رجح تحقيق أجرته الأمم المتحدة استخدام إسرائيل لأسلحة أو أجزاء مصنعة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لقصف الأطباء البريطانيين العاملين لدى المنظمات البريطانية والأمريكية في غزة في كانون الثاني/ يناير.
وقالت منظمة المساعدة الطبية للفلسطينيين (MAP) ولجنة الإنقاذ الدولية (IRC) هذا الأسبوع أيضاً أن المسؤولين الإسرائيليين قدموا ستة تفسيرات مختلفة حول سبب قصف المجمع السكني الذي كان يقيم فيه موظفوهم.
وخلص تحقيق الأمم المتحدة إلى أن المجمع، الذي لم يكن قريباً من أي مبان أخرى، تعرض للقصف في حوالي الساعة السادسة صباحاً يوم 18 كانون الثاني/ يناير بطائرة من طراز إف-16 أطلقت “على الأرجح” “قنبلة ذكية” تزن 1000 رطل.
وقبل ذلك بشهر، كان الجيش الإسرائيلي قد قدم للملحق العسكري البريطاني تأكيدات بأن الموقع، الذي تم تحديده كمنطقة آمنة في بلدة المواصي جنوب غزة، قد تم تصنيفه كمنطقة محمية وإنسانية.
وأسفرت الغارة عن إصابة عدد من الموظفين وحارس شخصي بإصابات غير خطيرة، وألحقت أضراراً جسيمة بالمجمع، وقيل إنها أجبرت المنظمات على التوقف عن إيفاد الأطباء الأجانب إلى غزة مع انهيار نظام الرعاية الصحية.
وتقول المنظمات أن التفسيرات الحكومية والعسكرية الإسرائيلية لما حدث تتراوح بين إنكار التورط، وقبول المسؤولية، والتأكيد على أن الحادث “كان خطأ ناجماً عن خلل في ذيل الصاروخ الذي تم إطلاقه”.
وقالت المنظمات: ” من الواضح من هذه التجربة أن الجيش والحكومة الإسرائيليين إما غير قادرين أو غير راغبين في إجراء تحقيق جدي في هذا الحادث الخطير”.
ودعت المنظمات حلفاء إسرائيل إلى الموافقة على إجراء تحقيق ” شامل ومستقل ومحدد زمنياً” في الحادث وفي كافة الهجمات المبلغ عنها على المرافق والموظفين”.
وتطالب المنظمات أيضاً بـ “ضمانات ملموسة” بأن لا تتكرر الهجمات ضد العاملين في مجال الإغاثة والصحة في المستقبل.
وكتبت المنظمات: ” تتحمل حكومات مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة باعتبارها الموردين الحاليين للأسلحة والذخائر لإسرائيل مسؤولية خاصة في محاسبة إسرائيل على هذه الهجمات وغيرها من الهجمات على عمال الإغاثة والمدنيين”.
يذكر أن الولايات المتحدة باعت لإسرائيل قنبلة MK83، التي حدد محققو الأمم المتحدة أنها استخدمت على الأرجح في الهجوم.
وأفادت التقارير أن واشنطن ظلت حتى شهر كانون الأول/ ديسمبر على الأقل تسرع أيضاً في عمليات تحويل الصادرات من القنابل حرة السقوط إلى صواريخ موجهة بدقة، والتي تم التعرف عليها أيضاً من خلال التحقيق.
ويتم تصنيع طائرات F-16 في الولايات المتحدة وتتضمن قطع غيار مقدمة من المملكة المتحدة، حيث تظهر قاعدة بيانات جمعتها الحملة ضد تجارة الأسلحة (CAAT) أنه في الأشهر الستة الأولى من عام 2023، تم منح أربعة تراخيص لشركات بريطانية بقيمة لا تقل عن 186 ألف جنيه إسترليني (238 ألف دولار) لتصدير مكونات الطائرات المقاتلة إلى إسرائيل، وهو ما يمكن أن تشمل مكونات F-16
وعبر النائب بريندان أوهارا، المتحدث باسم الحزب الوطني الاسكتلندي للشؤون الخارجية، يوم الخميس عن شعوره ” بقلق بالغ” من احتمال تكرار مثل هذا الهجوم مرة أخرى، قائلاً إنه ” أمر لا مفر منه تقريباً” نظراً إلى ” الشعور بالإفلات من العقاب” الذي تتصرف إسرائيل وفقاً له .
وأوضح أوهارا أن ” استهداف الأماكن المحمية مثل المستشفيات أو المرافق الطبية أو المجمعات الإنسانية يشكل جريمة حرب، ويجب التحقيق في هذا القصف العشوائي لمنطقة آمنة على هذا النحو”.
وأردف: “إذا كانت تلك القنابل أو الطائرات التي أسقطتها قد صنعت في المملكة المتحدة كما نظن، فإنني أخشى أن يجعل ذلك المملكة المتحدة متواطئة”.
ودعا أوهارا حكومة المملكة المتحدة إلى “الكشف عما حدث بالضبط في هذا الحادث”.
وقال أوهارا: “نحن بحاجة ماسة إلى الشفافية حتى نتمكن من رؤية تأثير مبيعات الأسلحة البريطانية المستمرة لإسرائيل على ذبح المدنيين الأبرياء”.
وكان النائب كولوم إيستوود، زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب العمل وآخرون غيره قد أثاروا مخاوف جدية منذ أشهر بشأن نظام تراخيص تصدير الأسلحة في المملكة المتحدة في ضوء القصف المستمر لغزة.
وقال إيستوود: “في هذه الحالة وفي حالات أخرى، كان رد فعل الحكومة البريطانية ناقصاً للغاية”، داعياً وزارة الخارجية ووزارة الأعمال والتجارة إلى الوقف الفوري لترخيص بيع الأسلحة وصادرات مكوناتها “حيث يوجد خطر من إمكانية استخدامها لمواصلة قمع الناس والمجتمعات في غزة”.
وتابع: “ما لم يحدث ذلك، وإلى أن يحدث ذلك، هناك خطر كبير من أن يُقتل الأطباء وعمال الإغاثة والمدنيون باستخدام هذه المكونات، ولا ينبغي لأحد أن يكون مستعدًا للوقوف في وجه ذلك”.