بقلم ماركو كارنيلوس
ترجمة وتحرير مريم الحمد
رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران مؤخراً، إلا أن ذلك، كما هو الحال مع قرارات ترامب بالعموم، يجب أن يؤخذ بحذر.
لقد أنهى إعلان ترامب أسبوعين محمومين بدآ بمهاجمة إسرائيل لإيران، ثم رأينا بعد ذلك انتقام طهران، وقفز الولايات المتحدة إلى المعركة من خلال ضرب المنشآت النووية الإيرانية، ورد فعل إيران الرمزي إلى حد كبير ضد القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة.
يظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باعتباره الخاسر الأكبر، فمن الواضح أنه لم يتمكن من تدمير البرنامج النووي الإيراني ولم يتمكن من جر الولايات المتحدة إلى مواجهة عسكرية مطولة مع إيران، ومن المرجح أن يظل حلمه الذي دام عقوداً من الزمن بتغيير النظام في طهران مجرد حلم!
أبدت إسرائيل رغبتها في وقف التصعيد مبكراً، فلم تكن تتوقع فيما يبدو الرد الإيراني القاسي، كما تبين أيضاً أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف كان على اتصال مباشر مع الجانب الإيراني طوال الوقت، فما حدث في الأيام الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران كان أقرب إلى مسرحية منه إلى حرب، على غرار الصدام المخطط له الذي دار قبل 5 سنوات بعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني.
ادعى القادة السياسيون الأمريكيون من جانبهم بتوجيه ضربة مدمرة للمنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونتانز وأصفهان، إلا أن التقييمات العسكرية بدت أكثر حذراً حول حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية المذكورة، خاصة في حالة موقع فوردو للتخصيب والمدفون تحت جبل.
تعد قاعدة فوردو جوهر برنامج التخصيب النووي الإيراني، حيث تحتوي على أجهزة طرد مركزي متقدمة يمكنها تخصيب اليورانيوم حتى العتبة العسكرية البالغة 90%، وتشير التقديرات إلى أن إيران تمتلك بالفعل 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%.
وفقاً لبعض التقديرات، يبدو أن زيادة التخصيب إلى 90% أمر ممكن إلى حد كبير، ولكن هذا لا يعني ضمناً أن إيران سوف تمتلك قنبلة نووية قريباً، بل يعني أنها تحتوي على ما يكفي من المواد لتجميع عدد قليل منها خلال بضع سنوات.
في شهر مارس الماضي، أكد مجتمع الاستخبارات الأمريكي الواسع، من خلال مديرته تولسي جابارد، للكونغرس بأن إيران ليست في طور بناء أسلحة نووية، وهو الاستنتاج الذي توصلت إليه أيضاً الوكالة الدولية للطاقة الذرية وسط تحركات خرقاء أخرى.
عملياً، لقد تجاهل ترامب هذا التقييم عندما أمر بضرب المنشآت النووية الإيرانية، وعندما اعترض صحفيون، رد وزير خارجيته، ماركو روبيو، بأن تقييم الاستخبارات ليس له أي صلة بما جرى، متناسياً حقيقة أن تلك تقديرات أكبر جهاز استخبارات على وجه الأرض يدفع الأمريكيون ضرائبهم للإنفاق عليه!
هل يصمد وقف إطلاق النار؟
إذا صمد وقف إطلاق النار، فقد يمهد ذلك الطريق لاتفاق نووي جديد، يتم تصوير ترامب نفسه فيه على أنه البطل الذي جاء بالصفقة ورجل السلام، ويمكنه بذلك استعادة بعض المصداقية ربما بين قاعدته قبل الانتخابات المقبلة.
في ظل هذا المشهد كله، يظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باعتباره الخاسر الأكبر، فمن الواضح أنه لم يتمكن من تدمير البرنامج النووي الإيراني ولم يتمكن من جر الولايات المتحدة إلى مواجهة عسكرية مطولة مع إيران، ومن المرجح أن يظل حلمه الذي دام عقوداً من الزمن بتغيير النظام في طهران مجرد حلم!
بعيداً عن كل ما تنشره وسائل الإعلام الغربية، فإن الفائز الحقيقي قد يكون المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، فقد قاومت إيران في نهاية المطاف الضغوط العسكرية المشتركة من قِبَل إسرائيل والولايات المتحدة، وأظهرت قدرة ملحوظة على الانتقام من خلال استنزاف نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، وسوف يكون هذا بمثابة الدرس الأساسي في المنطقة بل والعالم – خاصة في الجنوب العالمي – الذي يدرك أهمية هذا الصمود من قبل إيران.
أما أوروبا، فإن التصريحات البائسة التي أطلقها كبار قادتها بعد الضربات الإسرائيلية الأمريكية على إيران سوف تذهب إلى مزبلة التاريخ بسبب نفاق تلك الحكومات المطلق.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)