في تدخل غير مسبوق في الشؤون الداخلية الإسرائيلية، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إلغاء محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهمة الفساد، واصفاً المحاكمة بأنها “ملاحقة سخيفة”.
كتب ترامب، على منصته “تروث سوشيال” بأن محاكمة نتنياهو التي استمرت 5 سنوات كانت “مهزلة ولا يمكن السماح بها! يجب إلغاء محاكمة بيبي نتنياهو أو منح عفو لبطل عظيم فعل الكثير من أجل الدولة”.
يذكر أنه قد تم تأجيل محاكمة نتنياهو بالفساد مراراً منذ 7 أكتوبر عام 2023، فقد أدى الهجوم إلى حرب إسرائيلية مدمرة على غزة ووسعتها إسرائيل إلى حرب إقليمية، ويرى المحللون أن نتنياهو قام بربط بقائه السياسي بمواصلة الحرب الإقليمية خاصة في غزة.
وتأتي تعليقات ترامب حول محاكمة نتنياهو بتهم تتعلق بالفساد في الوقت الذي حولت فيه إدارته تركيزها من “حرب الـ 12 يوماً” التي خاضتها إسرائيل مع إيران إلى غزة.
في قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي في هولندا مؤخراً، قال ترامب للصحفيين: “أعتقد أنه تم إحراز تقدم كبير حول غزة، أعتقد أننا سوف نصل إلى أخبار جيدة قريباً”.
“ليس لرئيس الولايات المتحدة التدخل في الإجراءات القانونية في دولة إسرائيل” – سيمحا روثمان- رئيس لجنة الشؤون القضائية في الكنيست الإسرائيلي
من ناحية أخرى، أشارت هيئة البث العامة الإسرائيلية “كان” إلى أن منشور ترامب “لم يُرسل بدون سبب”، وأنه كان جزءاً من محاولة لإنهاء الحرب في غزة، ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي قوله: “إنها جزء من خطوة أكبر تهدف إلى إنهاء الحرب في غزة والإفراج عن جميع الرهائن وإنهاء محاكمة نتنياهو وتحرك إقليمي جاد”.
لقد قتل الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن أكثر من 56 ألف فلسطيني بسبب الهجوم الإسرائيلي وأصبح القطاع المحاصر على وشك المجاعة، فإسرائيل لم تسمح حتى الآن بدخول المساعدات إلا من خلال برنامج تسيطر عليه شركة مقاولات عسكرية أمريكية خاصة، الأمر الذي نجم عنه مقتل ما لا يقل عن 549 فلسطيني عند نقاط التوزيع.
من جانبه ، نفى نتنياهو ارتكاب أي مخالفات في المحاكمة التي بدأت في مايو عام 2020، ففي إحدى القضايا، اتُهم نتنياهو وزوجته سارة بقبول سلع فاخرة بقيمة تزيد عن 260 ألف دولار بما فيها سيجار ومجوهرات وشمبانيا من مليارديرات مقابل خدمات سياسية، وفي قضيتين أخريين، اتُهم نتنياهو بمحاولة التفاوض على تغطية أكثر إيجابية في وسيلتين إعلاميتين إسرائيليتين.
ويأتي تدخل ترامب بعد أسبوع عاصف شهد شن الولايات المتحدة ضربات على منشآت فوردو و نطنز وأصفهان النووية الإيرانية، ورد إيران بضرب قواعد عسكرية أمريكية في دول خليجية تلاها توسط ترامب لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.
انتقد ترامب إسرائيل وإيران مع تعثر وقف إطلاق النار قائلاً بأن الخصمين “مستعدان للقتال لفترة طويلة وبقوة لدرجة أنهما لا يعرفان ما الذي يفعلانه”، مؤكداً أنه غاضب بشكل خاص من إسرائيل، التي أعلنت أنها “أفرغت” قنابلها على إيران بسبب صاروخ إيراني “لم يسقط في أي مكان، يجب أن أجعل إسرائيل تهدأ الآن”.
عاد ترامب وشكر إسرائيل، وذلك بعد تحذيرها بضرورة إعادة قاذفاتها، كما شكر إيران على توجيه تحذير مسبق للولايات المتحدة قبل الضربة الانتقامية.
إن تدخل ترامب نيابة عن نتنياهو يمكن أن يعزز موقف الزعيم الإسرائيلي في الداخل الإسرائيلي، فوفقاً لاستطلاع أجراه مركز بيو، صدر في يونيو قبل الهجوم الإسرائيلي على إيران، قال 73% من اليهود الإسرائيليين أنهم يثقون في ترامب، ولكن يظل الإسرائيليون منقسمون بشدة، خاصة في الخلافات الداخلية على قضايا مثل تجنيد الحريديم في الجيش والأزمة القضائية في البلاد والتي كانت قد استهلكت الجمهور قبل 7 أكتوبر عام 2023.
مؤخراً، دعا أحد حلفاء نتنياهو في الائتلاف، سيمحا روثمان من حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف، ترامب إلى البقاء خارج قضية نتنياهو أمام المحكمة، فقال روثمان، الذي يرأس لجنة الشؤون القضائية في الكنيست الإسرائيلي: “ليس لرئيس الولايات المتحدة التدخل في الإجراءات القانونية في دولة إسرائيل”.
من جانبه، علق وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على استمرار الدعوة لمحاكمة نتنياهو وإسرائيل في حالة حرب بالقول: “إنه أمر مشوه وغير معقول ويتعارض مع الإحساس الأساسي بالعدالة” على حد وصفه.