؤكد على الحاجة الملحة إلى خطة إخلاء شاملة وتوفير مأوى طارئ لأولئك المعرضين للخطر، وأنا أناشد بشكل عاجل الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة وجميع المنظمات الإقليمية والدولية للتدخل دون تأخير وتقديم المساعدة الفورية للمساعدة في إنقاذ حياة الآلاف من المدنيين المعرضين حاليًا للخطر بسبب الانهيارات الأرضية المستمرة”.
في غضون ذلك، حذرت وزارة المياه والري السودانية من أنه من المتوقع أن تستمر الأمطار الغزيرة والفيضانات العالية والخطيرة في تهديد أجزاء مختلفة من البلاد خارج دارفور، وقد شمل التحذير ولايات الشمال ونهر النيل والجزيرة وشمال وغرب دارفور حتى الحدود مع تشاد غرباً وربما مصر شمالاً.
جاء في تحذير الوزارة: “أكثر من 72 موقعاً معرض لخطر الفيضانات كما يواجه حوالي 230 ألف شخص أنواعاً مختلفة من التهديدات”، وقد دعت الوزارة التجمعات السكانية المحلية إلى توخي أقصى درجات الحذر وترك المناطق المعرضة للفيضانات.