تعرض المخرج السينمائي الفلسطيني والحائز على جائزة الأوسكار حمدان بلال مساء الإثنين لهجوم عنيف من المستوطنين في قرية سوسيا الفلسطينية، جنوب الخليل في الضفة الغربية المحتلة قبل أن يقوم جنود الاحتلال باعتقاله حيث لازال مكان احتجازه مجهولاً.
ووصف يوفال أبراهام، المخرج المشارك لحمدان بلال في فيلمه الوثائقي “لا أرض أخرى” والحائز معه على جائزة الأوسكار عن الفيلم المهاجمين بأنهم “عصابة إعدام بلا محاكمة”.
ونشر أبراهام على منصة X أن مكان بلال مازال مجهولاً الآن بعد أن ألقى جنود الاحتلال القبض عليه من داخل سيارة الإسعاف التي وصلت لمعالجته.
وذكر أبراهام، الصحفي في موقع +972، في منشور منفصل يتضمن فيديو من هاتف محمول يظهر فيه مستوطنون ملثمون: “لقد هاجموا قرية حمدان، وواصلوا مهاجمة النشطاء الأمريكيين، وحطموا سيارتهم بالحجارة”.
بدوره ذكر مركز اللاعنف اليهودي في بيان أصدره يوم الاثنين إن الناشطين اليهود الأميركيين الخمسة الذين كانوا يتواجدون في مكان الحادث كانوا “يشاركون في مشروع مشترك لمدة ثلاثة أشهر لمواجهة انتهاكات الاحتلال في مسافر يطا، القرية الواقعة في قلب قصة فيلم لا أرض أخرى”.
وتقع مسافر يطا على بُعد مسافة قصيرة بالسيارة جنوب شرق سوسيا التي تضم مستوطنة غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهو ما اتفقت عليه معظم الإدارات الأمريكية على أنه ينتهك المادة 49 من اتفاقية جنيف.
وبحسب بيان المركز، فإن النشطاء حضروا تلبية لــ “نداءات للحضور ودعم قرية سوسيا أثناء تعرضها لهجوم المستوطنين، وعندما عادوا إلى سيارتهم للاحتماء، حاصر المستوطنون السيارة، وثقبوا إطاراتها، وحطموا نوافذها بالحجارة”.
وقال باسل عدرا، وهو فلسطيني من سكان مسافر يطا، والذي تُروى قصته في الفيلم، يوم الاثنين إنه “كان يقف مع كرم، ابن حمدان البالغ من العمر 7 سنوات، بالقرب من دماء حمدان في منزله، بعد أن هاجمه المستوطنون”، موضحاً أن بلال “لا يزال مفقودًا بعد أن اختطفه الجنود وهو مصاب وينزف”.
وتشيع هجمات المستوطنين على الفلسطينيين ومنازلهم ومزارعهم وغالبًا ما تكون الهجمات عنيفة، وقد تكون مميتة، وقد تشمل إحراق الممتلكات والحيوانات وضرب السكان.
فقد وثّق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) ما لا يقل عن 220 هجومًا شنّه مستوطنون على فلسطينيين في عام 2025 وحده.
ومن بين الهجمات المريعة في ذاكرة الفلسطينيين إحراق طفل يبلغ من العمر 18 شهرًا مع أفراد عائلته حتى الموت داخل منزلهم في قرية دوما جنوب نابلس.
يذكر أن الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن كان قد فرض عقوبات على عدد من المستوطنين لشنّهم مثل هذه الهجمات، لكن الرئيس الحالي دونالد ترامب رفع تلك العقوبات منذ وصوله إلى سدة الحكم.
وقال مركز اللاعنف اليهودي: “يوثّق النشطاء المحليون والدوليون بانتظام أفعال المستوطنين الذين ينفّذون هجمات مماثلة، وغالبًا ما يستدعون الشرطة طلبًا للانتصاف، لكن نادرًا ما يُحاسب المستوطنون على جرائمهم”.
وكثيرا ما قدم شهود عيان شهاداتهم عن وقوف جيش الاحتلال متفرجًا حين ينفذ المستوطنون هجماتهم، أو قيام قواته باعتقال الفلسطينيين والنشطاء الأجانب الذين يدافعون عن الممتلكات.
فقد تحدث موقع “ميدل إيست آي” مؤخرًا مع الناشط أليكس تشابوت، البالغ من العمر 44 عامًا، والذي رُحِّل إلى الولايات المتحدة هذا الشهر، ومُنع من دخول دولة الاحتلال والضفة الغربية وغزة “لمدة 99 عامًا”.
كان تشابوت يتواجد في قرية التواني شمال مسافر يطا، ضمن حركة التضامن الدولية، عندما قال إن مستوطنين وصلوا ببنادق هجومية وسكاكين لمواجهة عائلات فلسطينية، وعندما بدأ بالتصوير مع ناشط آخر، أوقفتهما قوات الاحتلال وفتشتهما واتهمتهما بأنهما من أحضرا السكاكين.
وقال تشابوت: “ثم أدركوا أن الأمر ليس كذلك لكن بعد أن كانوا قد قيدوا أربعة رجال فلسطينيين على الأرض بأصفاد بلاستيكية محكمة للغاية حتى أصبحت أيديهم أرجوانية اللون”.
وأضاف: “لقد بقينا هناك لنصف ساعة تقريبًا، وخلال هذا الوقت، بدا لي أن المستوطنين والجيش كانوا يحاولون تبرير روايتهم التي كانوا ينوون اختلاقها، ولم أسمع وجهة نظر أي شخص آخر ولم يُجروا مقابلات مع الفلسطينيين”.
تم اعتقال تشابوت واستُجوب، وصودرت هواتفه، ووُضع في زنزانة احتجاز قبل إعادته إلى كاليفورنيا، حيث يشدد اليوم على ضرورة أن يُدرك الأمريكيون أنه لا توجد حماية للعائلات الفلسطينية في الضفة الغربية مع تزايد عدد المستوطنات.
ومضى يقول: “لدى المستوطنين مطلق الحرية لفعل ما يشاؤون، وقتما يريدون، بإمكانهم ببساطة أن يقتحموا المنطقة، ويسرقوا الكثير من الأغراض، ويحطموا الألواح الشمسية، وفي النهاية، كما تعلمون، تتلقى بعض هذه العائلات الفلسطينية أوامر بالمغادرة من الجيش، وتُهدم منازلها، أو يستسلم البعض ببساطة ويقولون لم يعد بوسعنا العيش هكذا”.