بعد عام من الإبادة الجماعية… هل تكون عدوانية إسرائيل سبباً في تراجعها أخيراً؟

بقلم معين رباني

ترجمة وتحرير مريم الحمد

في 7 أكتوبر عام 2023، شنت حماس هجوماً على جنوب إسرائيل بهدف تحطيم الوضع الراهن بشكل لا رجعة فيه، فكان الرد الأولي لإسرائيل هو إطلاق العنان لحملة إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، مغمسة بالانتقام وسفك الدماء، فلم تكن تهدف الحملة إلى القتل والتدمير على نطاق واسع فحسب، بل كان الهدف جعل قطاع غزة غير صالح للسكن البشري.

لقد كانت الإبادة الجماعية هي الثمن الذي كان رعاة إسرائيل الغربيون على استعداد لدفعه مقابل أن تجعل إسرائيل من قطاع غزة عبرة تعيد من خلالها ترسيخ قوة الردع التي انهارت لديها مع 7 أكتوبر.

لبنان أثبت مراراً وتكراراً أنه مقبرة لإسرائيل والغطرسة الأمريكية، سواء كان ذلك في عام 1982، عندما أرست عملية “الصنوبر الكبير” التي قادها آرييل شارون الأساس لظهور حزب الله، أو في عام 2006 عندما تبين أن “مخاض ولادة شرق أوسط جديد” الذي تبنته وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، كونداليزا رايس، كان مجرد إجهاض

لقد كان رعاة إسرائيل وحلفاؤها الغربيون، بقيادة الولايات المتحدة، مستعدون لتمزيق قواعد القانون الدولي والأعراف والقيم التي يقوم عليها، وكل ذلك لضمان قدرة إسرائيل على اجتياح قطاع غزة دون عقاب والإفلات من أي مساءلة عن أفعالها، فكل محو إسرائيلي لخط أحمر آخر من قصف وتدمير المستشفيات والمدارس ومراكز اللاجئين، والتحويل العشوائي لأجهزة الاتصالات إلى قنابل يدوية، وقتل وجرح المئات لإنقاذ أربعة أسرى، كان مبرراً باعتباره دفاعاً عن النفس.

خلال كل هذه الإبادة، تحول العالم إلى مكان أكثر خطورة مع اعتياد إسرائيل الإفلات من العقاب في كل مرة!

استراتيجية فاشلة

لقد فشلت إسرائيل، خلال العام، ليس فقط في تحقيق أي شيء ذي أهمية عسكرية في قطاع غزة، ولكنها أيضاً في توضيح استراتيجيتها، فشعارات مثل “النصر الكامل” وعقدة تشرشل لا تعد بديلاً عن وجود رؤية سياسية.

يمكن القول أن هذا الأمر قد بدأ يأخذ منحى آخر منذ اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ومعه كامل القيادة العسكرية للحركة، مما حوله لسبب في منح إسرائيل الثقة في قدرتها على تفكيك التحالف المعروف باسم “محور المقاومة”.

بدأت إسرائيل أولى خطواتها في هذا الصدد بغزو لبنان الجاري حالياً، والذي يتم فيه تجاوز جميع الخطوط الحمراء التي تم انتهاكها في غزة مرة أخرى، ودون أي رد فعل من العواصم التي اعتادت على وعظ المنافسين والخصوم حول قدسية سيادة القانون وحقوق الإنسان والمبادئ المماثلة!

لقد كان واضحاً منذ البداية أن هدف إسرائيل النهائي يتلخص في تغيير النظام في إيران، على افتراض خاطئ مفاده أن انسحاب الحكومة الإيرانية من الصراع مع إسرائيل سوف يحول الفلسطينيين والعرب إلى خراف عاجزة!

تبين أيضاً من خلال الحرب أن إسرائيل مقتنعة بأن الطريق إلى طهران يمر عبر الضاحية الجنوبية لبيروت، وهذا ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حين تعهد في 30 سبتمبر بأن الإيرانيين سوف يحصلون قريباً على “الحرية” من قادتهم.

باتت أجندة إسرائيل هذه بحاجة إلى هندسة مواجهة عسكرية مباشرة بين واشنطن وطهران، ولكن لبنان أثبت مراراً وتكراراً أنه مقبرة لإسرائيل والغطرسة الأمريكية، سواء كان ذلك في عام 1982، عندما أرست عملية “الصنوبر الكبير” التي قادها آرييل شارون الأساس لظهور حزب الله، أو في عام 2006 عندما تبين أن “مخاض ولادة شرق أوسط جديد” الذي تبنته وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، كونداليزا رايس، كان مجرد إجهاض.

لا شك أن الأسابيع المقبلة سوف تحدد ما إذا كان بوسع إسرائيل أن تستأنف مرة أخرى حل القضية الفلسطينية من جانب واحد وبشروطها الخاصة التي تتضمن تحديدها لمصير الشعب الفلسطيني، أو ما إذا كان يوم 7 أكتوبر سوف يسجل في التاريخ باعتباره لحظة بداية انهيار المشروع الصهيوني في فلسطين. 

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة