تخطط إسرائيل لتقييد وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك في خطوة تهدف إلى استفزاز المسلمين حول العالم وإطالة أمد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، حسبما ترى شخصيات سياسية ودينية فلسطينية.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة هآرتس، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أقر خلال اجتماع مع كبار المسؤولين يوم الأحد مقترحاً تقدم به إيتامار بن غفير، وزير الأمن القومي اليميني المتطرف في إسرائيل، ينص على الحد من دخول الفلسطينيين في إسرائيل إلى المسجد.
وستعتمد القيود على معايير مثل العمر والجنس وسيتم تحديد تفاصيلها في الأيام المقبلة. وبحسب ما ورد، فقد أوصى بن غفير بالسماح فقط للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل الذين تزيد أعمارهم عن 70 عامًا بدخول المسجد خلال شهر رمضان، بينما أوصت الشرطة الإسرائيلية بدخول الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 45 عامًا.
وقال مصدر في الاجتماع لصحيفة “هآرتس” أن جهاز الشاباك عارض القرار وفضل بدلاً من ذلك الوصول غير المقيد للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل.
كما اقترح بن غفير فرض حظر كامل على وصول الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة للتعبد في المسجد الأقصى خلال الشهر، لكن القرار بشأن القادمين من الضفة الغربية لم يتخذ بعد.
وتتضمن مقترحات بن غفير كذلك السماح للشرطة الإسرائيلية بمداهمة المسجد الأقصى إذا تم التلويح بالأعلام الفلسطينية أو إذا كان المصلون “يدعمون الإرهاب”، لكن المقترح قوبل بالرفض.
وقال سامي أبو شحادة، زعيم حزب التجمع والعضو السابق في الكنيست الإسرائيلي عن القائمة العربية المشتركة بين عامي 2019 و2022 أن: ” الجريمة الأولى في رأيي هي ربط شهر رمضان وهو شهر العبادة والصيام بالعنف”.
وأضاف “ما تغير منذ 1400 عام هو وجود هذه الحكومة اليمينية الفاشية وسياساتها حيث تخلق الاعتداءات على المصلين والناس خلال هذا الشهر المبارك أجواء من التوتر”.
من ناحيته، قال الشيخ الفلسطيني البارز في إسرائيل كمال الخطيب أنه ” على مدى السنوات القليلة الماضية فرضت قيود مثل قطع مكبرات الصوت وإغلاق المناطق العامة مثل باب العامود لكن منع الدخول إلى الأقصى قبل حلول رمضان بشهر يمثل حربا دينية سافرة أعلنتها وتديرها حكومة نتنياهو”.
وخلال الشهر الفضيل من العام الماضي، استخدمت القوات الإسرائيلية قنابل الصوت وأطلقت الغاز المسيل للدموع على المصلين في المسجد الأقصى واعتقلت مئات المصلين.
وخلال شهر رمضان المبارك في أيار/ مايو 2021، أصيب مئات الفلسطينيين بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية المسجد الأقصى وهاجمت المصلين بالغاز المسيل للدموع والرصاص الفولاذي المغلف بالمطاط والقنابل الصوتية.
وأدت الاقتحامات الإسرائيلية في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة في ذلك الوقت إلى اندلاع حرب في قطاع غزة المحاصر استشهد فيها ما لا يقل عن 256 فلسطينياً بينهم 66 طفلاً.
وأوضح الخطيب أن أجهزة الأمن الإسرائيلية كانت قد حذرت منذ فترة طويلة من أن فرض قيود على الوصول إلى المسجد الأقصى سيكون خطراً على أمن إسرائيل وعلاقاتها مع الدول العربية.
وكانت الدول العربية بما فيها المملكة العربية السعودية ومصر قد أدانت وبشدة حملة العنف الإسرائيلي في المسجد الأقصى خلال العام الماضي.
وبالعودة إلى أبو شحادة، فقد أشار إلى أن نتنياهو وبن غفير لديهما ” مصلحة في توتير الأجواء عبر استفزاز المصلين والمسلمين في القدس وداخل إسرائيل والضفة الغربية والعالم”.
وقال أن هذه المصلحة تنبع من اعتقاد الزعيمين الإسرائيليين أن ” استمرار الحرب ودوام حالة العنف هذه يخدم مصلحة نتنياهو في البقاء في السلطة”.
واتفق الخطيب مع وجهة نظر أبو شحادة، مشيراً إلى أن فرض القيود ” يضرب عصفورين بحجر واحد”.
وشرح الخطيب ذلك بقوله: ” أولاً، كان هنالك صراع وطالما ظلت الأمور تتصاعد، فلن تجرى انتخابات ولن تكون هناك محاكمة لنتنياهو، كما يطالب الكثير من الإسرائيليين هذه الأيام”.
وأضاف الخطيب: ” الأمر الثاني، إذا تمكنت الحكومة من تنفيذ هذا القرار فلا شك أنه سيكون خطوة متقدمة نحو فرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى”.
وباعتباره موقعاً إسلامياً، فإن الزيارات والصلوات والشعائر غير المرغوب فيها من قبل غير المسلمين ممنوعة في المسجد الأقصى وفقًا للاتفاقيات الدولية المبرمة منذ عقود.
لكن مجموعات المستوطنين طالما ظلت تنتهك هذه الترتيبات الدقيقة بالتنسيق مع السلطات التي تسهّل مداهمات المستوطنين للأقصى وأداء صلواتهم وشعائرهم الدينية فيه.
ووصف الفلسطينيون القرار الجديد بأنه “تهويد” للمسجد معبرين عن خشيتهم من أن تمهد القيود المفروضة على دخولهم إلى الأقصى الطريق لتقسيمه بين المسلمين واليهود، على غرار تقسيم الحرم الإبراهيمي في الخليل خلال التسعينيات.
ولفت عكرمة صبري مفتي القدس الأسبق الاثنين النظر إلى أن قرار منع المسلمين من دخول المسجد الأقصى باطل ويتعارض مع حرية العبادة.
ورأى الخطيب أن الإجراءات الإسرائيلية المتعلقة بالأقصى لم تستهدف ملايين الفلسطينيين والعرب فحسب، مضيفاً ” بل إنها حرب على ملياري مسلم، من خلال استهداف ثالث أقدس مسجد في العالم”.