حكومة بريطانيا تمنح منظمة موالية للاحتلال 7 ملايين جنيه لتعريف “معاداة السامية” في الجامعات
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، خصصت الحكومة البريطانية مبلغاً بقيمة 7 ملايين جنيه إسترليني (9.3 ملايين دولار) لصالح منظمة موالية لدولة الاحتلال، بهدف تنفيذ برامج تدريبية في الجامعات البريطانية تحت عنوان “التصدي لمعاداة السامية”.
المنظمة المعنية هي اتحاد الطلبة اليهود (UJS)، الذي يقدم نفسه على أنه “صوت الطلبة اليهود” في بريطانيا وأيرلندا، لكنه يرتبط مباشرة بـ المنظمة الصهيونية العالمية، وهي الجهة التي تموّل المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
تدريب على “تعريف الكراهية”… وتمويل مثير للجدل
وأعلنت وزارة التعليم البريطانية إن الاتحاد سيُقدّم نحو 600 جلسة تدريبية لأعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات خلال الأسابيع المقبلة، بزعم مساعدتهم على “التعرّف على خطاب الكراهية والتحرش”، وتعزيز ما وصفته بـ”نقاش مفتوح ومحترم”. وحذّرت الوزارة الجامعات في بيان سابق من أنها قد تواجه إجراءات عقابية إذا لم تحمِ الطلبة اليهود من “المضايقة”.
لكنّ منتقدين رأوا في هذا التمويل محاولة جديدة لفرض تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) لما يسمى بمعاداة السامية، والذي يُتهم باستخدامه لتكميم الأفواه ومنع الانتقادات المشروعة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
استجابة لاحتجاجات مؤيدة لفلسطين
يأتي هذا القرار، بحسب تقرير ميدل إيست آي، ردّاً على موجة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين التي اجتاحت الجامعات البريطانية في ذكرى مرور عامين على هجمات 7 أكتوبر، والمطالبة بوقف الإبادة في غزة. ووصف رئيس الوزراء كير ستارمر تلك الاحتجاجات بأنها “غير بريطانية” و”تفتقر إلى احترام الآخر”، فيما قالت وزارة التعليم إن على الجامعات أن تحظر التظاهرات المتكررة التي تُعد “مزعجة أو معطِّلة”.
اتحاد الطلبة اليهود… ذراع دبلوماسية ناعمة للاحتلال
يضم اتحاد الطلبة اليهود أكثر من 75 جمعية طلابية في جامعات بريطانيا وأيرلندا، لكنه واجه انتقادات حادة بسبب ارتباطه بالسياسات الإسرائيلية ودعمه للمستوطنين.ففي تحقيق بثّته قناة الجزيرة عام 2017، كُشف أن الاتحاد كان قد تلقّى تمويلاً من سفارة دولة الاحتلال في لندن.
وفي عام 2021، ظهرت رئيسة الاتحاد آنذاك نينا فريدمان وهي تخبر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بأن خريجي الاتحاد “يخدمون حالياً في مناصب رفيعة داخل الحكومة ووزارة الخارجية وجيش الاحتلال، بل وحتى في مكتب الرئيس نفسه”.
ويُعد الاتحاد عضواً في الاتحاد العالمي للطلبة اليهود، المرتبط مباشرة بوزارة خارجية الاحتلال وبالمنظمة الصهيونية العالمية التي تموّل المستوطنات في الأراضي المحتلة. ويؤكد الاتحاد في تعريفه الرسمي أنه “ينخرط بحماسة في مشاريع تتعلق بدولة الاحتلال والحوار بين الأديان والعمل الاجتماعي”، ويوفّر لطلابه فرصاً لـ”تعزيز واستكشاف العلاقة الشخصية مع إسرائيل كجزء من الهوية اليهودية المتطورة”.
حملة حكومية تحت غطاء “الأمن الجامعي”
من جانبها، قالت وزيرة التعليم البريطانية بريدجيت فيليبسون إنها ستجتمع هذا الأسبوع مع رؤساء الجامعات، ومكتب شؤون الطلبة، والشرطة، وممثلي الطوائف الدينية لضمان أن الجامعات تتخذ “إجراءات فعّالة ومتوازنة لحماية جميع الطلبة ودعمهم”.
ويأتي هذا القرار في سياق أوسع من تزايد القيود على الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في بريطانيا، حيث أعلنت وزيرة الداخلية شبانه محمود عن قيود جديدة على التظاهرات بعد هجوم على كنيس يهودي في مانشستر أسفر عن مقتل شخصين.
وتتيح هذه القيود للشرطة النظر في “الأثر التراكمي” للاحتجاجات المتكررة على الأحياء المحلية، وإجبار المنظمين على تغيير أماكن التظاهر، وهو ما وُصف من قبل ناشطين – بمن فيهم يهود مناهضون للصهيونية – بأنه توجّه سلطوي لقمع حرية التعبير.