حذرت جماعات حقوقية من أن إسقاط جنسية الناشط البريطاني من أصل مصري، علاء عبد الفتاح، بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي عمرها 15 عاماً، يشكل سابقة خطيرة يمكن أن تهدد الحريات الأساسية.
يذكر أن الرجل البالغ من العمر 44 عاماً، وهو أحد أكثر الشخصيات شهرة في انتفاضة الربيع العربي عام 2011، قد أمضى جزءاً كبيراً من العقد الماضي في السجن بعد استيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة في مصر في انقلاب عسكري عام 2013.
بعد العفو عنه وإطلاق سراحه في وقت سابق من هذا العام، سافر عبد الفتاح للانضمام إلى عائلته في بريطانيا، وبعد ترحيب رئيس الوزراء كير ستارمر بوصول الناشط، بدأ عدد من السياسيين المعارضين في تسليط الضوء على منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي نشرها عبد الفتاح منذ عام 2008 والتي زعموا أنها معادية للسامية وتدعو إلى العنف.
“بالنظر إلى التغريدات الآن، تلك التي لم يتم تحريفها بالكامل عن معناها، أفهم مدى تأثيرها ولهذا أعتذر بوضوح، فقد كانت في معظمها تعبيرات عن غضب وإحباط شاب في وقت الأزمات الإقليمية وتصاعد وحشية الشرطة ضد الشباب المصري” – علاء عبد الفتاح- ناشط مصري معارض
كتب نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح البريطاني، بأنه قد بلغ وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لشرطة العاصمة عن علاء، فيما كتب زعيم حزب المحافظين كيمي بادينوش في صحيفة ديلي ميل قائلاً بأنه يجب تجريده من جنسيته البريطانية.
ورغم اعتذار عبد الفتاح عن تعليقاته القديمة تلك، والتي أكد أن الكثير منها قد أسيء تفسيرها أو تم إخراجها من سياقها، إلا أن الدعوات للمطالبة بإسقاط جنسيته البريطانية استمرت، في حين أكدت وحدة الإحالة عبر الإنترنت لمكافحة الإرهاب بشرطة العاصمة أنها تجري تحقيقاً بالأمر.
من جانبها، وصفت منظمة ريبريف للعمل القانوني التهديدات الموجهة إلى عبد الفتاح بأنها “مثيرة للقلق” ولم تذكر أي شيء يبرر هذه الخطوة، حيث أوضح نائب الرئيس التنفيذي للمنظمة، دان دولان، لميدل إيست آي: “إن اقتراح تجريد شخص ما من جنسيته بسبب شيء نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، مهما كان سيئاً، يعد تجاوزاً استبدادياً من أسوأ الأنواع وخطوة خطيرة للغاية”.
وأضاف: “في دولة تحكمها سيادة القانون، لا ينبغي أن يكون لدى السياسيين القدرة على تجريد أي شخص يختارونه من الحقوق القانونية”، مشيراً إلى أن صلاحيات الحكومة لاستهداف المواطنين البريطانيين ذوي الجنسية المزدوجة كانت عنصرية في الأساس وتهدد حقوق 3 من كل 5 مواطنين غير بيض.
وقال دولان: “إن اقتراح هذه الفكرة المثيرة للقلق يُظهر مدى تطرف سلطات تجريد الجنسية في المملكة المتحدة، ومدى غموض اختبار الصالح العام”.
في بيان صدر مؤخراً، رد عبد الفتاح على الجدل قائلاً بأنه تأثر بشدة لتعرضه للهجوم بعد فترة وجيزة من لم شمله مع عائلته، وكتب: “بالنظر إلى التغريدات الآن، تلك التي لم يتم تحريفها بالكامل عن معناها، أفهم مدى تأثيرها ولهذا أعتذر بوضوح، فقد كانت في معظمها تعبيرات عن غضب وإحباط شاب في وقت الأزمات الإقليمية وتصاعد وحشية الشرطة ضد الشباب المصري”.
وأضاف بأن عدداً من الاتهامات الموجهة ضده، مثل أنه دعا إلى رهاب المثلية أو إنكار الهولوكوست، قد أسيء تفسيرها وكانت في الواقع استنكارات ساخرة لها.
