تعرضت مدينة رفح في وقت مبكر من صباح الاثنين لقصف عنيف من قبل قوات الاحتلال التي أخطرت نحو 100 ألف فلسطيني بمغادرتها قبل الشروع في الاجتياح البري المزمع للمدينة..
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا أن ما لا يقل عن 22 فلسطينياً بينهم ثمانية أطفال استشهدوا في غارات جوية طالت 11 منزلاً في رفح الواقعة على حدود قطاع غزة مع مصر.
وألقت قوات الاحتلال منشورات تأمر السكان والنازحين بمغادرة المناطق الشرقية من المدينة بالقرب من السياج الفاصل بين قطاع غزة ودولة الاحتلال.
وورد في المنشورات أن جيش الاحتلال “على وشك العمل بقوة ضد المنظمات الإرهابية في المنطقة”.
وحذرت منظمات الإغاثة من أن التبعات الكارثية للهجوم على رفح لن تقتصر على سلامة المدنيين في المنطقة، بل ستطال قدرة هذه المنظمات على إيصال الغذاء إلى مناطق شمال غزة، التي قال رئيس برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنها تشهد الآن “مجاعة شاملة”.
وقال زياد عيسى، رئيس السياسة الإنسانية في منظمة أكشن إيد ومقرها المملكة المتحدة، يوم الاثنين: ” ستكون الأمور كارثية، وأي احتمال لإيصال المساعدات داخل غزة أصبح الآن ضعيفاً للغاية”.
وذكر عيسى إن الأهالي في رفح يشعرون بالقلق من أنهم لن يكونوا آمنين حتى لو تم إجلاؤهم نظراً للتجارب التي مروا بها في غزة خلال الأشهر السبعة الماضية.
وأردف عيسى: “يتبع الناس أوامر الإخلاء منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، لكنهم يتعرضون للهجوم في الأماكن التي انتقلوا إليها، لقد بات مفهوم المنطقة الآمنة قديماً للغاية”.
وأوضح أن أمر الإخلاء يفتقر إلى الوضوح بشأن مدى سرعة مغادرة الأشخاص ومتى سيتمكنون من العودة، مما يزيد من شعور السكان بعدم اليقين والقلق.
ومن غير الواضح أيضاً ما الذي سيحدث للأشخاص الذين لا يستطيعون الحركة، بمن فيهم المرضى في مستشفى أبو يوسف النجار، وهو المرفق الطبي الرئيسي الذي يخدم محافظة رفح حالياً.
وأشار عيسى إلى أن منظمة أكشن إيد لا تدير أي موظفين دوليين في غزة، ولكن تم إعلامها بأن موظفي المنظمات غير الحكومية الدولية الأخرى يتلقون أوامر بمغادرة غزة بالكامل عبر معبر رفح.
وحذرت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، الأونروا، من أن هجوم الاحتلال سيكون له عواقب “مدمرة”، وقالت إن موظفيها لن يقوموا بإخلاء المدينة.
وبينت الوكالة في تصريح على موقع X أنها “ستحافظ على وجودها في رفح لأطول فترة ممكنة وستواصل تقديم المساعدات الحيوية للحياة للناس”.
وجاءت أوامر إخلاء رفح بعد يوم واحد من هجوم لحماس على موقع عسكري بالقرب من أحد المعابر الرئيسية لنقل المساعدات، وفي الوقت الذي يضغط فيه الوسطاء من أجل وقف إطلاق النار وإبرام تبادل الأسرى.
وقتلت حركة حماس يوم الأحد أربعة جنود من قوات الاحتلال وأصابت آخرين بجروح خطيرة بعد إطلاق صواريخ على موقع كرم أبو سالم العسكري شرق رفح.
وفي يوم الأحد أيضاً، غادر وفد من حماس القاهرة لإجراء مزيد من المشاورات مع قيادة الحركة في الدوحة بعد يومين من المفاوضات مع وسطاء مصريين وقطريين.
وتوجه مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، الذي كان في القاهرة أيضاً ليلة الأحد لمواصلة الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق ومن المتوقع أن يتوجه إلى إسرائيل يوم الثلاثاء.
وفي اتصال هاتفي مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، قال وزير الدفاع في دولة الاحتلال يوآف غالانت أن إسرائيل بذلت “جهوداً كثيرة” للتوصل إلى اتفاق لكن “رفض حماس لم يترك لها أي خيار سوى العمل في رفح”.
وخلال الأسبوع الماضي، تعهد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بمواصلة الهجوم على رفح، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، في وقت اتهمت فيه حماس نتنياهو بعرقلة الصفقة.
وتصر المنظمة الفلسطينية على وجوب أن يتضمن أي اتفاق محتمل نهاية دائمة للحرب بينما يسعى الاحتلال إلى وقف مؤقت فقط.
وقال سامي أبو زهري العضو البارز في حماس لرويترز أن أوامر الإخلاء من رفح تمثل تصعيداً خطيراً وسيكون لها عواقب وخيمة.
ودأب قادة الاحتلال على التهديد بشن هجوم على رفح منذ عدة أشهر رغم المعارضة الدولية الواسعة لذلك.
وكانت الولايات المتحدة، وهي حليف قوي للاحتلال، قد أعلنت مراراً وتكراراً إنها لا تؤيد الاجتياح واسع النطاق في رفح والذي لا يأخذ في الاعتبار سلامة المدنيين.
وتحولت رفح إلى مدينة مكتظة بالمدنيين الذين نزحوا من القصف على أجزاء أخرى من قطاع غزة في الأشهر الأخيرة حيث يقدر عدد الذين يحتمون في خيام مؤقتة في المدينة حالياً بنحو 1.4 مليون شخص.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الجمعة، أن حكومة الاحتلال لم تقدم بعد خطة لحماية المدنيين في رفح، مبيناً أن أي عملية عسكرية كبيرة هناك ستسبب أضراراً “تتجاوز ما هو مقبول”.
أما ينس ليركه، المتحدث باسم مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فأعلن يوم الجمعة أيضا أنه في حال ارتكاب عدوان الاحتلال على رفح فإن “من الممكن أن ترتكب مذبحة بحق المدنيين”.
وحذر من أن العملية الإنسانية في القطاع الساحلي بأكمله ستتعرض لـ”ضربة قوية” لأنها تنطلق في المقام الأول من رفح، التي تضم المعبر البري الفلسطيني الوحيد الذي لا يسيطر عليه الاحتلال بشكل مباشر.
وقتل جيش الاحتلال ما لا يقل عن 34600 فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، في حين أن وضع الحصار المفروض على القطاع الساحلي السكان على شفا المجاعة.