بقلم ركان عبد الرحمن
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
ليس سراً أن الكثيرين من سكان الشرق الأوسط يعشقون القهوة، فالقهوة تقدم على مائدة الإفطار، وفي المناسبات الخاصة، وكذلك في بيوت العزاء، إنها التقليد الوحيد الثابت في جميع المناسبات الاجتماعية.
ازداد حب القهوة في السنوات الأخيرة، مع ظهور المزيد من المقاهي في جميع أنحاء المنطقة، ولا تختلف غزة عن غيرها في ذلك، حيث يستهلك سكان القطاع أكثر من خمسة إلى ستة أطنان من القهوة يوميًا.
عبد الله الصفدي، 32 عامًا، هو المدير التنفيذي لمقهى ريستريتو في مدينة غزة، وفيما يقدم المقهى كل شيء بدءًا من كعك الجبن المخبوز والمغطس بالشوكولاتة والشاي واللاتيه المزين بطريقة فنية، إلا أنه يشتهر بقهوته الكلاسيكية وصداقته للبيئة أيضاً.
يقول الصفدي:” مقهى ريستريتو وحده يخلف حوالي عشرة كيلوغرامات من تفل القهوة يوميًا، لك أن تتخيل كمية التفل المتبقية في كافة المقاهي في مختلف أنحاء غزة”.
يطمح الصفدي إلى جعل المقهى الخاص به صديقًا للبيئة تمامًا في الأشهر المقبلة، ويشجع الآخرين على اتباع أسلوبه.
حظي المقهى بشهرة كبيرة بين أهالي القطاع الذين غالبًا ما يأتون إلى المقهى للعمل على أجهزة الكمبيوتر المحمولة أو عقد الاجتماعات، ونظرًا لكمية التفل المتبقية، حرص الصفدي على إيجاد حلول أكثر مراعاة للبيئة.
يقوم الصفدي في مقهاه بتحويل تفل القهوة إلى سماد طبيعي ومكملات للتربة، في قرار اتخذه بعد التشاور مع الباحثين والمهندسين الزراعيين على مدى عدة أشهر.
تتضمن العملية جمع تفل القهوة، أو البقايا والحبوب المتبقية في قاع الفناجين والأكواب، وتركها في الشمس حتى تجف، لاستخدامها بعد ذلك كسماد لأشجار الليمون والبرتقال، كما يمكن خلطها أيضاً مع الأسمدة الزراعية.
وبحسب الصفدي، فإن مخلفات القهوة الغنية بالمغنيسيوم والبوتاسيوم والنيتروجين، تعمل جميعها على تحسين نوعية التربة، كما تستخدم في ري الزهور عن طريق إضافة الماء إلى تفل القهوة الجافة وتركها لمدة يومين إلى ثلاثة أيام حتى تصبح عنابية اللون، ثم يتم استخدام منقوعها لري الزهور.
يشرح الصفدي أهمية أن نكون صديقين للبيئة ويقول:” من واجبنا الحفاظ على البيئة وحمايتها للأجيال القادمة”.
وفي المقهى الخاص به، يتأكد الصفدي من أن غالبية المواد والأدوات المستخدمة صديقة للبيئة، حيث يتم إعادة تدوير كافة الأكواب كما يقوم بتقديم العديد من المشروبات والحلويات في أكواب “الويفر” التي يمكن تناولها لتجنب استخدام المزيد من الأكواب.
وبسبب قيود الاحتلال الإسرائيلي على غزة، يضطر الصفدي إلى استيراد أكواب وأدوات صديقة للبيئة، ويوضح قائلا:” علي أن أحصل على الكثير من المواد من الخارج لأنها غير متوفرة في غزة بسبب الحصار الإسرائيلي”.
يزدان المقهى اليوم بالنباتات والزهور المزروعة في تراب تم تسميده بتفل القهوة، وقد جعلت المساحات الخضراء من المقهى مساحة مشرقة ونابضة بالحياة، حتى صار العديد من العملاء يذكرونه باسم “المنطقة الخضراء”.
وفقاً للصفدي، فإن استخدام مخلفات القهوة في زراعة النباتات يمنع نمو الأعشاب الضارة وانتشار الآفات، لكنه يوضح أن نجاعة ذلك تكمن في عدم استخدام كميات كبيرة من التفل كي لا تشكل حاجزًا يمنع امتصاص الماء.
أخذت مبادرة المقهى تلهم الآخرين، حيث يقول الصفدي:” هناك صاحب مقهى في الخليل تواصل معي طالباً المشورة حول خطوات تحويل تفل القهوة إلى سماد طبيعي”.
ويأمل الصفدي في جمع تفل القهوة من المقاهي المحيطة وتحويلها إلى سماد وتوزيعها على المزارعين لمساعدتهم في تسميد محاصيلهم.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)