لا يزال سامي جقر يتجول ذهابًا وإيابًا خارج منزله المدمر منذ أيام، فزوجته وطفلاه محاصرون تحت الأنقاض، فيما يقوم عمال الإنقاذ بالحفر بلا كلل لإخراجهم أحياء.
وقال جقر: “أطفالي تحت الأنقاض، أدعو الله أن يحفظهم، أنتظر بصبر أن يخرجهم أحد”.
إنه اليوم الرابع بعد الزلزال المدمر الذي أودى بحياة أكثر من 22 ألف شخص وأثر على أكثر من 20 مليون شخص في تركيا وسوريا حتى الآن.
“عندما حاولت العودة ، بدأ الزلزال الثاني وسقط المبنى على رأس الأسرة”- سامي جقر ، ناج من الزلزال
يتجمد الطقس في بلدة سلقين التي تسيطر عليها المعارضة في محافظة إدلب، لكن جقر لا يزال متشبثا بالأمل.
ويقول جقر، الذي كان يلتحف بطانية بينما يقف بالقرب من منزله المدمر وينتظر بفارغ الصبر: “كنت نائماً عندما أيقظتني زوجتي مذعورة تقول إن الأرض تهتز، اعتقدت أنه مجرد زلزال صغير مثل المرات السابقة او نتيجة قصف سوري او روسي”.
وأضاف: “تصاعدت الاهتزازات، وحدث شيء غير طبيعي على الأرض، وبدأت أسمع جدرانًا تنهار، حاولت إجلاء أطفالي ووجدت إحدى بناتي أمامي، فحملتها وركضت، بينما كنت انادي على البقية ليتبعوني”.
“عندما وضعت ابنتي في مكان آمن بالخارج، كانت تصرخ مذعورة، لقد وعدتها بأن أعود مع بقية إخوتها، لكنني لم أستطع، وعندما حاولت العودة، بدأ الزلزال الثاني وسقط المبنى على رأس الأسرة “.
جقر هو واحد من الملايين الذين تضرروا بشكل مباشر من الزلازل في سوريا.
وتشير التقديرات الأولية إلى انهيار أكثر من 2276 مبنى، على الرغم من صعوبة قياس ما إذا كانت الأضرار التي لحقت ببعض المباني ناجمة عن قصف سابق للحكومة السورية والروسية، أو بسبب الزلازل.
وبسبب الزلزال، تشرد أكثر من 300 ألف شخص يوم الاثنين.
الجثث تفوق المساعدات
يتفاقم الدمار في الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة بسبب الافتقار إلى البنية التحتية الجيدة والخبرة في منطقة تعاني بالفعل من أزمة إنسانية ناجمة عن 12 عامًا من الحرب.
ويسكن الإقليم ما يقرب من أربعة ملايين شخص، نصفهم يعيشون تحت خط الفقر.
ودعت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا يوم الجمعة إلى “وقف شامل لإطلاق النار لتمكين العاملين في المجال الإنساني وعمال الإنقاذ من الوصول إلى المحتاجين دون خوف من التعرض لهجمات”.
ومنحت حكومة بشار الأسد، الجمعة، الإذن للمساعدات الدولية بدخول المناطق التي تسيطر عليها المعارضة عبر المعابر الخاضعة لسيطرتها.
وقالت دمشق إن المساعدة ستصل لمن هم في أمس الحاجة إليها بمساعدة الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقبل الإعلان، كان الطريق الوحيد لوصول المساعدات الدولية إلى مناطق المعارضة هو معبر باب الهوى بين محافظة إدلب السورية وجنوب تركيا.
تم إغلاق هذا المعبر لعدة أيام بسبب الزلزال الذي ضرب أيضا قوات الحراسة في ولاية هاتاي التركية.
وبرغم الحاجة الماسة لمساعدة الناجين في أعقاب الكوارث في شمال غرب سوريا، فإن الطرود التي تم تسليمها حديثًا لن تساعد عمال الإنقاذ المتطوعين كثيرا.
ويقول الخبراء إن فرص العثور على ناجين بعد 72 ساعة تصبح نادرة، وهي الفترة التي مرت صباح الخميس، وبات من المرجح موت معظم أولئك الذين سيتم انتشالهم من تحت الأنقاض في الأيام المقبلة.
وواصلت فرق الدفاع المدني السوري التطوعية، المعروفة باسم الخوذ البيضاء، البحث عن ناجين يوم الجمعة في حوالي 51 موقعًا متضررًا بشدة في جميع أنحاء المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، على الرغم من التحديات.
كما بدأت في إزالة الأنقاض من الطرق الرئيسية للسماح بدخول المساعدات عبر المعابر المخصصة لها.
وبحسب وكالة الأناضول، فقد تم تسليم 14 شاحنة محملة بمساعدات الأمم المتحدة عبر معبر باب الهوى يوم الجمعة، لكن الدفاع المدني السوري أوضح يوم الخميس أن تلك الشاحنات كانت جزءا من عمليات تسليم روتينية ولا تحمل معدات يمكن أن تساعد في إزالة الأنقاض.
ويشار إلى أن عدد الشاحنات التي تدخل المنطقة محملة بجثث قتلى الزلزال في تركيا يفوق عدد شاحنات الإغاثة، حيث وصل ما يقرب من 700 جثة من تركيا حتى الآن.