بين الجوع والتتبع: إسرائيل تفرض شروطًا قمعية على دخول المساعدات إلى غزة

يؤكد موظفو الإغاثة بأن “أسوأ نقطة” وصلت إليها حرب إسرائيل على غزة اليوم هي تحرك إسرائيل للسيطرة على توزيع المساعدات في القطاع بمساعدة مقاولين أمنيين أمريكيين من القطاع الخاص وأدوات التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي!

في حديثه مع ميدل إيست آي، قال أحد موظفي الإغاثة المحللين في غزة: “ما هي خياراتنا؟”، وهو ما يعكس المعضلة التي تواجهها الآن منظمات الإغاثة التي تحاول الوصول إلى الناس في القطاع المحاصر، مضيفاً: “أشاهد الناس يموتون جوعاً حتى الموت”.

على مدى الشهرين الماضيين، منعت إسرائيل دخول الغذاء والماء والكهرباء إلى غزة، فيما حذر الخبراء من أن المجاعة الجماعية أصبحت وشيكة مرة أخرى، وفي المقابل، فقد قدم ممثلو وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية “كوجات”، وهي الوحدة العسكرية الإسرائيلية التي تشرف على الحركة اللوجستية بين غزة وإسرائيل، لمسؤولي الأمم المتحدة خطتهم التفصيلية لتولي وتقييد توزيع المساعدات في غزة.

“هذا هو أسوأ ما في الأزمة، فعندما تضيف كل هذه الأشياء إلى جانب الحصار، يصبح الوضع بائساً لدرجة أن الناس ربما يوافقون على الخطة طالما كانت الطريقة الوحيدة التي سوف يحصلون بها على المساعدات، لأنه بخلاف ذلك سيموت الجميع”- موظف إغاثة من غزة في حديث مع ميدل إيست آي

وفقاً لمذكرة اجتماع في 2 مايو اطلع عليها موقع ميدل إيست آي، فسوف يقوم مقاولو الأمن الخاص بإدارة ما يصل إلى 5 “مراكز لوجستية” في جنوب غزة سيتم توزيع المساعدات منها، وسوف تقتصر المساعدات على 60 شاحنة تدخل إلى غزة يومياً، مع توزيع طرود بوزن 20 كجم على الأشخاص الذين سيتم التحقق من هوياتهم بواسطة أدوات التعرف على الوجه.

جاء في المذكرة: “في هذا النموذج، سيتم السماح فقط بالوجبات الساخنة داخل المراكز، ولن يُسمح لأي مطابخ أو مخابز أخرى بالعمل في غزة”.

وقد علم موقع ميدل إيست آي بأنه قد تم اقتراح خطة إسرائيلية مماثلة خلال إدارة بايدن، ولكن لم يتم تفعيلها، حيث أشارت المذكرة إلى أن الحكومة الأمريكية “أعربت الآن عن دعم واضح لهذا النظام على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كانت ستوفر التمويل”.

من جهة أخرى، ترفض الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية الخطة التي يقولون أنها تتعارض مع المبادئ الإنسانية ويمكن أن تدفع المدنيين وعمال الإغاثة إلى مناطق عسكرية خطيرة، فقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، في بيان: “أوضحنا أننا لن نشارك في أي مخطط لا يلتزم بالمبادئ الإنسانية العالمية للإنسانية والحياد والاستقلال والحياد”.

رغم ذلك، وافق مجلس الوزراء الأمني ​​الإسرائيلي على الخطة بأغلبية كبيرة، مع ظهور أدلة عبر الأقمار الصناعية بعد أيام تشير إلى أن العمل قد بدأ بالفعل في بناء المراكز.

حملة قمع أوسع

يؤكد موظفو الإغاثة أن ما يريدونه ليس فقط المراكز في غزة، بل عملية جديدة أكثر تفصيلاً تتطلب من المنظمات غير الحكومية الدولية إعادة التسجيل لدى الحكومة الإسرائيلية من أجل العمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أوضح عامل إغاثة آخر يعمل في منظمة تعمل في غزة بأنهم “يريدون تفاصيل عن كل شخص يعمل لدينا وربما المستفيدين منا أيضاً وتفاصيل عن مواقع الموظفين والمعلومات البيومترية”.

علاوة على ذلك، فقد أشارت منظمات الإغاثة إلى أنه تم إخبارها بأن الدعم العلني لحكم محكمة العدل الدولية حول إسرائيل أو حركة مقاطعة إسرائيل من قبل أحد الموظفين في السنوات السبع الماضية يمكن أن يؤدي إلى إلغاء تسجيل المنظمة.

وقد انتقدت مجموعة مكونة من 55 منظمة تعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة هذا الأسبوع المعايير الجديدة واصفة إياها بأنها “غامضة وواسعة ومسيسة ومفتوحة”.

وأضافت المجموعة في بيان لها: “من خلال تأطير الدعوة الإنسانية وحقوق الإنسان كتهديد للدولة، يمكن للسلطات الإسرائيلية أن تغلق المنظمات لمجرد التحدث علناً عن الظروف التي تشهدها على الأرض، مما يجبر المنظمات غير الحكومية الدولية على الاختيار بين تقديم المساعدات وتعزيز احترام الحماية المستحقة للأشخاص المتضررين”.

وقد شددت المنظمات على أنها تعتقد أن عملية إعادة التسجيل ليست سوى خطوة نحو حملة قمع أوسع نطاقاً على المجال الإنساني والمدني في الأراضي المحتلة، مشيرين إلى الحصار وتأخير المساعدات والقتل غير المسبوق لأكثر من 400 من العاملين في المجال الإنساني في غزة والتشريعات التي تهدف إلى تقليص عمليات الأونروا.

وفقاً لأحد موظفي الإغاثة الذين تحدثوا إلى موقع ميدل إيست آي، فإن الضغوط الأخيرة على عملهم تبدو وكأنها أحلك لحظة في وضع غير مسبوق بالفعل، فقالوا: “هذا هو أسوأ ما في الأزمة، فعندما تضيف كل هذه الأشياء إلى جانب الحصار، يصبح الوضع بائساً لدرجة أن الناس ربما يوافقون على الخطة طالما كانت الطريقة الوحيدة التي سوف يحصلون بها على المساعدات، لأنه بخلاف ذلك سيموت الجميع”.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة