بعد نزوحهم بفعل القصف الإسرائيلي.. يعود أهل مخيم جنين إلى منازلهم ليجدوها مدمرة!

وسط حالة من الذعر والفوضى، استيقظت لانا الشلبي على صوت القصف بعد منتصف ليل الاثنين الماضي، فهرعت مع عائلتها للاحتماء في الطابق السفلي ولكن أصوات القصف وإطلاق النار سرعان ما اقتربت أكثر فأكثر قبل أن يقتحم جنود الاحتلال المنزل، ويعمدوا إلى التدقيق في بطاقات الهوية لجميع من كان بداخله.

يقع منزل لانا في قلب مخيم جنين للاجئين، بالقرب من الأماكن التي تعرضت للضربات الجوية التي شنها الجيش الإسرائيلي في بداية هجومه الذي استمر يومين على مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة.

وتصف شلبي أحداث تلك الليلة بالقول ” فجاةً، وبينما كنا محشورون في الطابق السفلي، سمعنا دوي انفجارات فبدأنا جميعًا في البكاء، الأطفال والنساء، شعرنا أن المنزل سينهار فوق رؤوسنا”.

تعرض الطابق العلوي من المبنى للقصف دون سابق إنذار بينما كانت الأسرة محاصرة في الأسفل، لكنها وجدت طريقها لمغادرة المنزل بسرعة وسط الرعب وألسنة اللهب والدخان المتصاعد من الانفجارات.

ألقت شلبي نظرة أخيرة على منزلها لتراه كرة من النار والشظايا التي كانت تتطاير من الداخل قبل أن تنفجر النوافذ، حيث تقول:” في تلك اللحظات، كان همنا الأكبر هو الهروب من الموت، أردنا الهروب إلى مكان آمن مع بكاء أطفالنا طوال الوقت”.

وبحسب مسؤولين في المدينة، فقد نزح أكثر من 4000 ساكن في مخيم جنين وتضرر 800 منزل أو دمرت في مشهد بالنسبة أعاد للكثيرين الذكرى المريرة للنكبة عام 1948.

يقطن مخيم جنين نحو 14000 لاجئ، بينهم العديد ممن طردوا من وطنهم عام 1948 وأحفادهم، حيث تقول شلبي أن “مغادرة المخيم لم تخرجه من قلوبنا، لقد واصلنا متابعة ما كان يحدث في الداخل وحاولنا معرفة ما حدث لمنزلنا الذي يحمل ذكريات لا تُنسى”.

أسئلة صعبة

لجأت شلبي مع عائلتها إلى مستشفى في المدينة، تعرض لاحقًا لهجوم من الجيش الإسرائيلي، مما أجبرهم على الفرار مرة أخرى ولكن إلى بلدة قريبة، وبينما كانوا ينتظرون انتهاء الهجوم، كانت شقيقة لانا البالغة من العمر ست سنوات تبحث عن إجابات لم تكن عائلتها تملكها، لقد سألت “عن ألعابها في غرفتها وماذا حدث لها”.

وبعد يومين من الهجمات العنيفة، انسحبت القوات الإسرائيلية مساء الثلاثاء من جنين مخلفة وراءها الدمار، فعادت شلبي إلى منزلها لتجده نصف مدمر وقد انهارت جدرانه واحترق أثاثه ودُفنت ألعاب الطفلة تحت الأنقاض، فيما لايزال مصير قطتها التي لم تسطع العائلة اصطحابها بسبب شدة القصف مجهولاً.

محاصرون لــ 26 ساعة

أما إيناس عباهرة، وهي فلسطينية من ذوي الاحتياجات الخاصة، فعادت إلى شقة شقيقها لتجدها في حالة خراب كامل، بعد ان داهم عشرات الجنود المبنى السكني الذي تقع فيه والمطل على مخيم جنين في أول أيام الهجوم.

تم إنزال شقيقها وزوجته وأطفاله الذين يعيشون في الطابق الثاني إلى شقتها في الطابق الأول تحت تهديد السلاح، واحتجز الجنود شقيقها وقيّدوه وعصبوا عينيه، حيث تضيف عباهرة:” ثم وضعوهم في شقتنا وأغلقوا الباب وأخذوا المفاتيح معهم، ثم سمعنا أصوات الجنود في منزل أخي فوقنا دون أدنى فكرة عما يفعلونه”.

حوصرت العائلتان بمن فيهم أربعة أطفال دون سن السادسة داخل الشقة لمدة 26 ساعة، وكل ما سمعوه هو صوت الحفر من قبل الجنود الإسرائيليين في الطابق العلوي.

بعد الضغط على الجنود للسماح لأحدهم بالصعود إلى الطابق العلوي لإحضار الحليب للأطفال الباكين، سُمح لشقيقة الزوج عباهرة بفعل ذلك فراعها مشهد الدمار في شقة أخيها، لقد حفر الجنود ثقوباً في الجدران كمكامن قنص معدة لاستهداف المقاتلين الفلسطينيين.

وبمجرد انسحاب الجيش، علمت عباهرة من جيرانها أن خمسة قناصة تمركزوا في المنزل، وقالت:” عندما صعدنا لتفقد البيت وجدناه مدمراً”، موضحةً:” تمت إزالة البلاط من مكانه، وتم ثقب الجدران وخط الجنود عليها رموزاً عبرية، لقد قلبوا الأثاث وتركوا آثار الجنود من غذاء وماء وخرائط وبقايا معدات طبية”.

وذكر حسن العموري، رئيس لجنة الخدمات الشعبية في مخيم جنين، إن حجم الدمار كان هائلاً، مبيناً أن شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء “دمرت بالكامل”، فيما تعرضت “معظم الشوارع للتخريب ودمرت جميع المركبات بواسطة المدرعات الإسرائيلية”.

أما بالنسبة للعائلات النازحة، فقد عاد معظمهم إلى منازلهم في المخيم، رغم أن البعض يبحث عن أماكن لقضاء الليلة، حيث أصبحت العديد من المباني غير صالحة للسكن.

مقالات ذات صلة