“في حالة إجباره على العودة إلى مصر، هناك خطر حقيقي للغاية من أن تقوم السلطات مرة أخرى بإسكاته أو تلفيق تهم جديدة، باتباع النمط الراسخ المستخدم ضد المعارضين السياسيين، وبالتالي إخضاعه لدورة أخرى من الاعتقال التعسفي” – أحمد عطا الله- المدير التنفيذي للجبهة المصرية لحقوق الإنسان
يذكر أن عبد الفتاح، الذي كثيراً ما وصف نفسه بأنه ذو “ميول فوضوية”، كان ناشطاً اشتراكياً علمانياً صريحاً خلال مظاهرات الربيع العربي عام 2011 والتي شهدت احتجاجات حاشدة في شوارع مصر وأدت إلى الإطاحة بالحاكم القديم حسني مبارك.
عبر عبد الفتاح عن آرائه بشكل رئيسي على تويتر وفيسبوك، وتفاعل مع الجمهور باستخدام خطاب مناهض للشرطة والدولة إلى حد كبير، وكثيراً ما دعا إلى القتل أو عقوبة الإعدام الجماعية لضباط الشرطة والجيش والقضاة والسياسيين، مما أثار استياء الحكومات المتعاقبة،
كما دافع عن حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات، وقام بحملة ضد الحكم العسكري والتعذيب.
ورغم التفاؤل بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، أطاح الجيش المصري في عام 2013 بحكومة الرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي وبدأ حملة قمع جماعية على جماعة الإخوان المسلمين، وعلى الناشطين الآخرين المناهضين للسيسي.
حُكم على عبد الفتاح، الذي عارض كلاً من مرسي والسيسي، وقتها بالسجن لمدة 15 عاماً في عام 2014 بتهمة الاحتجاج دون تصريح، وتم تخفيف الحكم لاحقاً إلى 5 سنوات، حتى تم إطلاق سراحه في عام 2019 لكنه ظل في حالة إفراج مشروط، وأُعيد اعتقاله في وقت لاحق من ذلك العام وحُكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات أخرى بتهمة نشر أخبار كاذبة، وهو اتهام يُوجه بشكل متكرر ضد المعارضين في مصر.
وقبل شهرين من إطلاق سراحه، قامت محكمة جنايات القاهرة بإزالة اسم عبد الفتاح من قائمة المشتبه بهم بالإرهاب بعد أن توصلت التحقيقات إلى أنه لم يعد له أي علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين.
ورغم ذلك، فإن سمعة السلطات المصرية بالاعتقال التعسفي وقمع التعبير الناقد تعني أن عبد الفتاح قد يواجه تهديدات خطيرة تهدد حياته وحريته إذا أُجبر على العودة إلى مصر.
في حديثه لميدل إيست آي، أكد المدير التنفيذي للجبهة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد عطا الله: “في حالة إجباره على العودة إلى مصر، هناك خطر حقيقي للغاية من أن تقوم السلطات مرة أخرى بإسكاته أو تلفيق تهم جديدة، باتباع النمط الراسخ المستخدم ضد المعارضين السياسيين، وبالتالي إخضاعه لدورة أخرى من الاعتقال التعسفي”.
وقد أوضح عطا الله بأن قضية عبد الفتاح تم “استغلالها” من قبل الجماعات اليمينية ووسائل الإعلام الموالية للحكومة في مصر، الذين كانوا يستخدمونها كمبرر لمهاجمة الناشط، فقال: “نحن قلقون من تأثير هذه الحملة على علاء وعائلته نفسياً”.
وأضاف: “كما أنه يزيد من ضعفهم في سياق صعود اليمين المتطرف في بريطانيا وخارجها، ويخاطر بتآكل الدعم الواسع الذي تلقاه علاء من القوى السياسية التقدمية والجهات الحكومية الفاعلة، وقد يهدد ذلك وضعه القانوني على المدى الطويل في بيئة عالمية غير مستقرة بشكل متزايد”.







