في خطوة تاريخية غير مسبوقة، أعلنت المملكة المتحدة استدعاء سفير دولة الاحتلال في لندن وتعليق اتفاقية التجارة الحرة مع تل أبيب، فيما يمثل تطوراً دراماتيكياً سلبياً في العلاقات الودية بينهما.
وأدان وزير الخارجية ديفيد لامي “تصرفات” حكومة الاحتلال و”خطاباتها الفاضحة”، معتبراً أنها تعزل الدولة العبرية “عن أصدقائها وشركائها حول العالم”.
وانتقد لامي خلال كلمة له أمام البرلمان بعد ظهر يوم الثلاثاء، توسيع الاحتلال لعملياته العسكرية في غزة وتقييده لدخول المساعدات الإنسانية، وقال أنه “كصديق قديم” للدولة العبرية و”مؤمن بالقيم الواردة في إعلان استقلالها أجد هذا الأمر مؤلمًا للغاية”.
وجادل لامي بأن نهج الاحتلال “يتعارض مع المبادئ التي تقوم عليها علاقتنا الثنائية، وهو مرفوض من قبل أعضاء هذا المجلس، وبصراحة، إنه إهانة لقيم الشعب البريطاني”.
وقال وزير الخارجية: “لذلك، أُعلن اليوم تعليق المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية بشأن اتفاقية تجارة حرة جديدة، وسنُراجع التعاون معهم بموجب خارطة الطريق الثنائية لعام 2030، وإجراءات حكومة نتنياهو هي ما جعل هذا الأمر ضروريًا”.
وتابع لامي: “اليوم، يستدعي صديقي المُحترم، وزير خارجية الشرق الأوسط، السفير الإسرائيلي إلى وزارة الخارجية لنقل هذه الرسالة.”
وأضاف لامي أيضًا أنه يجب أن يكون للفلسطينيين دولتهم الخاصة وأن يعيشوا “أحرارًا من الاحتلال”.
يذكر أن المفاوضات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين المملكة المتحدة والدولة العبرية بدأت في يوليو/تموز 2022 في ظل حكومة المحافظين السابقة.
وفي الاتفاق الأولي، وافقت حكومة المملكة المتحدة على معارضة استخدام مصطلح “الفصل العنصري” لوصف معاملة الاحتلال للفلسطينيين، وتعهدت بمواجهة “التحيز ضد إسرائيل” في المؤسسات الدولية، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وقال لامي: “العالم هو من يحكم”، سيحكم التاريخ على الحكومة الإسرائيلية، بحجب المساعدات، وتوسيع نطاق الحرب، وتجاهل مخاوف أصدقائكم وشركائكم، هذا أمر لا يمكن تبريره ويجب أن يتوقف.
وكان عدد من أعضاء البرلمان قد شككوا في فعالية هذا التحول في سياسة حكومة حزب العمال تجاه دولة الاحتلال وطالبوا باتخاذ إجراءات أكثر صرامة حيالها.
ومن بين المشككين السياسي المحافظ كيت مالثاوس الذي قال إن لامي يعلم أن دولة الاحتلال لا “تكترث” للعقوبات التي أُعلن عنها يوم الثلاثاء، وأنها استمرت في قتل الفلسطينيين منذ صدور بيان وزير الخارجية.
وفي حديثه أمام البرلمان، قال مالثاوس: “حاول الكثير منا في هذه القاعة حث الحكومة على اتخاذ إجراءات خلال الأشهر القليلة الماضية، لقد جربنا الغضب والسخط، ولم نصل إلى نتيجة، وجربنا إحراج الوزراء ودفعهم إلى اتخاذ إجراءات، ولم نصل إلى نتيجة، لذا ربما نحتاج إلى التوسل لهم.”
وتابع: “أحثّ وزير الخارجية وأتوسل إليه لاستجماع كل سلطته الأخلاقية وشجاعته، والوقوف في الحكومة ضدّ الحصار في داونينج ستريت، ورجاءً، محاولة إنقاذ حياة هؤلاء الأطفال في أسرع وقت ممكن”.
وكان زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي في وستمنستر، ستيفن فلين، قد دعا إلى التصويت في البرلمان على الاعتراف بدولة فلسطينية.
كما أعلنت المملكة المتحدة عن عقوبات على ثلاث قادة للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، من بينهم القيادية الاستيطانية البارزة دانييلا فايس، التي ظهرت في فيلم وثائقي حديث لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قدّمه لويس ثيرو، بالإضافة إلى عقوبات على بؤرتين استيطانيتين غير قانونيتين ومنظمات استيطانية.
وردًا على إعلان الحكومة البريطانية، قالت وزارة خارجية الاحتلال إن تعليق المفاوضات التجارية سيضرّ باقتصاد المملكة المتحدة، وإنّ دوافعه معادية للدولة العبرية.
وأردفت الوزارة: “إذا كانت الحكومة البريطانية، بدافع الهوس المعادي لإسرائيل واعتبارات سياسية داخلية، مستعدة للإضرار بالاقتصاد البريطاني، فهذا قرارها”.
وأضافت: “انتهى الانتداب البريطاني قبل 77 عامًا بالضبط، ولن تُثني الضغوط الخارجية إسرائيل عن مسارها”.