تحقيق أممي يتوصل إلى أدلة على ارتكاب “الدعم السريع” عنفاً جنسياً على نطاق واسع

اتهم تحقيق أجرته الأمم المتحدة قوات الدعم السريع السودانية التي تقاتل الجيش السوداني بارتكاب هجمات واسعة النطاق تنطوي على العنف الجنسي والاغتصاب الجماعي.

وقالت بعثة تقصي الحقائق الدولية المستقلة في السودان في تقريرها الذي نشر يوم الثلاثاء أن تصرفات قوات الدعم السريع قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب والاستعباد الجنسي والاضطهاد على أسس عرقية وجنسانية.

وسبق لمنظمات حقوق الإنسان أن اتهمت الميليشيا شبه العسكرية بارتكاب العديد من الفظائع ضد المدنيين في السودان، بما في ذلك الاغتصاب والإبادة الجماعية.

وخلال الشهر الماضي، ذكرت بعثة تقصي الحقائق السابقة التابعة للأمم المتحدة أن طرفي الصراع قد يكونان مذنبين بارتكاب فظائع.

لكن التقرير الجديد وجد أن غالبية ممارسات العنف الجنسي ارتكبت من قبل قوات الدعم السريع. 

وبين التقرير أنه جرى توثيق العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل رئيسي في الخرطوم الكبرى ودارفور والجزيرة وأنه “جزء من نمط يهدف إلى إرهاب ومعاقبة المدنيين على الروابط المتصورة مع المعارضين وقمع أي معارضة لتقدمهم”.

وقال محمد شاندي عثمان، رئيس بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة أن: “حجم العنف الجنسي الذي وثقناه في السودان مذهل”.

“الوضع الذي يواجهه المدنيون الضعفاء، وخاصة النساء والفتيات من جميع الأعمار، مثير للقلق الشديد ويحتاج إلى معالجة عاجلة” – محمد شاندي عثمان، بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة

وبحسب التقرير، فإن العنف الجنسي ضد النساء ارتكب أثناء هجمات قوات الدعم السريع واحتلال مقاتليها للمناطق الحضرية، وارتكب كذلك أثناء الهجمات على ملاجئ النازحين داخلياً أو على المدنيين الفارين من القتال.

وأضاف التقرير أن الجرائم الجنسية ارتُكبت “بقسوة خاصة” في منطقة دارفور الغربية مترامية الأطراف، بما في ذلك استخدام “الأسلحة النارية والسكاكين والسياط لتخويف الضحايا أو إكراههم مع استخدام الإهانات المذلة أو العنصرية أو الجنسية والتهديدات بالقتل”.

وقال المحقق جوي نجوزي إيزيلو أن المسؤولين عن الانتهاكات يجب أن يحاسبوا.

وأضاف: “بدون المحاسبة، ستستمر دورة الكراهية والعنف، يجب أن نضع حداً للإفلات من العقاب ونحاسب الجناة”.

وقالت منى رشماوي، التي كانت أيضاً جزءاً من البعثة: “يجب أن تقع المسؤولية عن هذه الأعمال الشنيعة على عاتق الجناة الذين يحملون عارها فقط”.

وبموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1593 الصادر في عام 2005، تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بالولاية القضائية على الجرائم المرتكبة في دارفور فقط منذ الأول من يوليو/تموز 2002 فصاعداً، لكن بعثة تقصي الحقائق دعت إلى توسيع هذه الولاية القضائية لتشمل بقية البلاد.

وقالت رشماوي: “ما لم يتم توسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتشمل كل السودان وإنشاء آلية قضائية مستقلة تعمل جنباً إلى جنب وبشكل متكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، فإن مرتكبي هذه الجرائم سيستمرون في تمزيق السودان وخلق الرعب والدمار”.

“شبح الإبادة الجماعية”

وسبق لموقع ميدل إيست آي أن نشر تقارير عن أعمال عنف جنسي تشمل عمليات اغتصاب جماعي، ارتكبتها قوات الدعم السريع في الجزيرة. 

ومن بين تلك الحوادث حادثة اغتصاب امرأة شابة من قبل 16 عنصراً من قوات الدعم السريع.

كانت الجزيرة، وهي ولاية زراعية تقع بين النيل الأبيض والنيل الأزرق، مسرحاً لفظائع مزعومة ارتكبها مقاتلو قوات الدعم السريع على مدى الأسبوعين الماضيين، منذ أن انشق أحد كبار قادتها للانضمام إلى الجيش السوداني.

وأسفرت أعمال العنف عن مقتل أكثر من 100 شخص، وارتكاب العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في هجمات انتقامية واضحة، وفقاً لتقارير منظمات حقوق الإنسان.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، انشق أبو عاقلة كيكال، أحد كبار قادة قوات الدعم السريع المتمركز في الجزيرة، وسلم نفسه للجيش السوداني، الذي دخل في حالة حرب مع المجموعة شبه العسكرية منذ أبريل/نيسان 2023.

وبعد ذلك عفا الجيش عن كيكال متجاوزاً الفظائع التي ارتكبت تحت قيادته.

وقالت المبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الأفريقي (SIHA)، وهي منظمة إقليمية لحقوق المرأة، إنها وثقت 25 حالة من العنف الجنسي من قبل قوات الدعم السريع بين 21 و24 أكتوبر/تشرين الأول.

ووفقاً لـ SIHA، فقد تعرضت النساء في قرية السرايحة للتعذيب والاغتصاب الجماعي، مما دفع بعضهن إلى الانتحار.

ودعت المنظمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات لاستعادة السلام في السودان وحماية المدنيين، وإنشاء محكمة جنائية تابعة للأمم المتحدة في البلاد.

 كما حثت المنظمة على وقف نقل الأسلحة إلى السودان من خلال عقوبات محددة.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت خلال الشهر الجاري عقوبات على ألغوني حمدان دقلو موسى، الشقيق الأصغر لزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (المعروف بحميدتي)، متهمة إياه بقيادة عمليات شراء الأسلحة للقوات شبه العسكرية وإطالة أمد الحرب في السودان.

“يجد السودان نفسه عند منعطف محوري، مع شبح الإبادة الجماعية المشؤوم الذي يلوح في الأفق فوق البلاد” – المبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الأفريقي

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية أن دقلو موسى (شقيق حميدتي) يسيطر على شركة في دبي تعمل كواجهة لقوات الدعم السريع لتزويدها بالأسلحة خلال الصراع الحالي.

من جهته، ذكر الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس الدولة الفعلي للسودان ورئيس الجيش الوطني، في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي أن قوات الدعم السريع “تتلقى دعماً سياسياً ولوجستياً على المستويين المحلي والإقليمي”، دون تسمية الإمارات العربية المتحدة.

وسبق لموقع ميدل إيست آي أن كشف في تقارير متعددة كيف أصبحت الإمارات العربية المتحدة الراعي الإقليمي الرئيسي لقوات الدعم السريع.

وتسبب القتال بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في نزوح أكثر من 11 مليون شخص وخلق أزمة إنسانية متصاعدة.

وبحسب برنامج الغذاء العالمي، فإن 13 منطقة على الأقل في البلاد معرضة لخطر المجاعة، فيما يواجه أكثر من 25 مليون شخص الجوع الحاد.

وفي مايو/أيار، قالت هيومن رايتس ووتش أن العنف الذي ارتكبته ميليشيات قوات الدعم السريع في دارفور قد يشكل إبادة جماعية ضد مجتمع المساليت.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة